الأربعاء 26 يونيو 2024

بالصور: «السيلاج».. أخطر بديل لكُسب علف الحيوان

18-8-2017 | 01:08

تحقيق- عوض سالم وأماني محمد وأميرة كمال

 

يعد محصول الذرة بمختلف أنواعه من المحاصيل الزراعية الرئيسية في مصر ويدخل في المقام الأول في إنتاج الخبز، ويحظى بدعم كبير من قبل وزارة الزراعة، ولكن مع اختفاء الرقابة وانخفاض أسعار توريد المحصول وسط ارتفاع أسعار الخدمات والبذور، أقدم المزارعين على استخدامه في أغراض أخرى بعيدًا عن متطلبات الدولة وتوظيفها للمحصول، حتى وصل الأمر لفرم المحصول قبل نضوجه وبيعه علفًا للماشية.

فعلى خطى القمع، شرع الفلاحون في استخدام محصول الذرة كعلف للماشية بعد ارتفاع أسعار الأعلاف الرسمية فضلا عن تحقيق مكسب مادية مرضية.

 

وبحسب دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الزراعية، فإن "مصر تستورد نحو 65% من غذائها، من بينها نحو 9 ملايين طن قمحاً و6 ملايين طن ذرة على أقل تقدير، ومليون طن ذرة فول الصويا، ونصف مليون طن من الكسب ومليون طن زيتاً أو أكثر، ونستورد أيضاً ثلث حاجاتنا من السكر".

 

وكان الدكتور عبد المنعم البنا، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أعلن مطلع الشهر الماضي، أن سعر توريد الذرة الصفراء سيزيد 100% عن العام الماضى، إذ كان السعر فى الموسم السابق 1700 جنيه للطن سيُضاعف فى الموسم الجديد.

وأضاف "البنا"، أن الحكومة ناقشت وزيادة مساحات الذرة الصفراء، إذ نزرع 900 ألف فدان ذرة فى الموسم، ونخطط لزيادتها 350 ألف فدان أخرى بالصعيد.

 

«الهلال اليوم» في التقرير التالي خاض جولة بين مزارعي الذرة في بعض المحافظات لتعرف على حقيقة استخدام الذرة كلف للماشية ومراحل تحويلها لعلف وطرق بيعها للتجار وأصحاب "معالف المواشي".

 

فرم محصول الذرة قبل نضوجه بالشرقية

وسط المساحات الزراعية الشاسعة في محافظة الشرقية، والتي تتسع فيها زراعة محصول الذرة بعد رواج استخدامه علف للماشية وتأكد الفلاح من تحقيق الربح المناسب، يقول إبراهيم عبدالغني، أحد المزارعين، إن محصول الذرة لا يأتي بتكلفته في حال توريده للشون الحكومية لأن السعر المحدد لا يحقق جانب من الربع للفلاح، فيتم استخدامه علف للماشية والطيور بهدف التسمين المواشي، مشيرًا إلى استخدامه بعدة طرق مختلفة فيمكن حصادة قبل النضوج الكامل واستخدامه كـ"سيلاج"  أي فرم "عود الذرة كامل وعن طريق آلة مخصصة لذالك وبيعه لأصحاب المزارع أو طحنه بعد جفافه لتغذية الحيوانات والطيور.

 

الربح المادي يغري الفلاح

أما محمد شعبان، مزارع أيضًا بمحافظة الشرقية، يقول إن فرم محصول الذرة كاملًا قبل نضوجه بأسابيع قليلة وبيعه كـ"سيلاج" للمواشي يحقق ربحًا مرضيًا للفلاحين، لأن سيحقق وزنًا أكبر حيث يبدأ سعر طن “السيلاج” داخل الأرض الزراعية من 380 جنيهًا ويصل إلى 410 جنيهات، وإنتاجية الفدان تتخطى 30 طنًا، فيما يبيعه التاجر لأصحاب مزارع الحيوانات والمربيين بـ500 جنيه ويصل في بعض الأوقات إلى 550 جنيهًا حسب عمليات العرض والطلب، لافتًا إلى أنه في حال تفريغها بعد جفاف المحصول كاملاً وبيعها لن يحقق نفس الإنتاجية أو الربح لمالي، مؤكدًا أن أغلب الفلاحين يبيعون محصولهم علفًا للماشية وأصبحت تلك العملية منتشرة بشكل كبير في مختلف أرجاء المحافظة بين المزارعين، وأن الفلاحين يزرعونه خصيصًا لبيعه علفًا للحيوانات، مشيرًا إلى أن سبب إقبال التجار عليه لأنه مفيد للغاية في عملية التسمين وانخفاض سعره عن الأعلاف الأخرى.  

 

فلاحو الغربية يسمنون الماشية

بينما يرجع الفلاحون في محافظة القليوبية السبب إلى ارتفاع الأسعار والتي زادت من أعباء المواطنين، مؤكدين أن المزارع يعاني من عدم توافر الاحتياجات اللازمة لزراعة المحاصيل المختلفة, ونقص الماء والأسمدة الموجودة داخل الجمعيات الزراعية واضطرارهم لشرائها من السوق السوداء لتلبية احتياج المحاصيل، مؤكدين أن استخدام محصول الذرة علفًا للماشية مفيدًا للغاية في عملية التسمين، حيث يقوم الفلاحون في تربية بعض المواشي وتسمينها وبيعها بأسعار مرضية بما يحقق له عاد ربح مناسب، ويعتبرون ذلك مشروعًا مرضيًا ومربحًا للمزارعين.

 

واشتكى الفلاحون من غلاء أسعار البذور والوقود والذي يستخدم لتشغيل آلات الري والحصاد، كذلك زيادة أجور الأيدي العاملة من تكون مهمتهم إزالة الحشائش الضارة وتنظيف المحاصيل.

 

واعتبر المزارعون عملية بيع المحصول غير عادلة لأن التجار يضعون أسعار غير مرضية وأثمان بخس لا تلبي احتياجاتهم أو تحقق لهم أية عائد مادي، مما دفعهم لاستخدام محصول الذرة علفًا للماشية والطيور بعد طحنة بعدة طرق حسب استخدامه، بجانب زراعة الفول السوداني، بعد حظر الحكومة زراعة الأرز بسبب استهلاكه الكبير للمياه.

 

 محمود علي  صراف بالجمعية الزراعية بالقليوبية، يؤكد أن بذور الذرة تصرف من الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، ويختلف سعر البذور حسب أنواعها المتاحة وجودتها، مضيفا أن إنتاجية محصول الذرة  في الوقت الحالي جيدة جدا وبناء على الحيازة التي يمتلكها المزارع يحصل على الأسمدة التي يحتاجها.

 

 

شوقي هاشم، أحد المزارعين بالقليوبية، يقول إن أجود أنواع البذور هي "هايتك" لكن أيضا أسعارها مرتفعة جدا، مؤكدًا أن الهدف الأساسي من زراعة الذرة هو تغذية الحيوانات بـ"السلاج" لأنه أقل سعراً الأعلاف وأكثر فائدة للمواشي.

 

ويتابع:" بعض الفلاحين غير قادرين بالطبع على تحويل الذرة إلى "السلاج" نظرا لحالتهم المادية"، موضحا أن الحكومة لا تحدد المساحة المطلوبة للزراعة بل يحددها الفلاح حسب رغبته, ولا تقوم بتحديد سعر الأردب في نهاية موسم الحصاد بل يحدده التجار ويشترونه بثمن بخس، مشيرًا إلى أن زراعة الذرة لا تحقق ربحًا ماليًا بسبب غلاء الأسعار وعدم توفير احتياجاتها من مياه وأيدي عاملة وأسمدة".

 

انخفاض إنتاجية الفدان

عبد الكريم عثمان، مزارع بإحدى قرى القليوبية، يقول إن التجار هم من يحددون سعر "أردب الذرة" وأن أفضل فدان يُنتج 15  أردبًا فقط, مشيرا إلى أن المحصول لا يغطي تكلفته بسبب غلاء الأسعار، وعدم توافر الأسمدة اللازمة بالجمعية الزراعية مما يضطرون للجوء إلى السوق السوداء والشراء بضعف الثمن.

 

عبد الفتاح حجازي، أحد المزارعين، يقول إن العائد المادي في نهاية الموسم غير كافي مقارنة بما يبذله المزارع طوال الموسم، قائلا إنه في الوقت الراهن الأيدي العاملة غير متوفرة بنسبة كبيرة والأسمدة والمياه اللازمة لزراعة الأرض نادرة.

 

أما المزارع سليمان حسن، فيلجأ إلى زراعة فدان الذرة والفول السوداني لأن لهم طريق عديدة من الممكن أن يحقق منهما ربحًا، حيث أن "قش الفول السوداني يستخدم علفًا للماشية فضلا عن بيع محصوله للتجار وكذلك الذرة،  وسط ارتفاع تكلفة إنتاج الفدان.

 

فلاحو الإسماعيلية وتسمين الطيور والمواشي

وفي محافظة الإسماعيلية، يؤكد الفلاحون أنهم يستخدمون محصول الذرة علفًا للماشية وتسمين الحيوانات لبيعها خلال موسم عيد الأضحى المبارك لأن أقل تكلفة لتغذية المواشي وسط الارتفاع الرهيب في أسعار الأعلاف.

 

خالد.م، أحد المزارعين في الإسماعيلية، يقول إنه قبل بدء الموسم يحدد نوعية زراعته وغالبًا تكون الذرة لأنها تستخدم علف للحيوانات والطيور ويمكن بيعها قبل نضجها بما توفر بعض التكاليف المالية لي، مشيرًا إل أنه يقوم ببيعها لبعض التجار قبل قطفها وبيعها للتجار، والذين يستأجرون عمال وآلات معينة لفرمها وبيعها بالطن لأصحاب "معالف المواشي" لاستخدامها كعلف تسمين.

ولفت إلى أن أغلب المزارعين يلجأون لتلك الطريقة لبيع محصولهم لمربيين الحيوانات، مؤكدًا أنها مفيدة جدًا للتسمين وتحقق نتائج مبهرة أفضل من العلف المباع في الأسواق التجارية والذي ارتفع سعره بشكل كبير.

 

البرلمان يبرر استخدامها الذرة علفًا للماشية

النائب صبري يوسف داوود، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، يقول إن الهدف الأساسي من زراعة الذرة هو استخدامها علفا للماشية ولأنها تعطي إنتاجية ضعيفة، لذلك لجأ عدد كبير من المزارعين إلى هجرها والاتجاه لزراعة محاصيل أخرى أكثر إنتاجية كالملوخية التي تعطي محصولا وفيرا بمصاريف أقل.

 

وأوضح لـ«الهلال اليوم» أن زراعة الذرة الشامية أو الرفيعة تنتشر في الوجه البحري بشكل عام وبعض محافظات الصعيد والهدف منها إما للبيع أو استخدامها كعلف للحيوانات سواء قبل أن تنضج كاملا أو بعد النضوج لينتقل بعدها إلى مرحلة التكسير أو كما تعرف بـ"الدَش" داخل مدشات مخصصة لذلك بدرجات مختلفة لاستخدامها في أعلاف الحيوانات، وكل نوع له طريقة بحسب استخدامه فاستخدامه الدواجن يختلف عن تغذية الكتاكيت كذلك يختلف بالنسبة للمواشي والأغنام.

 

وأضاف "داوود" أن استخدام الذرة كعلف لا يؤثر على الإنتاج المحلي لأن كل مزارع يأخذ حسب احتياجه، قائلا إن الفدان الواحد ينتج نحو 6 أردب من الذرة على الأقل، وتحدد تكلفة زراعة الفدان حسب تكاليف الحرث والجمع وشراء التقاوي والأسمدة، وقد تصل تكلفة زراعته إلى 5 آلاف جنيه للفدان، وبذلك يعد مكلفًا ماديا وغير مجدِ للمزارع.

  

«الزراعة» تطلق يد الفلاح

الدكتور حامد عبد الدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، يقول إنه لا يتم إجبار المزارعين على بيع محصول الذرة لجهة معينة، وإن الدولة تضع في الحسبان أسعار بيع المحصول الزهيدة لذلك تسعى لشرائه من المزارعين كبقية المحاصيل.

 

وأكد لـ«الهلال اليوم» أنه يجري حاليا مشاورات داخل وزارة الزراعة لشراء محصول الذرة الصفراء لصالح اتحاد منتجي الدواجن لاستخدامه بشكل أوسع في الأعلاف، مضيفا أن إنتاجية الذرة وزراعتها في العام الحالي أكثر من العام الماضي، حيث بلغت مساحة الأراضي المزروعة منه نحو مليون ونص فدان، بعد أن كانت العام الماضي نحو970 ألف فدان فقط.

    الاكثر قراءة