الخميس 25 ابريل 2024

الداعية والخمار الفوشية

مقالات18-1-2023 | 22:41

لم أستيقظ على صوت الشيخ محمد رفعت الذي تستمع إليه أمي في صباح كل يوم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم أو إخوتي الذين ينشرون الضجيج في المنزل قبل ذهابهم إلى المدرسة معلنين رفضهم أن ينام أحد وهم ذاهبون إلى الجحيم كما كنا نعتبرها جميعا.. جلست بجوار أمي التي أعدت لي كوبا من الشاي بالحليب ولكني لم أرتشف منه رشفة واحدة؛ ما لفت انتباه تلك السيدة التي أخذت تتساءل عن سبب استيقاظي وشرودي.

بدأت أقص رؤياي على أمي وإذا بها تدخل في نوبة ضحك شديدة، وما لبثت أن ربتت على كتفي قائلة: «ربنا يهديكي يا بنتي».. وسرعان ما تحول هدوئي إلى ثورة «يعني أنا مجنونة!».. وبدأت أحزم أمتعتي استعدادا للسفر والامتحانات التي تنتظرني في قاهرة المعز، ولكن استمر شرودي وتفكيري في تلك الرؤيا طوال الطريق الذي كنت أستغله في قراءة بعض الروايات أو المذاكرة في أحيان أخرى.

حاولت أن أتناسى تلك الرؤيا واستعد للامتحانات، وبعد مرور 3 أيام، كنت أجلس في ساحة الجامعة؛ منتظرة دقات ساعتها العريقة لتعلن الثالثة عصرا ويبدأ الامتحان، وبمجرد أن رفعت عينياي عن الكتاب الذي كان بين يدي لمحت شخصا يلتف حوله عدد كبير من الشباب فظننت أنني عدت للتفكير في الرؤيا ثانية، وبدأت أفرك في عيناي ولكن المشهد ظل ثابتا ولم يتغير، فتوجهت إلى حيث يقف هؤلاء الشباب، وتعالى صوت في داخلي: «أنا مش مجنونة تعالي يا أمي شوفي.. لقد تحققت الرؤيا.. وها هو الداعية بشحمه ولحمه يقف في نفس المكان.. أنا مش مجنونة».

30 دقيقة كاملة وقفتها أمام الداعية، وخلال تلك المدة لم أسمع كلمة واحدة مما قاله؛ فكان كل تفكيري في «الخمار الفوشية» الذي كنت أرتديه واشترته لي أختي رغما عني بحجة أنه «موضة» وأنا لا أعلم عنها شيئا.

«أختااااااه.. احذري».. تذكرت تلك العبارة التي طالما استخدمها أساتذة هذا الداعية لتخويف السيدات والفتيات وإرهابهن من أبسط الأشياء حتى وصلت لألوان الملابس التي قد تكون سببا في سقوطهن من على الصراط كما زعم هؤلاء، رغم أن الشرع لم يلزم المرأة بلبس الأسود أو الغوامق فقط وطالب بأن تكون الملابس فضفاضة لا تشف ولا تصف، وتخيلت الداعية الذي لم أسمعه تطرق لهذا الأمر من قبل، وهو يشير إلىَّ قائلا: «أخرجوا تلك الفاسقة من هناااااا».. وسرعان ما انتبهت إلى الشيخ الذي أنهى حديثه وبدأ الشباب ينفض من حوله، ولم أدري كم مر من الوقت وهل فرغ أصدقائي من أداء الامتحان أم لم يبدأ بعد؟

Dr.Randa
Dr.Radwa