بقلم : ناصر جابر
لا يختلف اثنان على أن معظم الدراما التليفزيونية والسينمائية التى قدمت خلال السنوات الماضية رفعت شعار دراما العنف والمخدرات والقتل ... إلخ بصرف النظر عن تأثيرها السلبي عند المشاهد المصري والعربي وخاصة شريحة الشباب والصبية والاطفال .. وللأسف الشديد انعكس هذا جليا على سلوكياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية التى باتت مصدر توتر اجتماعي وبدلا من أن تلعب الدراما كما كانت في الحقبة الماضية دورا فعالا ومؤثرا في ترسيخ التصالح الاجتماعي والوئام الاسري من خلال حضها على قيم الاخلاق الحميدة والصداقة والتضحية وتقبل الغير ومواجهة الاختلافات بروح هادئة ومتعقلة فعلت الدراما العكس وأصبح الإنسان المصري لا يقبل ولا يتقبل الآخر وأول سلوك يتخذه العنف ورد الفعل العنيف .. أذكر ذلك بعد الواقعة المؤسفة التى حدثت في أحد أحياء مصر - حلوان- عندما تشاجر نساء جيران مع بعضهن البعض فقامت سيدة بتجريد فتاة من ملابسها تماما أمام أعين الجميع وأصبحت عارية فى قلب الشارع دون أن يؤثر في أحد هذا السلوك الشاذ عن مجتمعنا، والمحزن والمدهش ان مواقع التواصل الاجتماعي وكما جاء على لسان الجانية شبهت المشهد بمشهد مسلسل «الاسطورة» لمحمد رمضان عندما حاول الانتقام من خصمه فجرده من ملابسه وألبسه قميص نوم وكان مشهدا شديد القذارة والاستهتار من جانب صناع هذا المسلسل.
وإذا كانت هذه حال الدراما المصرية الآن سواء كانت دراما تليفزيونية أو أفلاماً سينمائية فإن المدهش والمحزن أيضا في معظم برامج التوك شو على معظم الفضائيات المصرية والعربية والتى تحظى بنسبة مشاهدة عالية عند كل أفراد الأسرة المصرية أنهم يصرون على عرض الجرائم العنيفة والشاذة بكل تفاصيلها مثل برنامج منى العراقي على القاهرة والناس (انتباه) وبرنامج ريهام سعيد (صبايا الخير) "وليس له من اسمه نصيب فلا صبايا ولا خير" .. مثل هذه البرامج تزيد من العنف في المجتمع بعرضها للجرائم بكل تفاصيلها الدقيقة والسؤال ماذا يفيد المشاهد عندما يتابع حلقات عن سيدة تحبس أمها العجوز والقعيدة دون طعام أو ماء وماذا ايضا يفيد المشاهد من حالات الاغتصابات وزنا المحارم ..الخ .فمثل هذه البرامج تلحق ضررا بالسلم الاجتماعي.
قد يرى البعض (خطأ) ان هذه حرية العرض والحرية في التعبير، اقول له هذا حق يراد به باطل أو في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب .. فقد اعتدنا مثلا في العصر الذهبي للسينما وايضا عندما كنا متصدرين الانتاج الدرامي التليفزيوني فى مشهد العلاقة الجنسية يستعين المخرج بريح شديدة وكسر أشياء ثمينة يدرك المشاهد أن هناك فعلاً جنسياً فهل من الحرية وحرية الإبداع ان نصور المشهد كاملا بكل تفاصيله كما يحدث الآن في معظم الافلام وحتى المسلسلات.
نحن ندق أجراس الخطر فإن الدراما والاعلام بهذا الشكل والاسلوب سوف يزيدان من نسبة الجريمة في المجتمع ويكونان معولا للهدم لا البناء.. لذلك نناشد المسئولين ومن قبلهم نناشد ضمائر القائمين على صناعة الدراما والإعلام ان للمجتمع حقاً عليكم .. أتمنى!