الأحد 9 يونيو 2024

هند صبري الأجرأ .. نجمات حولن المرض اللعين إلي أيقونة من الجمال

19-8-2017 | 13:17

تحقيق: هبة عادل

هل هو قدر بعض الأعمال أن تبقى عالقة فى الذاكرة.. مالكة للوجدان.. باقية فى الذهن إلى المنتهى؟!

الإجابة: نعم.

ولكن ليس ما يحقق هذا هو فقط جودة الكتابة أو روعة الإخراج أو براعة الممثلين ولكن عبقرية الخلود لهذه الأعمال تأتى من تكامل العناصر لتوصيل رسالة سامية.. يمر عليها الزمن ليكسبها عبقاً نادراً.

ونحن فى تحقيقنا هذا.. بصدد التعرض لواحد من هذه الأعمال.. عرض بعنوان "حلاوة الدنيا".

واقع

وحلاوة الدنيا.. وغيره من المسلسلات.. يتعرض لواقع حياة مريضة بالسرطان.. أو ما يعرف بالمرض اللعين أو الخبيث.. غير أن هذا المسلسل لم يكن الأول وحتماً لن يكون الأخير فى هذا التعرض.. وإنما سبق وقدمت أعمال أخرى تناولت نماذج لنساء أخريات تعرضن لهذه التجربة الأليمة.. غير أن ما يميز "حلاوة الدنيا" وجعلنا على خلفية هذا التميز نفتح الملف ونوجه أسئلتنا لنجومنا ومصادرنا.. هو كونه المسلسل الأول الذى يقدم هذه المعاناة من الألف إلى الياء.. فالمسلسلات والأعمال الأخرى تعرضت لبطلات هنا وهناك قدمن دور المريضة كخط داخل العمل وإن كان رئيسياً.. إلا أن خطوطاً وقصصاً وأحداثاً أخرى هى موضوع العمل ككل.. لكن "حلاوة الدنيا" وإن لم تكن له الريادة.. إلا أن تعمقه فى أدق التفاصيل وأخذ المعاناة برمتها كموضوع أساس يللعمل كان هو أشد ما يميز هذا المسلسل فى رأىى، فهل شاركتنى مصادرى الاعزاء هذا الرأى .. أم كيف وجدوا التجربة.. هذا ما تجيب عنه السطور القادمة..

فرح ليلى

مسلسل فرح ليلى والذى عرض عام 2013.. كان قد تعرض لقصة حياة فتاة جسدتها ليلى علوى.. تعيش مع والدها وشقيقتها بعد رحيل والدتها إثر إصابتها بمرض سرطان الثدى ولأن أسرة الوالدة مصابة بالوراثة بهذا المرض.. فخافت ليلى أن تتزوج فتصاب بالمرض وترحل عن العالم.. تاركة وراءها زوجاً «أرمل» وطفلاً يتيماً.. فقد أغلقت حياتها على نفسها ومشاعرها ورفضت الارتباط إثر هذا السجن الذى اختارته لنفسها .. ولكنها انشغلت بعملها ووالدها المريض وزواج أختها وفرحة صديقاتها .. مما رسم خطوطا متوازية داخل العمل الذى يعتبر ولا شك من أبرز النماذج فى هذا الموضوع.. المسلسل تأليف عمرو الدالى وإخراج خالد الحجر.. وعنه قالت ليلى علوى إنها كانت دائما تفكر فى موضوع سرطان الثدى.. ووجدت أن هذا المسلسل فرصة طيبة جدا لها كممثلة وكإنسانة .. ففرح ليلى هو أول مسلسل يوعى الناس والستات بكيفية الحفاظ على أنفسهن ويؤكد أن الوقاية خير من العلاج وأن المتابعة الدائمة واكتشاف المرض فى مراحل متقدمة يساهم إلى حد بعيد فى امكانية الشفاء.. وسعدت جدا بالعمل الذى جذبها من أول ما قرأته ووجدته عن قصة من الواقع الذى نعيشه وأنه عمل يقدم رسالة إنسانية هادفة تدعو إلى التفاؤل وطرد المخاوف.

ويقول مخرج "فرح ليلى" .. خالد الحجر: إن المسلسل قدم فى عام كانت البلد تمر بظروف متوترة فلم نشأ أن نقدم عملاً دراميا ثقيلا أو كئيباً.. فأوضحنا رسالتنا واخترنا أن نأخذ الجانب الإيجابى والمتفائل ونؤكد أن هناك دائما أملاً فى الحياة يمكن أن يغلب أي أزمة وكان هذا هو قدرنا واختيارنا.

أستاذ ورئيس قسم

وفى عام 2015 قدمت الفنانة لقاء سويدان دور مريضة سرطان.. فى مسلسل أستاذ ورئيس قسم أمام البطل الزعيم عادل إمام تأليف يوسف معاطى إخراج وائل إحسان حيث تظهر كمفاجأة فى أحداث العمل.. لتعود من سفرها من أمريكا ومعها ابن لتخبر عادل إمام أنه ابنها منه.. وعندما تتوالى الأحداث وتذهب لإجراء تحاليل إثبات نسب الطفل.. تكتشف انها مريضة بالسرطان وتذهب للعلاج فى فرنسا.. وتتوفى هناك.

قد جاء هذا الخط ضمن أحداث عمل الزعيم كأستاذ جامعة.. يتأثر بالأوضاع السياسية فى البلد قبل ثورة يناير 2011 ولما تقوم الثورة ينشغل بأحداثها وتأثيراتها على المجتمع.. ويظهر هنا خط النجمة لقاء سويدان ومرضها ضمن الأحداث.

وعن رأيها فى مسلسل "حلاوة الدنيا" تقول لقاء: المسلسل جميل من حيث تناوله لحياة مريضة سرطان بشكل رومانسى جدا وناعم، ومزج قصة حبها بالبطل ظافر العابدين وقدم أحداثاً لا تهين أو تؤذى مشاعر أى مريض أو مريضة تتابع العمل. وتعد خطوة جريئة من صناع العمل أن يكثفوا أحداث وتفاصيل المرض كلها فى المسلسل من الألف إلى الياء، وأوضحت كيف يحتاج المرض لمحاربين وعزيمة قوية ليعبروا الأزمة حتى يمن الله عليهم بنعمة الصحة والشفاء.. كما قدم المسلسل العديد من النماذج مثل ياسمين غيث وغيرها وكلهم قدموا فى شكل محترم ولطيف يشجع كل متابع ويقويه دون أى تجريح.

أريد رجلاً

وفى عام 2015 أيضا قدمت النجمة ندى بسيونى دور الأم.. الكاتبة الصحفية "نجوى" والدة بطلة العمل "مريم حسن" فى مسلسل أريد رجلاً.. للسيناريست شهيرة سلام والمخرج محمد مصطفى وبينما تستعد ابنتها لزفافها.. تفاجأ الأم بصداع رهيب يؤدى بها لاكتشاف إصابتها بمرض السرطان.. فتخفى الأم على ابنتها حقيقة مرضها خشية أن تجرح قلبها وتفسد عليها فرحة الزواج.. بينما تحاول الإسراع من اتمام مراسم الزفاف.. ولكن لا يحالفها الحظ وتتوفي قبل أن تحظي برؤية ابنتها العروس، وعن هذا الدور تقول بسيوني: عانت أمي من هذا المرض لأكثر من ثلاث سنوات وتوفاها الله.. وقد رسمت ملامح شخصية نجوي من خلال معاناة أمي وكيف كانت أعراض المرض وتفاصيله.. لكن للأسف لم أتابع مسلسل هند صبري ولكن سمعت انه مسلسل مهم جدا.

وأتذكر في هذا السياق فيلم «انت عمري» لنيللي كريم وهاني سلامة وكيف جسدا دور مريض السرطان بشكل متفوق جداً.

اختيار إجباري

ونجد في مسلسل اختيار إجباري عام 2017 من تأليف حازم متولي وإخراج مجدي السميري الممثلة التونسية ريم مسعود.. وهي تلعب دور زوجة البطل أحمد زاهر.. والتي تهرب منه وهي حامل في ابنه فيما لم تخبره بهذا الحمل وعندما تعود بعد سفر طويل.. يكون الابن قد كبر.. لكن والده يجده ويتعرف عليه ويتأكد من بنوته وفي هذا الوقت تكتشف الأم أنها مصابة بسرطان منتشر في جسمها كله .

ولما كان البطل يحبها حباً شديداً.. فيحاول تسفيرها للعلاج بالخارج.. لكنها وسط آلامها الشديدة تتوفي دون أدني استجابة للعلاج.. فيقرر زاهر الانتقام من نفسه.. ويستمر خط الانتقام من أصدقائه ورفاق عمره هو العمود الفقري لأحداث العمل الذي تأتي أحداث المرض في مجرد الخلفية كأحد خطوط الدراما في المسلسل الذي امتد 60 حلقة .

الأب الروحي

فيما قدمت النجمة الكبيرة «سوسن بدر» دور مريضة السرطان في مسلسل «الأب الروحي» حيث هي الزوجة وشريكة العمر للأب الروحي النجم محمود حميدة.. الذي يتاجر في السلاح وعندما يتوفي يترك لها إرثاً ضخماً من هذه التجارة الملعونة وأيضاً عدداً من الأبناء المتصارعين مع أطراف هذه التجارة ورجال أعمال متنافسين.. فتمرض الأم حزنا علي فراق الزوج ومشاكل الأبناء.. حتي عندما تتعافي من المرض وتعود من سفرها بالخارج سليمة تماماً يرتد إليها المرض مجدداً تحت تأثير الضغوط النفسية الكبيرة.

لكن طبعاً كان الخط الدرامي لمرض سوسن بدر هو مجرد خيط جانبي وسط أهوال من الصراعات والقتل والدم والتهديدات هي بطلة العمل الرئيسي.

ليلة

وفي أحداث مسلسل «ليلة» الذي عرض عام 2017 للبطلة رانيا يوسف.. تأليف هاني كمال وإخراج محمد بكر.. نجد النجمة الشابة ابتهال الصريطي تقدم دوراً صعباً ومعقداً جداً، وعنه تتحدث ابتهال قائلة: لعبت دور الفتاة نهي شابة في عمر 26 سنة.. تصاب بأورام خبيثة في الرحم.. فتضطر لاستئصاله.. ونسيان حلم الأمومة إلي الأبد مما يؤثر علي نفسيتها تماما ويجعلها شخصية يائسة ومتشائمة إلي أقصي حد.. وتتحول من فتاة مرحة محبة للحياة.. كلها انطلاق وحيوية إلي فتاة لا تعرف أدني شيء عن معاني التفاؤل والأمل حتي لا تستطيع النظر لكونه ابتلاء من الله.

وتقول ابتهال: أنا تعايشت مع محاربات أقوياء لهذا المرض اللعين وجدتهن متمسكات بالأمل إلي أقصي حد.. لكن «نهي» في «ليلة».. لم يكن لينقذها من تشاؤمها وكرهها للحياة إلا الحب.. الذي وجدته عندما تقدم لها أرمل هو النجم أحمد صيام ولديه طفل فرأت أنها تقبله علي عيبه مثلما قبلها هو بعيبها وأن تعيش التحدي والحياة بحلوها ومرها ولكنها تحبه بالفعل.. وعندما يرحل عن الحياة تكمل هي تربية ابنه الذي تعتبره تعويضاً إلهياً لها.

وعن مسلسل حلاوة الدنيا تقول ابتهال: فكرة وجود مسلسل بالكامل يدور حول مريضة سرطان هي فكرة جريئة وشجاعة من صناع العمل لاسيما وأنه عرض في رمضان وربما لا يستهوي الناس مثل هذه النوعية من الأعمال الدرامية الثقيلة، لكنه مسلسل قدم واحدة من أصعب المشاكل لكن بشكل لذيذ وبسيط وكان يجب أن تسلط الأعمال التليفزيونية علي مشكلة كبيرة تفشت جداً في مجتمعنا الآن وهم نجحوا أن يقدموها في قالب رومانسي امتزجت فيه مشاعر الحب مع الصداقة مع الجيران وقدمت رسالة سامية جدا.

حلاوة الدنيا

كيف يقيم صناع العمل «القنبلة» عملهم من وجهة نظرهم وما هو سر تميز «حلاوة الدنيا» للمخرج حسين المنباوي حسبما يرون.. السيناريست تامر حبيب وهو المشرف علي ورش الكتابة التي اشتركت فيها سناء عبدالصمد وإنجي القاسم واللتان لا يلغي تامر مجهودهما وموهوبتهما أبدا ويقول إنهما تكتبان بنفس روحه وشبهه بالصدفة.. وعن العمل يقول تامر إن فكرة أن مرضاً يظهر في حياة فتاة - عروسة - ليقلب حياتها هي فكرة مثيرة ومؤثرة في وجدان الشعب المصري.

وكون الحلقات تستمر بناء علي هذا الوضع وكيف تتعامل هذه الفتاة وأسرتها مع هذا القادم الثقيل ويحاول الجميع التعايش مع المحنة حتي تمر بشكل إيجابي دون اكتئاب وسط تهديد المرض - لم يكن هذا أمراً سهلاً.. ولم تكن هناك أسماء أخري كانت قد رشحتها الشركة المنتجة غير هند التي قدمت العمل والدور والشخصية بشكل مبهر وتلقائي يدخل القلب مباشرة والتي قررت بدورها أن لا نكون «نكديين» ولكن هدفنا أن نعطي جرعة حب بأشكاله المختلفة بين الحبيبين والأصدقاء والأخوات والجيران.

وقد راعينا أن الموضوع حساس وموجود اليوم في كل بيت فكان تناوله والتعامل معه بنفس القدر من الحساسية بعيداً عن الميلودراما وهو ما جعله يصل كما قلت مباشرة إلي قلب المُشاهد.

الجميلة

أما الجميلة هند صبري والتي أقدمت علي رهان صعب.. ليس لها فقط.. ولكن هي «خانة اليك» التي وضعت فيها الآن كل من تحاول الاقتراب مجدداً من تناول هذه القضية الصعبة وذلك بعد النجاح الساحق والذي حققه «حلاوة الدنيا».. والذي تري فيه هند عملاً يدعو للتفاؤل الذي يجب أن تتحصن به كل مريضة بهذا المرض.. وأنه قدم بعيدا عن أي كآبة كما وجد البعض، بالعكس تراه هند جمع بين الكوميديا والجد في كل المواقف التي مرت بها هي أو أسرتها .. وانها أسرة كمثل أسر عديدة تعيش هذه الأزمة التي طالت الآن كل بيت وبالتالي هو مسلسل اجتماعي إنساني ليس فقط عن المرض في حد ذاته والعمل في النهاية يقول كيف تعيش حلاوة الدنيا مهما كانت قسوة الظرف التي تمر به سواء كان مرضاً أو أزمة مالية أو أي احباط من أي نوع.

ومن جانبنا نذكر أن جهات عديدة كانت ومازالت تكرم هند صبري وأسرة مسلسل «حلاوة الدنيا» التي تري انه قدم خطوة إنسانية راقية وطرحاً جديداً علي الدراما فيما يخص مرض ومريضات السرطان واعطاءهن أملاً في الشفاء والحياة من جديد.

وفي عودة للحديث عن تميز مسلسل «حلاوة الدنيا» نتوقف مع رأي الناقدة الفنية خيرية البشلاوي التي تري أن سر نجاح هذا المسلسل أنه قدم شخصيات من «لحم ودم» وفي تعرضه لأزمة مريضة سرطان لم يضعنا أمام «مقصلة» ولم يقل إن الموت هو النهاية الحتمية لهذا المرض وأن كل من يبتليه الله به مصيره هو الحكم بالإعدام ولكن الشفاء في العديد من الحالات أصبح أمراً واردا جدا مع تقدم الطب وبالتالي لم يعرض الأزمة والمحنة بشكل فج ولكن رسم المعاناة بصورة لطيفة ومقبولة اجتماعيا ونفسيا وأشار لأهمية وجود وقوف الأسرة بشكل إيجابي بجانب مريضها لأن رفع الروح المعنوية لهذا المريض جزء أصيل من علاجه وشفائه.

بخلاف أنه قدم قصصاً رومانسية داخل العمل سواء ما عاشته البطلة هند صبري مع ظافر العابدين وكذلك قصص بطلات أخري في العمل كشقيقات البطلة ومن ثم فهو مسلسل عائلي بنسبة 100% وجاء المرض كجزء منه داخل أحداث كثيرة وكون المرض والمعاناة جزءاً وخطاً رئيسياً في العمل إلا أنه لم يكن كئيبا ولا مستحوذا بشكل طاغ يجعل المشاهد يهرب منه فعالج أشد الأمور قسوة بشكل متفائل وبدون حرمان من متعة المشاهدة التي اسميها بالمشاهدة «المسكرة» وهي التي تضع المواد الجامدة أو القاسية وتعرضها في إطار حيوي جدا كما وجدنا هنا مشاعر الأم والجدة والجيران والصديقة وكل العلاقات الحميدة التي صنعت توازناً وتكاملاً بديعاً لعمل شديد الجودة.

***

وللطب حديث .. د. دينا عبدالمنعم:«حلاوة الدنيا» مغامرة قدمتها هند بذكاء شديد

تقول الدكتورة دينا عبدالمنعم رئيس وحدة علاج الأورام بأحد المستشفيات الخاصة: من خلال معايشتي لمريضات هذا المرض طوال سنوات طويلة أعرف تماما مدي المعاناة التي تعيشها أو يعيشها المريض وكذلك يمر بها معه كل من حوله وكنت أتابع مسلسل «حلاوة الدنيا» وأقول إنها مغامرة كبيرة يخوضها فريق عمل هذا المسلسل تصل إلي درجة الخطورة لاسيما وأن العرض كان في شهر رمضان الذي ينتظر فيه المشاهدون نوعية أخري تماما من الأعمال فتصورت أن العمل سيكون مرهقاً لكل بيت داخله مريض أو مريضة سرطان ومخيفاً لكل أسرة تتابع وهي علي محك مع قدر ربما ينتظر أحد أفرادها بين لحظة والأخري، لذلك أري أن العمل قدم بشجاعة وإيجابية شديدة حياة هذه المريضة وكم الدعم الذي تحتاجه من كل من حولها لتعبر محنتها التي صارت الآن مع التقدم العلمي والطبي أمراً ممكناً جداً.

وهند صبري في هذا الإطار قدمت «دور هايل» واستطاعت بذكائها وذكاء فريق عمل متكامل من خلفها أن تجذب الجمهور من كل القطاعات وأوضحت كيف يمكن للمريضة أن تقع وتنهار نفسياً وترفض أن تمر برحلة العلاج.. وكيف تقوم وتقاوم وتستمر وتكمل حياتها بعد خوض المعركة الشرسة والخروج منها بنجاح وسلام بفضل الإيمان بالله قبل العلم والطب وبفضل الطاقة الإيجابية التي يبثها فيها من حولها والجميل أن المسلسل أوضح مراحل المرور بالمعاناة والخوف ولحظات الضعف التي تتمكن أحياناً كثيرة من المريضة لكن أظهرها بدون «بهدلة» فخرج الدور بعقل شديد وبحساب ورقي كان لابد وأن يجعل منه أكثر المسلسلات والأعمال تميزا في هذه المنطقة الصعبة.

***

حلاوة الدنيا .. من قلب الجرح

«ساعات حلاوة الدنيا تطلع من قلب الجرح.. واللي داق العذاب يقدر يعني إيه الفرح».. بهذه الكلمات العذبة تغنت المطربة شيرين في أحد مقاطع تتر بداية مسلسل «حلاوة الدنيا».. التي يمكن بالفعل وبفضل الله أن تخرج بحق.. من قلب الجرح والألم والحزن وحتي المرض.. وهذه الفكرة هي ما عبرت عنها حلقات المسلسل البديع «حلاوة الدنيا» لنجمته المتميزة الجميلة هند صبري.. هند التي كانت كطائر في السماء.. يغرد فرحاً وهي تستعد لحفل زفافها علي من تحب.. لتفاجأ بين غمضة عين وانتباهتها أنها مريضة بسرطان الدم لتتحول حياتها أو لنقل لتنقلب رأسا علي عقب.. فلم يعد الخطيب موجودا ولا الصحة ولا العمل ولا الفرحة ولا الأمل.. لتعيش بطلتنا ونحن معها باندماج كلنا شركاء في صناعته أحداث هذا المسلسل الذي استطاع بوعي شديد أن يأخذنا إلي أدق أدق تفاصيل حياة مريضة بهذا المرض اللعين.. وكيف انها تعيشه ومعها أسرتها وجيرانها وكل من يعرفها لتعبر أزمتها الرهيبة وتنجو من محنة دونها الموت.. هند تتعرف من عمها طبيب الأورام المتخصص علي ماهية مرضها وتدخل بيت أسرتها المكون من والدتها وجدتها وشقيقتها لتعيش أياما حاملة رعبها دون الافصاح عن الحقيقة.. إلا عندما تستفزها شقيقتها الصغري فتصرح «أمينة» أنا فيا «زفت» أنا فيا كانسر وكأنه البركان وقد انفجر ثم يعود ليتحسس خطواته ما بين الانفجار والرغبة في ألا يحدث عندما يأتي الدور ليعرف الخطيب «هاني عادل» بمرض خطيبته وفيما بكت أختها قائلة يعني إيه أمينة مش هتبقي موجودة؟! نجد صراعا داخليا يتغلغل داخل صدر الخطيب بين حبه لها وخوفه من تحمل تبعات اتخاذ قراره باستكمال العلاقة التي قد يودي بها الموت يوما ما.. وبين جدلية الصراع بين الخوف والأمل تتقدم الأحداث بين رفض العلاج والرغبة في الحياة.. تدخل أمينة المستشفي وتتلقي أقسي أنواع العلاجات الطبية حيث «الكيماوي» وأعراضه اللعينة وهنا تقرر أمينة في مشهد من أصعب مشاهد المسلسل أن «تحلق» بيدها شعر رأسها حتي تتجنب انتظار تلك اللحظة المميتة لكل امرأة وهنا تظهر جرأة هند المتناهية في الظهور بهذا الشكل وبمنتهي الشجاعة حتي أنها هي التي تشفق علي أمها «أنوشكا» عندما تقف خلفها في المرآة حزينة فتقول لها «لسه ما اتعوديش»!

وتذهب أمينة مع صديقة عمرها «حنان مطاوع» ومع اختها لتشتري «باروكة» وبالرغم من كآبة الأحداث وقدرتها علي انتزاع الدموع من عيون متابعيها إلا أن إيقاع الأمل والمرح كان يملأ العمل برشاقة في الكتابة تحسب لصناعها بالطبع، تقول أمينة لوالدتها علي خطيبها الذي يتركها.. الشيلة تقيلة.. حتي علي أنا مبقتش عارفة نفسي.. وكأنها في التماس العذر له قد فتحت لنفسها آفاقاً من الواقعية والتصالح مع الحدث الجلل ويساعدها في ذلك دخولها وسط جماعة من الناس لديهم نفس المعاناة وذات الحرب الشرسة علي المرض فتتعرف علي ظافر العابدين الذي يعاني سرطان المخ وتتوالي الأحداث برشاقة لتنسج قصة حبهما.. فزواجهما فشفائهما برومانسية ناعمة ومشاعر حالمة قادرة أن تذيب كل حصون الألم وبراثن الحزن الدفينة وفي لقاء تليفزيوني مع أمينة.. بعد شفائها تتفوه بكلمات نابضة تلخص هدف المسلسل كله وهي تقول عرفت وأنا أيام «العيا» يعني الأكل يبقي له طعم - يعني إيه أنام 6 ساعات .. عرفت قيمة فكرة أنك تضحك وسط الأزمات .. عرفت يعني إيه حظي حلو عشان شوفت تفاصيل في الحياة مكنتش ممكن أعرفها إلا لما رجعت للحياة بعد رحلة مع الموت.