تحقيق : بسمة أبو العزم
بطاقة التموين للغلابة مسألة حياة أو موت، لا تشغلهم سياسيات عامة ولا توجهات اقتصادية طالما ظلت البطاقات التموينية فى جيوبهم وسلعها مضمونة أول كل شهر.
ولهذا لا تتوقف الجماعة الإرهابية وخلاياها وميليشياتها الإلكترونية عن استغلال أى فرصة لإثارة غضب أصحاب البطاقات، مرة بإلغاء سلع على البطاقة، ومرة أخرى برفع أسعارها، لكن هذه المرة تحولت البطاقة التموينية إلى فتنة أشعلها الإخوان بشائعة خروج كل من يزيد دخله على ١٥٠٠ جنيه من تحت مظلة البطاقات التموينية.
الفتنة الإخوانية الخبيثة هذه المرة كادت تحقق مرادها خاصة أن التصريحات الصادرة من وزارة التموين لم تكن واضحة، فالوزير تحدث عن عدم منح بطاقات تموين لكل من يزيد معاشه على ١٢٠٠ جنيه أو الموظف الذى يزيد راتبه على ١٥٠٠ جنيه، ورغم أنه أو أصحاب الأعمال الحرة الذين يزيد دخلهم على ٨٠٠ جنيه رغم أن الوزير كان يقصد أن هؤلاء لن يكون من حقهم الحصول على بطاقات تموينية جديدة.
لم يكن يقصد الوزير أن هذه المعايير ستطبق على حملة البطاقات الحاليين، فهولاء لن يمسهم أحد، ولن تسحب منهم بطاقاتهم، لكن غموض تصريحات الوزير أعطى ميليشيات الإخوان الفرصة لتلعب على إشعال الفتنة فى الشارع، ولولا سرعة التدخل الحكومى والتوضيح وتكذيب الشائعات الإخوانية لزاد حجم الغضب بين الغلابة.
الأهم من هذا أن كلام الوزير على مصيلحى والذى لم يكن له مبرر فى هذا التوقيت، فتح الباب مجدداً للحديث عن أمر آخر، وهو من يستحق بطاقات التموين، وهل الـ ١٥٠٠ جنية للموظف او الـ١٢٠٠ جنيه للمعاش كافية كى يحرم من الحصول على بطاقة تموينية، فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار.
هذا السؤال يتطلب إجابة حكومية عاجلة فقبل أن يزيد استغلاله إخـوانيا ومن كارهى الدولة لإشعال الفتنة من جديد، خاصة أن المترصدين لوزارة التموين وقرارتها كثر فى مقدمتهم الإخوان الذين يعلمون تأثير البطاقات التموينية، وأسعار السلع على محدودى الدخل والفقراء والموظفين ثم يأتى بعدهم بعض أصحاب المصالح الخاصة من بقالى التموين وأصحاب المخابز المدعمة ومسئول التموين الرافضين للوزير مصيلحى.
بالتأكيد أخطأ على المصيلحى بإصداره هذا القرار الاستثنائى فى هذا التوقيت لأنه ساهم فى الترويج للشائعة رغم كونه قرارا قديما سبق أن أصدره على المصيلحى خلال ولايته السابقة بوزارة التموين عام ٢٠٠٩، كما أنه يعلم تماما أنه خلال بضعة أشهر ستقدم لجنة العدالة الاجتماعية بمجلس الوزراء معايير جديدة لتحديد مستحقى الدعم وبالتالى انتهاء فتنة بطاقات التموين بيد لجنة العدالة الاجتماعية وليس بيد الوزير.
فوزى عفيفى مدير عام السلع الغذائية وشئون البطاقات بوزارة التموين والتجارة الداخلية طمأن المواطنين مؤكدا أنه لن يتم حذف أى مواطن لديه بطاقة تموين ومنتظم فى الصرف مهما كان راتبه، لكن شرط ١٥٠٠ جنيه للموظفين و١٢٠٠ جنيه للمعاشات ينطبق على المتقدمين لاستخراج بطاقة تموينية لأول مرة ولكننا نستثنى شرط الحد الأقصى للدخل لجميع أصحاب الأمراض المزمنة وذوى الاحتياجات الخاصة، كما أن قرار وزير التموين الخاص باستخراج البطاقات بشكل استثنائى لفئات محدودى الدخل هو تفعيل لقرار موجود مسبقا، ليس هذا فحسب, إنما تجرى الوزارة حالياً دراسة لإعادة النظر فى شرط الحد الأقصى المقرر بـ ١٥٠٠ جنيه للموظفين المتقدمين للحصول على بطاقة لأول مرة، فندرس زيادة المبلغ وفقا للحالة الاقتصادية وأسعار السلع إلى جانب ضوابط أخرى ستكون كلها فى صالح المواطن وسيتم تطبيق ذلك بعد الانتهاء من تدقيق البيانات والتحديث لمعرفة عدد المحذوفين بسبب ازدواجية الصرف أو وفاة البعض وكذلك السفر للخارج لتحديد المبالغ المتوفرة، والتى تساعدنا فى إضافة المزيد من مستحقى الدعم، أما أصحاب البطاقات الحالية فلا علاقة لنا بهم طالما أن بيانات بطاقاتهم سليمة فهناك لجنة العدالة الاجتماعية مسئولة عن تحديد شروط استحقاق الدعم ولم ترد إلينا حتى الآن تفاصيل تلك المعايير .
فوزى أشار إلى أنه من الصعب توقع عدد المتقدمين لاستخراج بطاقات جديدة ممن تنطبق عليهم الشروط الاستثنائية لكنها ستكون أعدادا محدودة، خاصة أن أغلب الأسر المصرية لديها بطاقات تموينية فهناك ٧٠ مليون مستحق مسجلين على نحو ٢٠ مليون بطاقة، بخلاف إضافة المواليد الجديدة والتى نقوم بحصرها لكننا ننتظر إقرار موازنة خاصة بها .
أكد فوزى أن الوزارة ليست ضد أصحاب البطاقات ولا تسعى لمنع أى مواطن منها بل على العكس وصل الحرص على مصلحة أصحاب البطاقات لدرجة أن وزير التموين أصدر تعليماته بأن يكون تسليم البطاقات للمواطنين مسئولية مدير المديرية شخصيا بالاشتراك مع مباحث التموين مما أدى إلى عدم ورود أى شكوى من أى مواطن بأن البطاقة تم فقدها من المكتب كما كان يحدث مسبقا.
فوزى أكد أيضا أن مشكلة البطاقات الورقية جارى إنهاؤها لتصدر جميعها كذلك بدل التالف والفاقد وفقا لخطة محددة مع الشركات الثلاث,مشيرا إلى أن البطاقات الورقية متواجدة فى ١١ محافظة فقط وبالفعل طبعنا ٥٠ ألف بطاقة وجار إصدار ١٠٠ ألف بطاقة أخرى الأسبوع القادم لتكون فى يد المواطنين خلال أيام من وصولها لمديريات التموين, مع العلم بأننا طبعنا نحو ٧٠٠ ألف بطاقة ورقية وبدل تالف وبدل فاقد خلال الفترة من ١٩ فبراير حتى ٣٠ يونيه وعلى المواطنين التقدم لمكاتب التموين لاستلام بطاقاتهم, كما نحذر أصحاب البطاقات من تركها لدى بقال التموين أو صاحب المخبز لأنه فى حال ضبطها سيتم حذفها من النظام بشكل نهائى.
وعن تحديث بيانات البطاقات التموينية لنحو ١٩ مليون مواطن أشار مدير عام البطاقات إلى أن التحديث كان يستهدف ٤,٥ مليون أسرة تضم ١٩ مليون فرد وما تم تحديثه حتى ١٥ يوليو ٤,٨ مليون أسرة وتلك الزيادة ناتجة عن قيام بعض أصحاب البطاقات السليمة بتسجيل بياناتهم للتحديث على الإنترنت, وبالفعل عدد المتقدمين للتحديث عن طريق النت ١,٥ مليون بطاقة ومكاتب البريد استقبلت ٣,٣ مليون بطاقة, كما أنه بعد مد المهلة لمدة أسبوعين زاد العدد بنحو ٦٥ ألف بطاقة، وبالتالى وزارة التموين لاترغب فى حذف المواطنين بل تسعى لعمل قاعدة بيانات شاملة ودقيقة بالتعاون مع الإنتاج الحربى للقضاء على أى تلاعب فى الدعم .
فوزىأرجع الشائعات الأخيرة إلى سوء فهم البعض لكننا نؤكد دائما أنه لا مساس بأصحاب البطاقات الحالية ولجنة العدالة الاجتماعية، وحدها المنوط بها تحديد شروط استحقاق الدعم ونحن علينا التنفيذ .
من جانبه أكد حمدان طه رئيس قطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين سابقا أنه من الأفضل عدم الحديث حاليا عن شروط استخراج بطاقات تموين جديدة والمستحقين خاصة أن لجنة العدالة الاجتماعية، والتى تضم أربع وزارات وهى التخطيط والتضامن والتموين والمالية لم تنته بعد من وضع الشروط المحددة لمستحقى الدعم.
حمدان كشف أن القرار الاستثنائى الأخير لوزير التموين بشأن استخراج بطاقات تموينية لمستحقى معاش الضمان الاجتماعى وعمال التراحيل وأصحاب الأمراض المزمنة وأصحاب الدخول المتدنية فى القطاع العام والمعاشات، ليس جديدا فهو نفسه القرار رقم ٨٤ لسنة ٢٠٠٩ للأسر الأولى بالرعاية وكان وقتها وضع مبلغ ١٥٠٠ جنيه للعاملين بالقطاع العام و١٢٠٠ جنيه للمعاشات رقما كبيرا وله قيمته فهو يعادل حاليا أربعة آلاف جنيه، خاصة أن التعويم أفقد الجنيه الكثير من قيمته وبالتالى فتلك المبالغ لم تعد مقبولة لتحديد مستحقى الدعم لكن قرارالرئيس وسيلة سريعة لمساندة المعدمين لحين انتهاء لجنة العدالة الاجتماعية من عملها.
فى سياق آخر اعترض د. محمد أبو شادى وزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق على أن تكون الوزارة المسئولة عن تقديم الدعم للمواطنين والممثلة فى وزاة التموين أن تكون هى نفسها الجهة التى تصدر قرارات تحدد مستحقى الدعم فهذا الأمر يتطلب توافقا مجتمعيا، فلدينا برلمان وبالتالى على الوزير تقديم مقترحه فى ضوء إمكانيات الدولة إلى نواب الشعب مع خلق حوار مجتمعى بالاستعانة مع جمعيات حماية المستهلك والاستعانة باستطلاعات مركز معلومات مجلس الوزراء والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء .
أشار أبو شادى إلى أن قرار على المصيلحى ليس بجديد فسبق أن أصدره خلال وزارته الأولى قبل ثورة يناير، وجاء طرحه الآن على الساحة لتفعيل القرار وفتح الباب للفئات المعدمة، وهو أمر جيد ويؤكد حرص الدولة على الفئات الدنيا، لكن وضع نفس الشروط المادية بعد مرور أكثر من ٨ سنوات أمر غير عادل خاصة بعد تغيير قيمة العملة عقب تحرير سعر الصرف أيضا ارتفاع قيمة الجمارك ومعدلات التضخم التى تجاوزت ٣٠ بالمائة .
استكمل أبو شادى حديثه قائلا إننى رفضت إصدار أى قرار بشكل إدارى فردى يخص مستحقى الدعم بعد قرار د. على المصيلحى حينما كنت وزيرا للتموين لكننى بدأت بخطوة فلترة البطاقات التموينية من غير مستحقى الدعم ومازالت الحكومة تسير فى نفس الاتجاه لتصل فى النهاية إلى الضوابط التى يقبلها المجتمع، وبالفعل قبل خروجى من المنصب نجحت فى توفير قاعدة بيانات صحيحة تقدمت بها لمركز معلومات مجلس الوزراء تضم جميع أسماء المتوفين والمهاجرين والعاملين فى الخارج لعمل إيقاف مؤقت لهم والغريب وقتها ملاحظتنا بأن عدد المهاجرين خلال عشر سنوات ماضية لم يتعد٤٤١ فردا.
لم يستبعد د. أبو شادى تدخل الإخوان بقوة لإشعال فتنة بسبب البطاقات التموينية وإثارة الرعب فى الشارع والترويج لأكذوبة خروج من يزيد دخله على ١٥٠٠ جنيه من مظلة الدعم لإثارة غضب الشارع مستغلين حالة استياء العامة من ارتفاع الأسعار، وما يحدث حاليا ليس المرة الأولى فخلال تحملى مسئولية وزارة التموين قامت خلاياهم النائمة داخل أركان الوزارة، وكذلك المنتمون إليهم من أصحاب محال بقالة تموينية ومخابز فى الترويج لعدة شائعات ومنها إلغاء الدعم, وأحيانا رفع أسعار بعض السلع وأوقات أخرى التلويح بحذف بعض السلع الأساسية من البطاقات ورفع سعر رغيف العيش، ونفس الأمر يتكرر حاليا فالخلايا النائمة للإخوان مازالت موجودة وتلعب بقوة على شائعات تخص الدعم لإثارة الغلابة، لكنهم لن ينجحوا لأن الشارع المصرى لديه وعى تام بحجم المؤامرات الخارجية والداخلية المحيطة به .
من جانبها أكدت سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك أنه فى ظل الظروف الحالية الجميع فى حاجة إلى بطاقات التموين فهى سلاح قوى وقت الأزمات بدليل أزمة السكر التى تضرر منها بقوة غير حائزى بطاقات التموين أيضا الخبز المدعم تقوم الحكومة بمراقبة إنتاجه وبيعه، لكن للأسف سوق الخبز الحر غير منظم فيتم استغلال الجميع لذا هناك اتجاه قوى من جميع الفئات حتى الطبقة الوسطى للتقدم للحصول على بطاقة لحمايتهم من جشع أصحاب المخابز فهم لايلتزمون بوزن عادل، وكل ذلك يتم فى ظل انعدام رقابة الحكومة وبالتالى يجب تغيير اسم وزارة التموين والتجارة الداخلية إلى وزارة التموين والدعم لعدم قدرتها على ضبط الأسواق .
اعترضت بقوة سعاد الديب على تحديد ١٥٠٠ جنيه كشرط للحصول على بطاقة التموين مؤكدة أن هذا المبلغ يعادل ٧٠٠ جنيه قبل الدعم وللأسف مع تآكل قيمة العملة أصبحت رواتب العاملين بالدولة غير مجزية فى ظل الارتفاع الجنونى فى الأسعار, حتى الزيادة الأخيرة فى قيمة دعم السلع إلى ٥٠ جنيها للفرد لا تعادل أكثر من ١ بالمائة من زيادة أسعار السلع, وبالتالى يجب رفع سقف الحد الأدنى لكل الراغبين فى بطاقة التموين والتى يجب أن تتراوح بين ٢٥٠٠ جنيه و٣ آلاف جنيه وللأسف تلك المبالغ تمثل الحد الأدنى لحياة الفقراء ومستحقى الدعم .
الديب شككت فى عدد المستفيدين من بطاقات التموين والتى أعلنت الحكومة مرارا على تجاوزه ٧٠ مليون مواطن مؤكده أن هناك مئات الأسر متقدمة منذ سنوات ولم تحصل على البطاقة التموينية، أيضا لاتوجد دراسة حقيقية لعدد الأسر الأكثر احتياجا .