بقلم – أكرم السعدنى
كارثة القطار التى شهدناها فى الأسبوع الماضى وراح ضحيتها عدد كبير من الطيبين البسطاء من أبناء مصر ينبغى ألا تمر مرور الكرام.. وقد استمعت إلى تصريحات السيد الوزير المتبسم بلا داعٍ وزير النقل، وترحمت على أيام الرجل الفاضل د.جلال السعيد الذى شغل منصب محافظ القاهرة، ثم صعد إلى منصب وزير النقل، وكان يعمل فى صمت، ويتلقى النقد بصدر رحب، ويقابل منتقديه بكل المراحب الحارة، باعتبار أن كل أصحاب القلم من الذين يتوجهون بالنقد إلى أى مسئول هدفهم الأوحد هو الوصول إلى أفضل أداء وأعلى خدمة وتصحيح المسار ما أمكن، ولكن د. جلال السعيد لم يكن له حظ من اسمه، فقد تم استبعاده لأسباب لا يعلمها سوى علام الغيوب،
وجاء السيد الوزير المتبسم الذى يهوى الكلام، فإذا أمسك بالميكروفون سرح فى الحواديت والحكايات، وأتذكر أول مرة التقى سعادة الوزير بالميكروفون حكى للناس مسيرته المظفرة لافتتاح أحد الطرقات الجديدة، وكيف أنه انطلق بالسيارة بسرعة رهيبة ثم توقف لوهلة وقال. بس ربنا يستر مايكونش الرادار اخد رقم العربية ثم رسم على وجهه ابتسامة عريضة، أنا شخصيًا فسرتها على أنها علامة على أن معالى الوزير تصور أنه يتكلم مع عالم هبلة وعبيطة، لا يفهمون شيئا، وليس هناك أمل فى أن يفهموا أى شيء فى قادم الأعوام، وأعود إلى تصريحات السيد المتبسم وأقول.. إنه توعد الجميع من الكبير إلى الصغير بأنه لن يفلت أى أحد من العقاب من هؤلاء الذين تسببوا فى هذا الحادث الذى وصفته كل وسائل الإعلام بالحادث الأليم.. والحق أقول إن الوزير بالفعل جاد فى كلامه وحاد أيضًا فى تصريحاته، فالكارثة كبيرة وحكاية دخول قطارين على نفس الخط الحديدى أصبح أمرًا عاديًا فى بلادنا المحروسة، كأنك تلقى السلام كل صباح على بواب العمارة التى تسكن فيها، أو تسلم على زملاء سعادتك فى الشغل، ولهذا فإن العيب فى حقيقة الأمر ليس فى الموظفين لا الكبير منهم ولا الصغير، ولكن فى نظام النقل بالسكك الحديد بأكمله، وأول خطوة على طريق إصلاح هذه المنظومة المخروبة، علينا أن نستعين برجل فى همة وحماس وقوة وحزم كامل الوزير، وياحبذا لو أسندنا إلى الرجل وهو فى منصبه العسكرى مسئولية إعادة تأهيل سكك حديد مصر، التى كانت أول سكك حديد فى العالم بعد بريطانيا العظمى فى عصر الأسرة العلوية، التى ظلمناها ظلمًا “بيّنًا”، وبالتأكيد اللواء كامل الوزير الذى تولى مشروعات كبرى فى بر مصر منها قناة السويس والتى من أجلها تم إنشاء خط السكك الحديد فى مصر.
أقول.. لو أن المهمة أسندت إلى اللواء كامل الوزير، فسوف نشهد بعون الله طفرة كبرى فى مجال الأمن والأمان بالنسبة لخطوط السكك الحديدية، والتى تحولت فى السنوات الماضية إلى سكك إلى العالم الآخر، وقد شهد عصر المأسوف على سلوكه الطيب الوزير الدميرى كوارث لا حدود لها، ونفس الأمر مع الوزير لطفى منصور رجل الأعمال، وكذلك فى عهد الوزير الراحل سليمان متولى، وأيضًا فى عصر الوزير المتبسم، والذى أنصحه نصيحة محب مخلص، بأن يبدأ الإصلاح فى مجال السكة الحديد، بأن يقصر المسافات، ويفتح باب مكتبه ويأخذ السكة طوالى على بيتهم ويريح ويستريح؛ لأن المهمة بصريح العبارة ياسيدى الوزير المتبسم ليست فى مقدور أى شخص، ولكنها فى حاجة إلى مؤسسة منضبطة وقيادة حازمة وإمكانيات لا أتصور أنها متوفرة فى أى مكان سوى داخل القوات المسلحة المصرية.
هذا إذا أردنا للسكك الحديد أن ينصلح حالها، وأن تتبدل أحوالها، ولا أخفى على حضراتكم أن حوادث الطرق والسكك الحديد فى مصر أصبحت الأعلى فى الدنيا بأسرها، وبالطبع هذا الأمر ليس مسئولًا عنه رئيس هيئة سكك حديد مصر وإن كان الرجل يستحق من شعب مصر بأكمله التحية والتقدير والاحترام، لأنه شعر بأن هناك ثمنًا باهظًا لابد وأن يدفعه مسئول.. أى مسئول عن السكك الحديد وتطوع الرجل ليصبح هو كبش الفداء.
وإن كنت أؤكد لسعادتك أن أهل مصر كانوا فى انتظار استقالة أعلى مسئول من النقل فى مصر وهو معالى الوزير، الذى أصر على البقاء فى منصبه، وأمام هذا الإصرار فإننى أطالب ألا يرسم مرة أخرى هذه الابتسامة التى لا طعم لها ولا معنى على الإطلاق.
ولكن أى حادث قادم يا معالى الوزير سيكون عليك أن تفتح باب مكتبك فى الوزارة وأنت أدرى بـ»سكة البيت.”
اللهم نسألك الرحمة لضحايا السكك الحديد فى مصر والأسفلت أيضًا، وامنحنا وامنح أهالى الضحايا الصبر، واحرمنا من ابتسامة سعادة الوزير قولوا.. آمين!