الجمعة 22 نوفمبر 2024

فى مسلسل «آخر دور».. كثير من المفاجآت المحبوكة درامياً باحتراف

28-1-2023 | 12:40

 

لا يمكن إنكار التطور الواضح الذى حققته مسلسلات المنصات الرقمية، التى خلقت بدورها مواسم درامية موازية للموسم الرمضانى، واستطاعت أن تجذب الجمهور لها، لاسيما وأنها تعتمد على قصص وحواديت مثيرة وتقدّم فى كبسولات سريعة عبر 10 حلقات أو 15 حلقة، ما يعطيها إيقاعاً متدفقاً ومغرياً بالمشاهدة والتتبع، مع أحد هذه الأعمال نتوقف فى سطورنا التالية وتحديداً مع مسلسل «آخر دور» لبطليه الموهوبين دينا الشربينى وأحمد خالد صالح، الذى يلعب دور ضابط مباحث دؤوب، فيما تلعب دينا الشربينى دور المتهمة فى قضية قتل زوجها «كريم»، فتبدأ الأحداث من الحلقة الأولى، ودينا الشربينى أو «روان» ترتدى ملابس السجن وتركب سيارة الترحيلات وسط سجينات أخريات، وصولاً لقاعة المحكمة، ونستمع فى خلفية المشهد إلى صوت دينا يحكى جملاً تعكس حالها، حيث تقول: «القدر هو اللى بيختارلك الطريق اللى هتمشى فيه وسط أحداث الحياة».

وقد كانت هذه تيمة متكررة فى بداية كل حلقة من حلقات المسلسل الاثنتى عشرة، وكانت جملاً فلسفية عميقة وذات دلالة مباشرة لما يمكن أن تجرى عليه أحداث الحلقة.

نعود إلى دينا فى قاعة المحكمة وهى التى تقف كما ذكرنا متهمة بقتل زوجها «المدمن»، الذى وجدوه مسموماً، ثم يأتى حكم القاضى بالنطق ببراءتها من التهمة، لينتقل الحدث إلى أحمد خالد صالح الضابط الذى اشتبه فيها، ورغم الحكم ببراءتها.. يواجهها بأنه (لن يتركها فى حالها) وأنه غير مصدق أنها بريئة.

فى قاعة المحكمة أيضاً تظهر صديقة عمرها الفنانة (مها نصار) وزوجها الفنان الشاب (إبراهيم السمان) ويأخذانها إلى منزلهما، حيث يظهر أيضاً والد صديقتها النجم الكبير (رياض الخولى) لتبدو كم تحبها هذه الأسرة وتحتضنها وترحب بها، فى مقابل ظهور والدتها الفنانة (سلوى محمد على) السيدة التى تتزوج من شباب فى عمر ابنتها، بينما لا تمنح ابنتها أى نوع من أنواع العطف والاهتمام، لتكون صديقتها هى الملجأ الآمن الوحيد لها، التى تقوم باستئجار شقة لها فى أحد مشروعات والدها المليونير لتسكن فيها وحدها.

فى هذه الشقة التى تقع فى (آخر دور) وهو عنوان العمل.. تأتى القصة الأساسية للمسلسل، حيث تفاجأ دينا الشربينى فى يوم بفتاة تلعب فى المسلسل دور (ممثلة شابة تدعى سلمى)، التى قامت بدورها الفنانة ثراء جبيل.. تدق الباب عليها فى حالة انهيار وتوتر كاملين.. تسأل عن (أمل) فتجيبها دينا: «مافيش حد هنا بالاسم ده» فتطلب منها كوباً من الماء، وبينما تذهب دينا لإحضاره، تهرع الممثلة الشابة لإلقاء نفسها من «بلكونة» الشقة فى الدور الأخير، وسط ذهول دينا أمام هذا المشهد الذى خشيت إن أبلغت عنه أن تفتح على نفسها «نار جهنم»، حيث إن الضابط مازال مرتاباً فيها غير مقتنع ببراءتها.

أما جارتها فى «البلكونة» الملاصقة لها وهى السيدة العجوز التى قدمتها باقتدار الفنانة الكبيرة (ميمى جمال) فقد رأت إلقاء الفتاة بنفسها من «البلكونة».. وتبدو «ميمى» كمسنة مخرفة أو مجنونة.. فتطلب من دينا أن تنقذها من محبسها فى الشقة التى تعيش فيها مع خادمة (قاسية) جداً تحبسها وتعاملها كمجنونة، وهذا بإيعاز من ابنتها التى يتضح عبر الأحداث أنها أدخلتها مصحة نفسية لتستولى على أموالها، فتعيش السيدة خائفة من سلوك ابنتها القاسى وتركها للخادمة التى تعاملها بوحشية شديدة، فتطلب ميمى جمال من دينا الشربينى معاونتها فى الهروب إلى ابنتها الأخرى بأستراليا، مستغيثة بها وضاغطة عليها كونها شاهدة على إلقاء الممثلة لنفسها من شقتها، وبينما تتوالى التحقيقات فى مقتل الممثلة الشابة، نرى الوجه الآخر من حياة الضابط (أحمد خالد صالح) كونه متزوجاً من امرأة تعيش فى طبقة مادية تفوقه بمراحل، حيث والدها رجل الأعمال المليونير والذى ينغص الحياة على ابنته ويرفع قضية خلع مع المحامى دون علم ابنته التى تحب زوجها ولكنه لسوء معاملة والدها له ولوالده.. يكرهها ويكره العيش معها.

ومن جانب آخر تكتمل خيوط درامية أكثر وأكثر، حيث تكتشف صديقتها «مها نصار» خيانة زوجها مع صديقتها التى لعبت دورها (نهى عابدين) والتى تحاول استمالة زوج صديقتها ليتزوجها، بينما يتهرب هو منها، أما «مها نصار» فيتضح مع الأحداث أنها كانت هى الأخرى على علاقة غير شرعية برجل قبل زواجها وقد حملت بابنها منه وتزوجت بزوجها الحالى لإنقاذ سمعتها ونسبت إليه طفلها على أنه أبوه، ولكن يعرف مع أحداث الحلقات النهائية الحقيقة ويهدها بفضح أمرها لأبيها أو تعيش ذليلة أو يدفع بأبيها لدفنها حية دفاعاً عن شرفه، فتخضع الزوجة حفاظاً على حياتها.

أما الزوج، الذى يلعب دور الذراع اليمنى للوالد رياض الخولى الذى يتاجر فى المخدرات، فيقوم فى النهاية بالإبلاغ عنه وتسليمه بعد أن زوجه إلى فتاة صغيرة بمعرفته لتجعله يوقِّع دون أن يدرى على توكيل عام لزوج ابنته، وفى الأحداث أيضاً يتضح أن رياض الخولى فى شبابه قتل زوجته لأنه رآها تخونه أمام عينيه، ونجد والد الضابط أحمد خالد صالح يموت متأثراً بمرض السرطان ونجد من خلال التحقيق مع سكان العمارة فى محاولة للبحث عن حقيقة مقتل الفنانة الشابة.. الجار الذى قدمه «أحمد بدير» الذى لعب دور «السكير» التائه عن الحياة ويعيش مع خادمه (محمد الصاوى) ونجد حارس العمارة وهو على علاقة بإحدى الخادمات ونجد خادمة دينا الشربينى تختطف لتقتل هى الأخرى، وكذلك نجد الجارة العجوز ميمى جمال وأحدهم يلقى بها من «بلكونة» شقتها، كما نجد دينا الشربينى وهى تعمل صحفية ومُعدة برنامج «توك شوك» كبير فى إحدى القنوات الشهيرة مع الإعلامى المرموق الذى لعب دوره الفنان (طارق عبدالعزيز) مع رجل أعمال هو مالك القناة، والذى يتضح عبر الأحداث أنه وراء كل الأحداث وهو الذى تسبب فى مقتل الفنانة الشابة «سلمى» التى ألقت بنفسها من شقة دينا الشربينى، حيث كان على علاقة مشبوهة بها، وزرع أحدهم كاميرا فى غرفة نومها وصورهما فى أوضاع مُخلة ولكى يتخلص رجل الأعمال هذا من هذه الفضيحة، قام بتهديدها، ولكنها من أجل الخلاص من الفضيحة قامت بالانتحار.

بينما جاءت المفاجأة الأكبر.. بعدما أحب الضابط أحمد خالد صالح البطلة دينا الشربينى وهما فى طريقهما للزواج.. يكتشف بالفعل أنها هى قاتلة زوجها عبر اعترافات طبيبة قد أعطتها «السم» الذى وضعته لزوجها كى يموت بمشاركة صديقة عمرها «مها نصار».

وكما نرى من مجرد العرض السريع للأحداث التى دارت فى 12 حلقة.. هذا الكم الرهيب من الحواديت والشخصيات المتداخلة والتى كان من الممكن أن تمتد من خلالها الأحداث لعشرات الحلقات، إلا أن الاحتفاظ بإيقاع متوازٍ ومتوازن جعلها شيقة.. سريعة.. مترابطة ومحبوكة.. درامياً للغاية بفضل السيناريو المثير والمحكم لمؤلف العمل السيناريست وسام صبرى، فضلاً عن الصورة التى بدت كعمل أجنبى شديد التميز باللعب بالإضاءة الخافتة مع الحمراء فى معظم المشاهد، كذلك استخدام التقطيع السريع فى المونتاج وزوايا كاميرا بدت فى أجمل صورتها بفضل المخرج المتميز حسين المنباوى، فيما جاءت المباراة التمثيلية على أعلى مستوى من الاحتراف بين كافة الأبطال، لاسيما البطلين اللذين تألقا دينا الشربينى وأحمد خالد صالح، ليشهد هذا العمل على حالة من النضج الفنى صارا يتمتعان بها، ومن ثم استمتعنا بالفعل بعمل بوليسى شيق على كافة المستويات.