الإثنين 29 ابريل 2024

عز الدين ذو الفقار.. مخرج الرومانسية

عز الدين ذو الفقار

فن10-2-2023 | 22:19

د. ياسر ثابت

من خلال الممارسة الفعلية كمساعد مخرج فى أفلام اكتسب عز الدين الخبرة واستكمل أدواته حتى تمكن منها، بالإضافة إلى مطالعته لكتب السينما التي كان يداوم على دراستها والبحث فى موضوعاتها.

اشتهر عن عز الدين ذو الفقار أنه كان يمثل كل الأدوار في أثناء إعداد السيناريو وكتابة الحوار، وأنه يعيش قصص أفلامه قبل أن يبدأ التصوير في الاستوديو.

تشكل أفلام الميلودراما العاطفية أكثر من نصف أفلامه، بحيث إن معظم شخصيات أفلامه كانت فى حالة تستدر عطف المشاهدين، بالإضافة إلى أن مشاهد معظم هذه الأفلام تفيض بالرقة والشاعرية والخيال

«مخرج الرومانسية»، هو اللقب الذى استحقه عن جدارة المخرج عز الدين ذو الفقار (28 أكتوبر 1919- 1 يوليو 1963)، الذى ترك إرثًا فنيًا كبيرًا، بقيمة ما ترك من أفلام تعتبر ضمن كلاسيكيات السينما المصرية.

عده النقاد من أبرز صناع السينما في مصر، ساعدته نشأته وتربيته العسكرية في التزام الاتقان والدقة فى الأداء، إذ عمل مخرجًا للأفلام الرومانسية والواقعية ونافس صلاح أبو سيف في إخراج أفلام الحُب والغرام.
في العام 1940 وصل عز الدين ذو الفقار إلى رتبة اليوزباشي «النقيب» في سلاح المدفعية فترك بيت الأسرة في العباسية وانتقل إلى شقة بمصر الجديدة مع مجموعة من زملائه ليكون بالقرب من عمله. وحين توفى والده أصيب بحالة نفسية دفعته إلى اعتزال الناس. وبات يقضى معظم وقته هائمًا على وجهه فى صحراء مصر الجديدة، إلى أن نصحه الأطباء بوجوب تغيير كل شىء في حياته، بما فى ذلك السكن، والعمل الذى يزاوله.
وبينما هو في دوامة التفكير في العمل الذي يمكن أن يقوم به وهو ضابط فى الجيش، التقى بالمخرج محمد عبدالواحد الذى يحب الحديث معه والقراءة له، فى الوقت الذى كان هناك انتعاش فنى (خلال سنوات الحرب العالمية الثانية) بحيث تحوّل الكثير من المساعدين إلى مخرجين، مثل عبدالفتاح حسن وإبراهيم عمارة وصلاح أبو سيف.
استطاع محمد عبد الواحد أن يقنع عز الدين ذو الفقار بالعمل معه فى السينما، فاستقال من الجيش، وبذلك خرج فعلًا من أزمته النفسية. بدأ عز الدين ذو الفقار ممثلًا في فيلم «الورشة» عام 1940، وشارك بالتمثيل في خمسة أفلام، وقدَّم للسينما أكثر من 80 فيلمًا مخرجًا ومنتجًا ومؤلفًا، حيث ألَّفَ أكثر من 25 فيلمًا، وأخرج حوالى 45 عملًا، وأنتج 6 أفلام.
ومن خلال الممارسة الفعلية كمساعد مخرج فى أفلام «الدنيا بخير» 1946، و«أزهار وأشواك» 1947، و«عادت إلى قواعدها» 1946، اكتسب عز الدين الخبرة واستكمل أدواته حتى تمكن منها، بالإضافة إلى مطالعته لكتب السينما التي كان يداوم على دراستها والبحث في موضوعاتها المختلفة.
ومن هناك فكَّر عز الدين ذو الفقار في أن يصبح مخرجًا، خصوصًا بعدما وفق في كتابة قصة وسيناريو فيلم «أسير الظلام» 1947 الذى اشترك فى كتابة الحوار معه الشاعر أحمد رامى، كما أتيح له أن يقوم بإخراج هذا السيناريو الذى كان من بطولة مديحة يسري وسراج منير ومحمود المليجي وزوزو شكيب وثريا فخرى ونجمة إبراهيم، وهو الفيلم نفسه الذى أعاد تقديمه في العام 1962 بعنوان «الشموع السوداء» من بطولة مايسترو الكرة المصرية صالح سليم والفنانة نجاة الصغيرة.
وفى العام نفسه قدَّم فيلمين، الأول مأخوذ عن السيرة الشعبية «أبو زيد الهلالى» 1947 عن مغامرات البطل الشعبى الشهير، تمثيل سراج منير وفاتن حمامة، والثانى بعنوان «الكل يغنى» كتب له القصة والسيناريو وكان من بطولة كاميليا وأميرة أمير.
كما اشترك عز الدين ذو الفقار فى فيلم «خلود» 1948 أمام فاتن حمامة وبشارة واكيم وكمال الشناوى وإسماعيل يس ومحمود السباع، وكان من إنتاجه بالاشتراك مع أحمد حمامة والد فاتن حمامة، وفى الأسبوع الأول من التصوير نشأت قصة حب بينه وبين فاتن حمامة، فتزوجا وأنجبا ابنتهما نادية، التى اشتركت بالتمثيل وهى طفلة فى فيلم «موعد مع السعادة» 1954 وكان من إخراج والدها.
وتتوالى أفلام عز الدين ذو الفقار التى كان يصر على كتابة سيناريوهاتها، أو المشاركة في كتابتها، واشتهر عنه أنه كان يمثل كل الأدوار في أثناء إعداد السيناريو وكتابة الحوار وأنه يعيش قصص أفلامه قبل أن يبدأ التصوير في الاستوديو. ومعظم أفلامه إما مقتبسة عن مصادر أجنبية أو مصرية، مثل «نهر الحب» 1960 المأخوذ عن رواية تولستوى «آنا كارنينا»، أو «موعد في البرج» 1962 المأخوذ عن الفيلم الأجنب «موعد للذكرى»، و«رد قلبى» 1957 و«بين الأطلال» 1959 ليوسف السباعى، فهو أحد رواد الفيلم الرومانسى فى السينما العربية.
وتشكل أفلام الميلودراما العاطفية أكثر من نصف أفلامه، بحيث إن معظم شخصيات أفلامه كانت تعانى إما من داء عضال، أو من مرض لا شفاء منه، مما يستدر عطف المشاهدين وشفقتهم بالإضافة إلى مشاهد معظم هذه الأفلام تفيض بالرقة والشاعرية والتحليق في الخيال. إضافة إلى اعتماده -فى غالبية أفلامه- على الراوى الذى يحكي أحداث الفيلم بأسلوب رصين، فقد كان يملك روح الشاعر، ومثال على ذلك فيلمه «سلوا قلبى» 1952 (عن قصيدة لأحمد شوقى) وشاركه في كتابة السيناريو والحوار الشاعر عزيز أباظة من بطولة يحيى شاهين وفاتن حمامة وحسين رياض وزمردة ومحسن سرحان وعمر الحريرى.
يظل فيلم «امرأة في الطريق» 1958 سيناريو وحوار عبد الحى أديب واحدًا من أهم أفلام عز الدين ذو الفقار، فهو يتميز بطابع غريب ويجمع كل خصائص عز الدين ذو الفقار السينمائية. وقد لاقى هذا الفيلم نجاحًا جماهيريًا كبيرًا وكان يعد من أفلام الإثارة والجنس الجريئة فى ذلك الوقت، ويعد السبب الرئيسى فى إبراز مواهب رشدى أباظة التمثيلية. أما أبرز أفلامه الوطنية، فهما «بورسعيد» 1957 و«رد قلبي» 1957 وهو من أوائل الأفلام المصرية التي صورت بالألوان.
أخرج عز الدين ذو الفقار فيلمين تسجيليين هما «حرب الإشاعات» 1954، ونشيد «وطنى الأكبر» من تلحين عبدالوهاب وغناء مجموعة كبيرة من المطربين والمطربات 1960.
ومن أبرز أفلام عزالدين ذو الفقار فى هذا المجال نتذكر «صاحبة الملاليم» 1949، أعدها وكتب حوارها عن قصة فيلم «القمر في ميامى» للكاتب يوسف جوهر وتمثيل محمد فوزى وكاميليا وشادية، و«شاطئ الذكريات» 1955، بطولة شادية، وعماد حمدي وشكرى سرحان، و«شارع الحب» 1958، بطولة عبدالحليم حافظ وصباح حسين ورياض عبد السلام النابلسى، وأخيرًا «الشموع السوداء» بطولة نجاة الصغيرة وصالح سليم.
حصل عزالدين ذو الفقار على عدة جوائز، منها جائزة الدولة الثانية عن فيلم «أنا الماضي» 1951، وجائزة المركز الكاثوليكى المصرى للسينما عن فيلمي «وفاء» 1953، و«موعد مع الحياة» 1953، وجائزة الصحافة اللبنانية عن الفيلم نفسه وجائزة الدولة لأحسن قصة عن فيلم «بورسعيد» 1957، ومن إسهامات عزالدين ذو الفقار المميزة في مجال السينما أنه أنتج فيلم «صراع الأبطال» 1962 بطولة سميرة أحمد وشكرى سرحان، ثانى أفلام المخرج توفيق صالح الذى ظل متوقفًا عن العمل لثماني سنوات بعد فيلمه الأول «درب المهابيل» 1954، وقد حصل هذا الفيلم على جائزة الإنتاج بجانب جائزتى الإخراج والسيناريو في العام1963.
ارتبط عز الدين ذو الفقار بالفنانة فاتن حمامة، عاطفيًا وفنيًا، حيث تزوجها مع نهاية تصوير فيلم «خلود»، وكان ثانى فيلم يجمع بينه وبين فاتن حمامة، وأنجب منها ابنته نادية، تبعه أفلام «أبو زيد الهلالى»، «أنا الماضى» عام 1951، «سلوا قلبي» عام 1952، «موعد مع الحياة» عام 1953، وبعد انفصالهما، قدَّما معًا أفلام «طريق الأمل» عام 1957، و«امرأة فى الطريق» عام 1958، و«بين الأطلال» عام 1959، و«نهر الحب» عام 1960. 
ثم كانت تجربته الثانية مع نجاة الصغيرة التي كانت شقتها مجاورة لشقته، أثناء تصوير فيلم «الشموع السوداء». وقد أثيرت أقاويل عن زواج عز الدين ذو الفقار من نجاة، ونشرت الأخبار الخبر الذي أنكرته نجاة وأقامت دعوى طالبت بتكذيب الخبر والتعويض لها بمبلغ 50 ألف جنيه، فساعدت المطربة مها صبرى على كشف الحقيقة وصحبت محرر «الأخبار» عصام بصيلة إلى الشيخ نصر مأذون الفنانين ليتأكد بنفسه من تاريخ عقد القران، ولم تستطع نجاة تكذيب الخبر.
والزيجة الثالثة لعز الدين، كانت من كوثر شفيق، في عام 1954 وأنجب منها دينا ذو الفقار.
ولعل أبرز أعمال عز الدين ذو الفقار على الشاشة هى:
رد قلبي
دخل فيلم «رد قلبي» ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهو من أهم الأفلام التى أرخت ثورة 23 يوليو، وشارك فى بطولته كوكبة من كبار النجوم أبرزهم شكرى سرحان، أحمد مظهر، مريم فخر الدين، هند رستم، رشدى أباظة، زهرة العلا، فردوس محمد.
موعد مع الحياة
كوّن عز الدين ذو الفقار مع الممثلة الكبيرة فاتن حمامة، ثنائيًا فنيًا بارزًا، فقد قدَّما عددًا من الأعمال أبرزها «موعد مع الحياة»، الذي عُرض عام 1953، وشارك في بطولته شادية، شكري سرحان، عمر الحريرى.
نهر الحب
بعد مرور 6 أعوام على طلاقهما، اختار المخرج عز الدين ذو الفقار، الفنانة فاتن حمامة، لبطولة أحد أهم الأعمال الرومانسية التي لا تنسى: «نهر الحب»، وشاركها البطولة زوجها -حينذاك- عمر الشريف. حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا وقت عرضه، وشاركهما البطولة زكى رستم، عمر الحريرى.
أقوى من الحب
فيلم «أقوى من الحب» يعتبر من أهم الأعمال في مشوار الفنانة الكبيرة شادية، حيث جسَّدت شخصية فتاة يقع في حبها رجل متزوج، يعاني من إهمال زوجته، فيجد عندها الحُب والدفء الذي يفتقده، والفيلم بطولة عماد حمدى، مديحة يسرى.
بورسعيد
الفيلم يعرض جزءًا من تضحيات أهل بورسعيد في مواجهة العدوان الثلاثي على مصر، في فترة عصيبة من عمر الوطن، ويعد الفيلم من أهم الأفلام الوطنية، وشارك في بطولته نخبة من النجوم أبرزهم فريد شوقى، شكرى سرحان، رشدى أباظة.
شارع الحب
الفيلم الغنائى الرومانسى «شارع الحب»، جمع لأول مرة بين العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، والفنانة صباح، وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، وشاركهما البطولة عبدالسلام النابلسى، زينات صدقى، حسن فايق.
امرأة في الطريق
يعد الفيلم من أنجح أفلام الفنانة هدى سلطان، حيث قدَّمت شخصية المرأة اللعوب، وشارك في بطولة الفيلم رشدى أباظة، زكى رستم، شكرى سرحان.
الرجل الثاني
عُرِض فيلم «الرجل الثانى» عام 1959، وتدور أحداثه حول «عصمت» الرجل الثانى في إحدى العصابات الخارجة عن القانون، وشارك في بطولته عدد من النجوم أبرزهم رشدى أباظة، صلاح ذو الفقار، سامية جمال، صباح.
بين الأطلال
عام 1959، عُرض فيلم «بين الأطلال»، ويعد من كلاسيكيات السينما، وتدور أحداثه في إطار رومانسى، والفيلم بطولة فاتن حمامة، عماد حمدى، فؤاد المهندس.
الشموع السوداء
هو آخر أعمال المخرج الكبير، وتدور أحداثه حول شاب أعمى يقع في غرام الممرضة الخاصة به، ويقف بجانبها حتى يثبت براءتها بعد اتهامها في جريمة قتل، وشارك في بطولة الفيلم صالح سليم، نجاة، فؤاد المهندس.

Dr.Randa
Dr.Radwa