تختلف صورة "ويني ذي بو" (Winnie the Pooh) جذريًا عن تلك المألوفة، في شريط يبدأ عرضه الأربعاء في دور السينما الأمريكية، إذ أن الدب اللطيف الذي يحب العسل ويعشقه الأطفال يتحوّل قاتلًا متعطشًا للدماء في فيلم الرعب هذا.
ولا تمتّ شخصية المريض نفسيًا الخطير في فيلم Winnie-the-Pooh: Blood and Honey ("ويني ذي بو: الدم والعسل") باية صلة إلى براءة الحكايات التي نسجها مبتكر الدبّ المحبب الكاتب البريطاني آلن ألكسندر ميلن، ولا إلى صورة الشَره اللطيف التي تكوّنت عنه من خلال أعمال "ديزني".
ويشكّل هذا الفيلم الذي أُنتِج بموازنة محدودة ويُعرض اعتبارًا من الأربعاء في الولايات المتحدة، اختبارًا لحدود حقوق النشر وحقوق العلامات التجارية، وقد أثار حتى قبل انطلاقه حفيظة الكثير من المعجبين الذين هالهم هذا التغيير الجذري في سمات الشخصية الأصلية وإسباغ الطابع الدموي عليها.
وقال المخرج ريس فرايك ووترفيلد لوكالة فرانس برس "هذا جنون". وأضاف "تسلمت عرائض لوقف الفيلم، وتلقيت تهديدات بالقتل، وأخبرني البعض أنهم اتصلوا بالشرطة".
وإذا كانت "ديزني" تمتلك منذ عقود رخصة امتياز لإنتاج مغامرات ويني ورفاقه بيغلِت وإيور وتيغر، فإن صلاحية الحماية القانونية لكتب ميلن الأولى التي صدرت عام 1926 لم تعد قائمة.
وبالتالي، باتت حقوق استخدام الشخصية الأصلية عامة مفتوحة، ما أتاح هذا الاقتباس المروّع.
واثارت المشاهد الأولى من الفيلم ضجة كبيرة على الإنترنت العام الفائت، إذ يبدو فيها ويني وبيغلِت يترصدان في الظلام امرأة شابة تستريح بسلام في حوض استحمام ساخن.
ومع أن خطة توزيع الفيلم كانت في الأساس متواضعة جدًا، تحوّل هذا العمل العنيف الذي لم تتعدَ موازنته 250 ألف دولار، إلى ظاهرة ستُعرض على المستوى العالمي.
وبدأت عروض الفيلم أصلًا على شاشات المكسيك حيث حصد أكثر من مليون دولار في أسبوعين. ولم يستبعد بعض الخبراء أن يصبح أحد الأفلام الأكثر تحقيقًا للإيرادات في تاريخ السينما.
وقال فرايك ووترفيلد "لقد آمنت فعلًا بهذه الفكرة. لم يؤمن بها الآخرون (...) لكنها الآن تعمل بشكل جيد إلى حد ما".
غير أن انتهاء صلاحية حقوق الملكية الفكرية التي أتاحت تشويه شخصية "ويني ذي بو" لا يجيز تغييرات غير محدودة، إذ أن شخصية ويني تطورت مع الزمن، ووحدها الصيغة الأصلية منها أصبحت في المجال العام.
لذلك يستحيل أن يظهر الدبدوب الشره بالسترة الحمراء التي يرتديها في أفلام "ديزني". كذلك لا يضم الفيلم شخصية تيغر التي لم تظهر في الكتب إلا لاحقًا، لا في البداية.
فالفيلم يذهب إلى أبعد من حقوق المؤلف التي تمنع النسخ غير المرخص به لاي عمل لكنها تبقى صالحة لمدة محدودة فحسب،إذ يتحدى قانون العلامات التجارية. ورخصة الامتياز التي تملكها "ديزني"، والقابلة للتجديد إلى أجل غير مسمى، تمنع أي شخص من إطلاق منتج متعلق بويني يمكن الخلط بينه وبين المنتج الأصلي.
وأوضح المحامي آرون موس أن الفيلم الجديد "محمي بفكرة سخيفة متمثلة في أنه حوّل ويني إلى شرير في فيلم رعب".
ورأى المحامي أن الفيلم "ليس عائليًا على الإطلاق" و"لا يمثل شيئًا مما يمكن أن يتوقعه (المشاهدون) من +ديزني+"، ما يصعّب على شركة الإنتاج الأمريكية العملاقة أي توجه لمقاضاة منتجي شريط الرعب.
وقال فرايك ووترفيلد "أريد الابتعاد عنهم قدر الإمكان". ويرغب المخرج في أن يكون "+ويني ذي بو+ كبيرًا وخطيرًا ومخيفًا ومرعبًا. لا صغيرًا ومحببًا ولطيفًا".
ويقوم الفيلم تاليًا على سيناريو سوداوي. فويني وبيغلِت عادا إلى البرية بعدما تخلى عنهما صديقهما جان كريستوف عندما أصبح بالغًا، ووصل بهما الأمر إلى هذا الجنون القاتل.
إلا أن العروض الأولى للفيلم أظهرت خيبة أمل لدى البعض من هذا التلاعب بالشخصية. فخلال عرض في مكسيكو هذا الأسبوع، انزعج عدد من المشاهدين من الفيلم، على ما لاحظت وكالة فرانس برس. ورأى جوناثان أورتيز البالغ 32 عامًا أن العمل "سيئ جدًا".
ومع ذلك، لم يعد ردّ فعل الجمهور على الفيلم مهمًا. فالضجة الكبيرة التي أثارها دفعت مخرجه إلى أن يشرع في التحضير لتتمة له، وإلى الإعداد لأفلام رعب أخرى مستوحاة من شخصيات يحبها الأطفال على غرار "بامبي" و"بيتر بان".