رصدت وكالة أنباء أسوشيتيد برس، الوضع الاقتصادي العالمي، بعد مرور ما يقرب من عام واحد من الحرب الروسية في أوكرانيا والتي تحل ذكراها في 24 فبراير الجاري، والتي تسببت في معاناة واسعة النطاق إذ لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني من عواقبها - مثل قلة الإمدادات من الحبوب والأسمدة والطاقة إلى جانب المزيد من التضخم وحالة عدم اليقين الاقتصادي في عالم كان يواجه بالفعل، الكثير من كليهما.
وتحدثت أسوشيتيد برس - في تقرير أوردته عبر موقعها الاليكتروني اليوم - عن ردود الأفعال من مختلف دول العالم- على - سبيل المثال- وقف مالك مغسلة ألماني غاضب وهو يقرأ فاتورة الطاقة الخاصة به والتي قفزت خمسة أضعاف. بينما أغلقت المخابز النيجيرية أبوابها لعدم قدرتها على تحمل السعر الباهظ للطحين.
وأضاف التقرير أنه بقدر ما كان تأثير الحرب كئيبا، هناك عزاء واحد وهو: أن الوضع كان يمكن أن يكون أسوأ، لقد أثبتت الشركات والدول في العالم المتقدم قدرتها على الصمود بشكل مدهش، حيث تجنبت حتى الآن السيناريو الأسوأ للركود المؤلم. ولكن في الاقتصادات الناشئة ، كان الألم أكثر حدة.
وفي الولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى، تراجع بشكل مطرد الارتفاع المؤلم في أسعار المستهلكين -الذي عززه جزئيا تأثير الحرب على أسعار النفط.
فقد عززت الآمال في أن يعتمد محاربو التضخم في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على زيادة أسعار الفائدة التي هددت بدفع أكبر اقتصاد في العالم إلى الركود ودفعت العملات الأخرى للانخفاض مقابل الدولار.
وبالنسبة للصين فقد تخلت عن عمليات الإغلاق الصارمة ذات الصلة بفيروس كورونا في أواخر العام الماضي، والتي أعاقت النمو في ثاني أكبر اقتصاد .
وكانت هناك بعض من عوامل الحظ الجيد التي ساعدت في الوضع أيضا: فقد ساعد الشتاء الأكثر دفئا من المعتاد على خفض أسعار الغاز الطبيعي والحد من الأضرار الناجمة عن أزمة الطاقة بعد أن قطعت روسيا الغاز عن أوروبا إلى حد كبير.
ونسب التقرير إلى آدم بوسن، وهو رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي قوله، إن الحرب "كارثة إنسانية". "لكن تأثيرها على الاقتصاد العالمي هو صدمة عابرة".
فلا تزال الحرب تسبب الألم من نواحٍ كبيرة وصغيرة. في أوروبا -على سبيل المثال- لا تزال أسعار الغاز الطبيعي أضعاف ما كانت عليه قبل أن تبدأ روسيا في حشد القوات على حدود أوكرانيا.
وفي ألمانيا استشهد التقرير بسفين بار -الذي يدير مغسلة في جنوب غرب ألمانيا- حيث يواجه فاتورة غاز هذا العام تبلغ حوالي 165 ألف يورو (176 ألف دولار) - مقارنة ب30 ألف يورو (32 ألف دولار) العام الماضي - لتشغيل 12 آلة للخدمة الشاقة يمكنها غسل 8 طن من الغسيل يوميا.
وأضاف أنه حتى الآن ، تمكن من الاحتفاظ بعملائه بعد أن عرض عليهم فواتير الطاقة المصاحبة لارتفاع الأسعار. و"في الوقت نفسه، يئن العملاء وعليهم أن ينقلوا التكاليف إلى عملائهم."
وأشارت أسوشيتيد برس إلى أن أسعار المواد الغذائية المرتفعة بشكل رهيب تسببت في معاناة الفقراء بشكل خاص. وعطلت الحرب شحنات القمح والشعير وزيت الطهي من أوكرانيا وروسيا -الموردين العالميين الرئيسيين لأفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا- حيث يعاني الكثير من انعدام الأمن الغذائي. كانت روسيا أيضا أكبر مورد للأسمدة.
بينما سمح اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة ببعض شحنات الطعام من منطقة البحر الأسود ، إلا أنه من المقرر تجديده الشهر المقبل.
وفي نيجيريا -وهي أكبر مستورد للقمح الروسي- ارتفع متوسط أسعار المواد الغذائية بنسبة 37٪ العام الماضي. وتضاعفت أسعار الخبز في بعض الأماكن وسط نقص القمح.
ونقل التقرير عن ألكسندر فيرهيس - الذي يدير شركة /لايف فلاور ميل/ لصناعة الدقيق قوله: "على الناس اتخاذ قرارات صعبة". "ما هو الطعام الذي يشترونه؟ وهل سينفقون أموالهم على الطعام؟ الدراسة؟ أم الدواء؟"
وأضاف أن ما لا يقل عن 40٪ من المخابز في العاصمة النيجيرية أبوجا أغلقت أبوابها بعد أن قفز سعر الدقيق بنحو 200٪.
من جانبه قال منصور عمر ، رئيس جمعية الخبازين: "لقد توقف الكثير من الناس عن تناول الخبز. لقد ذهبوا للبحث عن بدائل بسبب التكلفة ".
أما في أسبانيا ، فتنفق الحكومة 300 مليون يورو (320 مليون دولار) لمساعدة المزارعين في الحصول على الأسمدة، التي تضاعف سعرها منذ الحرب في أوكرانيا.
وقال خوسيه سانشيز، وهو مزارع في قرية أنشويلو شرقي مدريد: "الأسمدة ضرورية لأن الأرض تحتاج إلى الغذاء". "إذا كانت الأرض لا يوجد بها طعام ، فلن تنمو المحاصيل."
ونقل التقرير عن ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين العالميين قوله إن الاقتصاد الأوروبي -على سبيل المثال- "لا يزال يعاني من رياح معاكسة كبيرة" على الرغم من انخفاض أسعار الطاقة ، وهو معرض لخطر الوقوع في حالة ركود".
وفي العاصمة الإندونيسية، جاكرتا قال موكروني -52 عاما- الذي يدير مطعما صغيرا للطعام "لقد كان كيلوجراما واحدا من الأرز يكفي لثمانية حصص.. لكننا الآن نحضره 10 حصص". وقال إن الزبائن "لن يأتوا إلى المحل" إذا كانت الأسعار مرتفعة للغاية.
وأضاف: "نأمل في السلام لأنه -بعد كل شيء-، لن يفوز أحد أو يخسر، لأن الجميع سيكونون ضحية".