هذا المشهد يرافقه الركود؛ حيث يجلس اصحاب المحال فى حالة من الهدوء التام والصمت الممتزج بالحسرة والحزن، لعدم إقبال المواطنين على الشراء منذ فترة ليست بوجيزة، فكل منهم شارد فى هموم مديونياته واجر عماله لعدم قدرتهم على الوفاء بها بعد ارتفاع اسعار السوق نتيجة زيادة سعر الدولار إثر قرار تعويم الجنيه خلال الفتره الماضية.
سوق المواتير و الدولار
فى حالة من الصمت والكلل يرتكز خيري غلاب ذو الخمسين عاما على كرسيه امام محاله لبيع مواتير الحركة ينتظر الزبائن التىه هجرت السوق منذ عدة اشهر، والذي حدثنا قائلاً "حال سوق المواتير مسيرش خالص، الجو فاضي مفيش زباين، بعكس السنين اللي فاتت كان المكان بيشغي زبائن مكنش الواحد بيعرف يمشي من كترهم، ودلوقتى الواحد بيتمنى زبون يبص حتى على البضاعة"، لافتا الى ان حركة البيع تكاد تكون معدومة بعد زيادة الاسعار اثر ارتفاع الدولار حيث يتم استيراد كافة المواتير من الخارج.
مشيراً الى ان مواتير الحركة يتم استخدامها فى المعدات الثقيلة والرافعات والميكانيات التى تستخدم فى البناء وغيرها، وتبدا اسعارها من 200 جنيه حتى 3000 جنيه للماتور الواحد، فى زيادة مضاعفة عن ما كان عليه فى السابق.
البيع بالخسارة
ويتابع “غلاب" نفسي ابيع حتى لو بالخسارة بس العجلة تمشي عشان اعرف ادفع ايجار المحال ومرتبات العمال وفاتورة الكهرباء، انا فاتح من صباحية ربنا مفيش اى زبون قرب ناحية المحل، وعمرنا ما شفنا الحالة ديه في السوق عمره مكان بيقف حاله ابداً بس الدولار خرب بيوتنا ولو استمر الحال على الوضع ده هنقفل كمان كام شهر من كتر الديون”.
وبداخل نفس الممر يجلس مدحت حنة على مكتبه محاوطاً بمواتير كهرباء المياه استعداداً لاستقبال اى زبون فى حال وجوده، والذي حدثناً قائلا" الدنيا بقت غير الدنيا فى اختلاف كبير فى سوق المواتير الناس كانت بتخبط فى بعض من كتر.
الأسواق خاوية
الزحمة دلوقتي بقت صحراء، لو قارنا بين السنة اللي فاتت والسنة ديه هنلاقي النتجية صفر المكسب لا يذكر"، موضحاً ان جميع المواتير بدون استثناء يتم استيرادها،حيث تبدأ اسعار مواتير المياه من 500 جنيه صيني الصنع الى، 2800 جنيه ايطالي الصنع، فى زيادة غير مسبوقة منذ ارتفاع العملة الاجنبية، وبالنسبة الى مواتير الكهرباء فسعرها لا يزال ثابتا حيث تصل 1700 جنيه للمتر الواحد، وذلك لضعف الاقبال عليها وتخزينها بعد حل ازمة الكهرباء الفترة الماضية.
ويضيف "محدش بيشتري مولدات كهرباء زي زمان من ساعة ما ازمة الكهرباء اتحلت عشان كده سعرها رخيص لانها بضاعة متخزنة من فترة، بس فى كل الاحوال محدش بيشترى والبضاعة مركونة ولو فعلا الدولار نزل السوق هيشتغل زى الدينمو مش هيقف زى الوقت الحالي".
الجانب الاقتصادى
وعلى الجانب الاقتصادي يقول الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، ان عملية الاستيراد متوقفة بناء على طلب شعبة المستوردين ، بسبب ارتفاع قيمة الدولار الى 18 جنيها، مما ادى الى زيادة الركود فى الاسواق بشكل عام لعدم القدرة على تحمل تكلفة الاستيراد من الخارج.
الدولة الراعي الرسمي
واوضح النحاس ان هناك بعض التجار يلجؤونالى البضاعة المهربة لتقليل تكلفة السلعة لعدم وجود جمارك عليها، لتحريك عجلة السوق بشكل جزئي بدلا من التوقف تماماً عن البيع، لافتا الى ان الراعي الرسمي لحالة الكود بالاسواق هى الدولة، لوجود فجوة غير مفهومة بين الارقام المعلن عنها و ما تشهده السوق من زيادة مصروفات فى الشحن والجمارك والمواد البترولية، والتي بطبيعة الحال تزيد من قيمة المنتج المستورد بالاسواق.
الرؤية مشوشة
ويرى ان الرؤية الاقتصادية باتت مشوشة وغير واضحة فى تعامل الدولة مع ازمة ارتفاع قيمة الدولار والتى يتضرر منها الاقتصاد والمواطن، وان الجميع ينتظروا المرحلة الثانية من استلام القرض من البنك الدولي ان كان سيتم الموافقة عليه ام لا ، مما يزيد من حالة الاضطراب والقلق داخل الاسواق حتى لا تاخد الازمة منعطفا آخر يصعب تجاوزه مع استمرار حالة التردي الاقتصادي.