كتب ـ خليل زيدان
أحمد بدرخان، أحد الرواد الأوائل في الإخراج السينمائي، وأحد مؤسسي ستوديو مصر ومخرج أهم وأجمل الأفلام في السينما المصرية لكبار النجوم، أمثال أم كلثوم وفريد الأطرش ونجيب الريحاني .. في ذكرى رحيله نلقي الضوء على مسيرته الفنية وجزء من حياته الشخصية.
المولد وبداية الموهبة
ولد أحمد بدرخان في الثامن عشر من أكتوبر 1909 في حي القلعة بالقاهرة، وكان جده واحدًا من القيادات التركية للجيش العثماني في مصر، وقد حصل بدرخان على الشهادتين الابتدائية والثانوية من مدرسة الفرير، وبدأ يتردد على المسارح ودور السينما في مطلع شبابه وشجعه على حبه للسينما زميل دراسته جمال مدكور، ولتنمية موهبته التحق بدرخان بمعهد التمثيل الذي أسسه زكي طليمات، لكن لم يستمر المعهد طويلاً وتم إغلاقه، والتحق بدرخان بالجامعة الأمريكية وشارك في فريق التمثيل الذي يرعاه جورج أبيض، بعدها كوّن بدرخان فرقة الطليعة، ثم التحق بكلية الحقوق إرضاءً لوالده وبدأ في مراسلة معهد السينما في باريس، حيث كانت تصله كل مطبوعات المعهد من محاضرات ودراسات سينمائية قام بدرخان بتنقيحها وترجمتها وإعادة نشرها في مجلة الصباح، حتى أصبح رئيس قسم السينما بالمجلة.
صاحب دارسة ستوديو مصر
لاحظ الزعيم الاقتصادي طلعت حرب جهود وموهبة بدرخان في الكتابة السينمائية وأبعادها، فطلب منه إعداد دراسة عن إنشاء ستوديو مصر لإنتاج وتصوير الأفلام السينمائية، وقام حرب بإيفاد بعثتين إلى فرنسا وألمانيا لدراسة السينما، وكان بدرخان على رأس البعثة المصرية في فرنسا ليُلم بكل صناعة السينما وليحصل بدرخان أيضاً على دبلوم في الإخراج السينمائي، وقد التقي بدرخان في ذلك الوقت بنجيب الريحاني في فرنسا أثناء سفره لتصوير فيلم "ياقوت"، فعمل بدرخان مساعداً لإميل روزيه مخرج الفيلم، وأثناء دراسته في فرنسا تسلم بدرخان قصة فيلم وداد ليضع لها السيناريو .. وتم إنشاء ستوديو مصر، ذلك الصرح الكبير بمساعدة بدرخان ودراسته الوافية التي قدمها لطلعت حرب، وتم تعيين بدرخان مخرجاً في ستوديو مصر فور عودته من فرنسا.. وكان من المفروض أن يقوم بدرخان بإخراج فيلم "وداد" إلا أن أحمد سالم أسند إخراج الفيلم إلى فريتز كرامب، ما جعل بدرخان يتقدم باستقالته من ستوديو مصر.
أم كلثوم ترد له اعتباره
في عام 1947 عرضت شركة الشرق سيناريو فيلم "منيت شبابي" أو نشيد الأمل وهو باكورة إنتاجها على أم كلثوم للقيام ببطولة الفيلم، فاشترطت أم كلثوم أن يخرج الفيلم أحمد بدرخان، وكانت تلك اللفتة من أم كلثوم بمثابة رد الاعتبار لبدرخان بعد إزاحته من إخراج فيلم وداد، وحرصت أم كلثوم أن يخرج لها بدرخان كل أفلامها بعد نجاح فيلم "نشيد الأمل" لبراعة بدرخان في تصوير الأغاني وقد عهدت إليه بإخراج فيلم "دنانير" و"عايدة" و"فاطمة"، أما فيلم "سلامة" فقد أخرجه منتجه توجو مزراحي .
مخرج ومبدع الأفلام الغنائية
وكما حرص بدرخان على إخراج أول فيلم لأم كلثوم لولا إبعاده، وقيامه بإخراج معظم أفلام أم كلثوم وهي تعد من الأفلام الغنائية، فقد أخرج أول أفلام فريد الأطرش وأسمهان وهو فيلم "انتصار الشباب" وبعدها أخرج بدرخان معظم أفلام فريد الأطرش وهي "شهر العسل وما اقدرش وأحبك انت وآخر كدبة وعايزة اتجوز ولحن حبي وعهد الهوى وازاي أنساك"، وصنفت تلك الأفلام أيضاً غنائية، ليستمر بعدها بدرخان في إخراج أشهر الأفلام الغنائية ومنها "تاكسي حنطور" و"مجد ودموع" لمحمد فوزي و"علشان عيونك" لعبد العزيز محمود و"أنا وانت" لمحمد الكحلاوي وفيلم "غريبة" لنجاة الصغيرة .. وسر إبداع أحمد بدرخان يكمن في إصراره على تصوير معظم مشاهد أفلامه في الطبيعة الساحرة، بل حرص أن يختار الأماكن الأكثر جمالاً سواءً في الريف أو الصحراء لتصبح كادرات الفيلم تابلوهات ساحرة تسعد المشاهد مع جمال صوت المطرب سواءً كانت أم كلثوم أو فريد الأطرش أو نجاة الصغيرة.