الأربعاء 27 نوفمبر 2024

إلى متى يا شعب سوريا؟

  • 24-8-2017 | 22:32

طباعة

بقلم – لواء د. نصر سالم

إذا هانت على المرء نفسه فهى على الناس أهون.

ليس أدل على هذا المعنى من حالنا العربى، من شرقه إلى غربه، وخاصة تلك الدول التى لفحتها خماسين ما سمى زيفاً وادعاءً «الربيع العربي» فتداعت عليها الأمم من الخارج وأصحاب المصالح من الداخل «كما تتداعى الأكلة على قصعتها».

وهذه سوريا التى دخلت عامها السابع فى أزمة حادة تحولت خلالها إلى ساحة للصراع بين القوى الدولية والإقليمية، وتعددت أطراف الصراع فى الداخل بين قوات النظام السورى، والمعارضة المسلحة والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة خاصة «تنظيم داعش» وجبهة فتح الشام «النصرة سابقاً».

قاربت خسائرها المادية والبشرية على نصف مليون قتيل ومليونى مصاب وربع مليون معتقل وخمسة ملايين لاجئ، وأكثر من ستة ملايين نازح وحوالى مليون محاصر و٣٥٠ مليار دولار خسائر مادية، ومازالت أطراف الأزمة تصر على التمسك بخيار المواجهة المسلحة لتحقيق أهدافها.

وإذا كان النظام السورى هو الطرف الأول المستمر فى محاولاته لفرض شرعيته بكل ما يملك من قدرات عسكرية فى مواجهة التنظيمات المسلحة والإرهابية التى تحاول تحسين أوضاعها الميدانية لصالح دعم وتحسين موقفها التفاوضى، ومع الحرص الدائم للرئيس السورى «بشار الأسد» على الحفاظ على الدعم الروسى والإيرانى لاستمرار نظامه فى السلطة واستعادة الأوضاع فى البلاد، فإن استمرار كل من روسيا وإيران فى تقديم هذا الدعم والإصرار عليه يرجع إلى مصالح كل منهما على الأراضى السورية والتى لا يمكن التخلى عنها.. فروسيا التى كادت تفقد آخر موطئ لها فى البحر المتوسط حيث المياه الدافئة فى ميناء طرطوس السورى، استشعرت الهدف الغربي/الأمريكى فى حرمانها منه، كما استشعرت الهدف الذى تسعى إليه داعش بالانتقال للعمل فى روسيا فى مراحل قادمة والإجهاز عليها كما سبق تفكيك الاتحاد السوفيتى سابقاً بالحرب الباردة.. وخاصة بعد اكتشافه للدور المسرحى للتحالف الجوى الذى تقوده أمريكا ضد داعش فى كل من الشام والعراق ونفذت فيه حوالى سبعة آلاف طلعة جوية على مدى عام كامل تمكنت فيه «داعش» من زيادة مساحة رقعتها بنسبة ٢٥٪ بدلاً من تدميرها أو إضعاف قدرتها، كما تشترك كل من روسيا وإيران فى تهديد مصالحها الاقتصادية فى حالة نجاح قطر فى مد خط أنابيب الغاز الطبيعى من قطر إلى أوربا عبر العراق وسوريا لمنافسة الغاز الروسى وخصماً من الغاز الإيرانى فى حقول الخليج العربى التى تشترك فيها مع قطر، أما المصالح الإيرانية التى تحققها باستمرار نظام الأسد فهى ضمان استمرار وصول الدعم الإيرانى إلى حزب الله اللبنانى والذى لا يستطيع الحزب الاستمرار فى تنفيذ دوره إلا به، بالإضافة إلى حماية الشيعة فى سوريا وتأمين الجوار الشيعى العراقى.

أما الطرف الثانى وهو المعارضة السورية فإنها مستمرة فى سعيها الحثيث لتوحيد جهودها واستقطاب الدعم الدولى والإقليمى للإطاحة بنظام الأسد بشتى الطرق وتأليب المجتمع الدولى عليه بإثبات أو إلصاق تورطه فى استخدام أسلحة محرمة دولياً مع التحذير الدائم من تداعيات التغيير «الديموجرافي» المذهبى على وحدة الأراضى السورية.. فى مقابل تراجع الدعم الخارجى وحدوث الانشقاقات بين فصائلها وتغير الأوضاع الميدانية على الأرض لصالح نظام الأسد.

أما أكراد سوريا الذين يحاولون الحصول على دعم الغرب لتحرير محافظة الرقة من سيطرة تنظيم داعش «بدأت معركة تحرير الرقة يوم السادس من يونيه ٢٠١٧» فضلاً عن الحد من النفوذ التركى شمال الأراضى السورية، حيث أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية عزمها تنفيذ عمليات عسكرية للسيطرة على المنطقة بين مدينتى «إعزاز وجرابلس» شمال سوريا وتحقيق أهدافها فى إقامة منطقة كردية مستقلة ذات حكم ذاتى.

فى مواجهة ذلك تواصل تركيا جهودها فى الحفاظ على مصالحها فى سوريا بربط انسحاب قواتها من شمال سوريا بتأمين حدودها ضد تهديدات الأكراد وتنظيم داعش مع السعى للمشاركة فى عملية تحرير الرقة والسيطرة على محافظة إدلب، والاستمرار فى مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بالتراجع عن تسليح الأكراد الذى يهدد أمن تركيا، وفى المقابل تحرص الولايات المتحدة على تهدئة التوتر بين الأكراد وتركيا وتوحيد الجهود للقضاء على تنظيم داعش.

ويأتى الطرف الثالث وهو التنظيمات المتطرفة، «داعش» التى تسعى للتمسك بالمناطق التى تتواجد بها فى شمال وشرق سوريا رغم تراجع مناطق نفوذها أكثر من ٣٠: ٤٠ ٪ أما عناصر فتح الشام «النصرة سابقاً» فمازالت تحاول الحفاظ على مناطقها فى غرب وجنوب سوريا وتوسيع نشاطها شمالاً حيث محافظة إدلب لتحقيق أهدافها الرامية لإنشاء إمارة إسلامية فى بلاد الشام ومع قيام الولايات المتحدة الأمريكية بحشد القوى الدولية والإقليمية الموالية لها فى مواجهة النظام السورى وحلفائه وتعزيز تواجدها العسكرى، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة التى تحرص على القضاء على داعش وإنهاء النفوذ الإيرانى وإزاحة الأسد عن الحكم لإتمام عملية التسوية السياسية، تتجه لعقد صفقة مع روسيا لتسوية الأزمة فى إطار سياسة تبادل المصالح وتشير تقارير أمريكية عن خطة للتسوية على أربع مراحل بالتنسيق مع روسيا هي:

١ــ القضاء على تنظيم داعش.

٢ ــ عقد هدنة بين النظام والمعارضة وفرض مناطق آمنة.

٣ ــ فترة انتقالية يتخلى فيها الأسد عن السلطة.

٤ ــ عودة الاستقرار إلى سوريا.

فى المقابل تحرص روسيا على تشكيل تحالف مع إيران والميليشيات الموالية لها فى سوريا مع تعزيز تواجدها العسكرى لدعم النظام السورى.

وعن دور المجتمع الدولى، الذى يكثف جهوده لوقف إطلاق النار منذ بدء سريانه فى ٣٠/١٢/٢٠١٦، ويواصل جهوده للتسوية وتخفيف معاناة الشعب السورى فقد تم عقد خمس جولات من المفاوضات فى العاصمة الكازاخستانية «أستانة» لوقف إطلاق النار كانت أبرز نتائجها إنشاء أربع مناطق لخفض التوتر العسكرى.

كما عقدت سبع جولات من المفاوضات فى «جنيف» تم التوصل خلالها لجدول أعمال للمحادثات السورية، شمل الاتفاق على بحث أربعة ملفات رئيسية خلال الجولة الخامسة هى «الانتقال السياسى، ووضع دستور جديد، إجراء انتخابات، وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب» مع الإعلان عن عقد الجولة الثامنة من المفاوضات خلال شهر سبتمبر ٢٠١٧ مقابل محدودية نتائج مفاوضات جنيف فى ظل أزمة الثقة بين أطراف الصراع وتعارض المصالح.

فى ٤/٤/٢٠١٧ عقد اجتماع دولى للمانحين فى بروكسل لتوفير ٨ مليارات دولار للاجئين السوريين أسفر عن التعهد بتقديم ٦ مليارات دولار خلال عام ٢٠١٧

إلى متى يا شعب سوريا سيبقى مصيركم بأيدى غيركم؟

«إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»

صدق الله العظيم

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة