الجمعة 7 يونيو 2024

د. عبد العزيز سمك.. أستاذ الشريعة بحقوق القاهرة: هزيمة وليس انتصارًا لها!

26-8-2017 | 15:42

حوار: محمود أيــوب

«مساواة المرأة بالرجل فى الميراث هزيمة وليس انتصارًا لها»، «لا يمكن صدور قانون فى مصر يساوى بين الاثنين فى الميراث لأنه سيصطدم بالقرآن والدستور».. بهذه العبارات تحدث الدكتور عبد العزيز سمك، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، عن رأى الشرع فى مقترحات تونس بمساواة المرأة بالرجل فى الميراث.

كيف نرى ما أثير من مقترحات للرئيس التونسى للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث؟

المولى عز وجل قال «للذكر مثل حظ الأنثيين»، والقانون مطابق لما جاء فى القرآن الكريم، ولا يمكن أن يخالف شرع الله، فالميراث فى القانون جاء لما ورد فى القرآن والسنة وهى قاعدة ثابتة وراسخة ولا يمكن تغييرها بالثوابت قاطعة الدلالة، ولا يوجد محاولة للتملص والتحايل على ما جاء فى القرآن والسنة، أمّا ما يُقال عن مساواة الرجل بالمرأة فى الميراث فهذا مخالف للنصوص الشرعية القاطعة، وهذا ليس انحيازًا ضد المرأة وإنما هو العدل.. فكلما زادت الأعباء على الرجل زاد قدر نصيبه من الميراث، وهذا حكم الله سبحانه وتعالى، خاصةً أن المرأة مسئولياتها محدودة، فنفقاتها يتحملها زوجها، فالمرأة أعباؤها محدودة، أمّا الرجل أكثر من المرأة، فالرجل مسئول عن والدته وأخواته من الفتيات والصبية، فطبيعى أن يأخذ أكثر من المرأة وهذا هو العدل.

لكن هناك من يعتبر أن مساواة الرجل بالمراة فى الميراث بمثابة انتصار لها؟

الشرع احترم المرأة، فأخذها من القاع ورفع بها فى أعلى عليين، فالمرأة لم يكن لديها أهلية، وكانت تتعامل كالمجنونة حتى فى أوروبا، ولم يكن لها الحق فى أخذ الميراث، أو حتى لها الحق فى التملك، ولم يكن لها شخصية أو كيان، ولم يكن لها الحق فى امتلاك أى شيء، لكن جاء الإسلام ورفع بها وأعطى لها حقوقها، وأعطاها ذمتها المالية المستقلة ومنحها كرامتها وكيانها وشخصيتها المستقلة.

لكن هناك جمعيات تقف وراء المرأة وتدافع عنها يرون أن مساواة الرجل والمرأة فى الميراث أمر طبيعى لها؟

ليس انتصارًا للمرأة، بالعكس هزيمة وانتكاس لها؛ إلا إذا كانت المرأة تريد أن تخرج عن شرع ربنا، فلتخرج عن كل شىء شرعه المولى عز وجل، فالمرأة مثل الرجل، يقول المولى عز وجل: «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف»، فهى متساوية مع الرجل فى الحقوق والواجبات، فالشرع هو الذى أعطاها حقوقها وكيانها قبل أن تفكر الجمعيات فى إعطاء حقها.. فالإسلام هو الذى انتصر لها، فيقول المولى عز وجل: من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى، أى الذكر والأنثى مع بعض متساويًا فى الحقوق والواجبات، أمّا فى الميراث فهى مسألة خاصة ولا نقاش فيها.

البعض أثار قضية المرأة والميراث فى الصعيد واعتبروا أن وضع قانون يساوى بينها وبين الرجل والمرأة من شأنه إعطاؤها الحق كاملًا دون انتقاص؟

حتى لو كان هناك قانون يساوى بين الرجل والمرأة سوف يهدر حقها وسيحرمونها من الميراث وهذا ليس عند الجميع؛ لكن هناك من لديهم عادات وتقاليد، فالقانون ليس مبررًا لحصول المرأة الصعيدية حقها فى الميراث.. وعدم أخذ المرأة حقها فى الميراث خاصةً فى الصعيد مخالف لشرع المولى عز وجل ومخالف أيضًا للدستور والقانون، ومن يحرم المرأة من ميراثها يجب محاسبته بالقانون، فنحن فى دولة مؤسسات ودولة قانون.

وماذا عن قواعد الميراث فى القانون؟

قواعد الميراث فى القانون علم كبير، والقانون لم يخرج عن الشريعة فى هذا الصدد فمثلما جاءت قواعد الميراث فى القرآن الكريم جاءت فى القانون ولم يختلف عنها فى شيء، فالقانون لم يخالف شرع الله فى حق المرأة بالميراث ولم يخالف أبدًا الأحوال الشخصية، لا فى الميراث ولا فى الوصايا، فجميعها من نصوص الشرع.

لكن ماذا لو قدم أحد أعضاء البرلمان مشروع قانون يساوى بين الرجل والمرأة فى الميراث.. وأقره المجلس؟

لا يمكن أن يحدث هذا؛ وإلا سيكون العضو الذى قدم مشروع القانون لم يقرأ الدستور، لأن هذا المشروع سيكون مخالفًا للدستور، ومن الطبيعى أن تبطله المحكمة الدستورية، لأن الدستور فى مادة الثانية ينص على أن «الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع»، وهذا نص قطع الثبوت وقطع الدلالة وليس فيه فصال.

فالميراث نص قاطع الثبوت وقاطع الدلالة، وحد السرقة أيضًا قاطع الثبوت وقاطع الدلالة؛ لكن الحدود لها شروط حتى يمكن تطبيقها، فمثلًا لو شخص ما اضطر أن يسرق حتى يحمى نفسه من الموت، كيف يمكن أن أطبق عليه حد السرقة؟، فقد تكون الشروط متوفرة عند البعض وعند البعض غير متوفرة.. ففى عهد سيدنا عمر رضى الله عنه لم يطبق حد السرقة فى عام «الرمادة» عام القحط، وضم وقتها البيوت على بعضها.

وماذا لو توافرت الشروط فى حدود الله.. هل من الممكن أن نطبق الحدود؟

لو توافرت الشروط فى حد السرقة أو فى أى حد من حدود الله وجب من السلطة المسئولة تطبيقها؛ لكن إذا لم تتوافر فلا يمكن تطبيقها.. وفى النهاية هى مسألة توافق، وإذا لم تطبق السلطة حدود الله فلا يمكن أن نعتبرها حجة لإلغاء الحدود.