السبت 18 مايو 2024

فقه المزايدة بالمرأة

26-8-2017 | 15:46

بقلم –  أ.د أحمد كريمة

يجب فهم أن الأحكام الشرعية الإسلامية لها طرق وردو، ولها طرق دلالة، ومنها ما هو قطعى، ومنها ما هو ظنى، والقطعى وروداً ودلالة كآيات في القرآن الكريم، وأحاديث متواترة، لا تقبل الإلغاء بدعوى نسخ أو اجتهاد، ويعبر عن ذلك بالمعلوم من الدين بالضرورة، والثوابت، والأصول، وهى مسلمات شرعية لا تقل قوة عن مسلمات عقلية، فهى هكذا فى شتى الأزمنة وسائر الأمكنة.

ومن الأمور القطعية وروداً ولا دلالة مسائل تتعلق بالأحوال الشخصية “فقه الأسرة، والمواريث”.

أولاً: أوضاع المرأة فى الميراث

المرأة لها حقوقها في الميراث فالأنصبة المقدرة لها فى أحوال كثيرة أفضل مما قدر للرجل فرضا أو تعصيبا، ونظام المواريث فى الإسلام لايقوم على أساس ذكورة وأنوثة، بل على مبادئ مهمة منها: درجة القرابة من المورث، موقع الجيل الوارث من المورث، اعتبار الأعباء المالية فى توزيع الميراث.

وأمثلة ونماذج كاشفة عما سبق منها:

مستحقات للنصف: البنت الصلبية المنفردة “لا ابن للميت معها”، والبنت لابن المنفردة - حسب ما ذكر - والأخت الشقيقة للمنفردة، والأخت لأب المنفردة وفق قيود معينة.

مستحقات الثلثين: من ذكرن في النصف عند تعددهن بالشروط السابقة.

مستحقات للربع: الزوجة إن لم يكن للميت فرع وارث.

مستحقات للثمن: الزوجة إن كان للميت فرع وارث.

مستحقات للثلث: الأم إن لم يكن للمورث ولد ولا إخوة الإخوة لأم بالتساوى بين الذكور والإناث.

مستحقات للسدس: للأم إن كان للمورث ولد أو أخوة من الذكور أو الإناث. يتردد كثيراً قول بعضهم “إن الإسلام ظلم المرأة، حيث جعل نصيبها فى الميراث نصف نصيب الرجل” ونحن المسلمين نؤمن بثوابت راسخة من صفات الله تعالى، تجعل تلك الشبهة لا تطرأ على قلب أى مسلم أو مسلمة، وتتمثل تلك الثوابت فى أن الله سبحانه وتعالى حكم عدل، وعدله مطلق، وليس فى شرعه ظلم لبشر أو لأى أحد من خلقه، قال تعالى: “ولا يظلم ربك أحدا”.

وقال: “ولايظلمون فتيلا”، وغيرها وإن الفروق فى أنصبة المواريث هى أساس قضية المواريث فى الفقه الإسلامى، ولاتختلف الأنصبة فى المواريث طبقاً للنوع، وإنما تختلف الأنصبة طبقاً لثلاثة معايير:

الأول: درجة القرابة بين الوارث والمورث:

ذكراً كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب فى الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب فى الميراث، ودونما اعتبار لجنس الوارثين، فترى البنت الواحدة ترث نصف تركة أمها “وهى أنثى”، بينما يرث أبوها ربع التركة “وهو ذكر” وذلك لأن الابنة أقرب من الزوج. فزاد الميراث لهذا السبب.

الثانى: موقع الجيل الوارث:

فالأجيال التى تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها، عادة يكون نصيبها فى الميراث أكبر من نصيب الأجيال التى تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، بل تصبح أعباؤها - عادة - مفروضة على غيرها، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات، فبنت المتوفى إرث أكثر من أمه - وكلتاهما أنثى - وترث بنت المتوفى أكثر من أبيه كذلك فى حالة وجود أخ لها مثلاً.

الثالث: العبء المالى:

وهذا هو المعيار المهم الذي يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى، لكنه تفاوت لا يفضى إلى أى ظلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح.

حقائق مهمة منها:

أولا: أن هناك أربع حالات فقط ترث المرأة فيها نصف الرجل.

ثانياً: أن أضعاف هذه الحالات ترث المرأة فيها نصف الرجل.

ثالثاً: هناك حالات كثيرة ترث المرأة فيها أكثر من الرجل.

رابعاً: هناك حالات ترث المرأة فيها، ولا يرث نظيرها من الرجال.

وتفصيل تلك الحالات فيما يلى:

أولاً: الحالات التى ترث فيها المرأة نصف الرجل:

-١- البنت مع إخوتها الذكور، وبنت الابن مع ابن الابن.

-٢- الأب والأم ولا يوجد أولاد ولا زوج أو زوجة.

-٣- الأخت الشقيقة مع إخوتها الذكور.

٤- -الأخت لأب مع إخوتها الذكور.

ثالثاً: الحالات التى ترث فيها المرأة مثل الرجل:

-١- الأب والأم فى حالة وجود الفرع الوارث المذكر “ابن الابن”.

-٢- الأخ والأخت لأم.

-٣- أخوات مع الإخوة والأخوات لأم.

٤- البنت مع عمها أو أقرب عصبة للأب “مع عدم وجود الحاجب”.

٥- الأب مع أم الأم وابن الابن.

.٦- زوج وأم وأختان لأم وأخ شقيق على قضاء سيدنا عمر - رضى الله عنه - فإن الأختين لأم والأخ الشقيق شركاء في الثلث.

٧- -انفراد الرجل أو المرأة بالتركة بأن يكون هو الوارث الوحيد، فيرث الابن إن كان وحده التركة كلها تعصيباً، والبنت ترث النصف فرضاً والباقى رداً، وذلك أيضاً لو ترك أبا وحده فإنه سيرث التركة كلها تعصيباً، ولو ترك أما فسترث الثلث فرضاً والباقى رداً عليها.

-٨- زوج مع الأخت الشقيقة، فإنها ستأخذ ما لو كانت ذكراً بمعنى لو تركت المرأة زوجاً وأخاً شقيقاً فسيأخذ الزوج النصف، والباقي للأخ تعصيباً، ولو تركت زوجا وأختا فسيأخذ الزوج النصف والأخت النصف كذلك.

-٩- الأخت لأم مع الأخ الشقيق، وهذا إذا تركت المرأة زوجاً، وأماً، وأختاً لأم، وأخاً شقيقاً، فسيأخذ الزوج النصف، والأم السدس، والأخت لأم السدس، والباقي للأخ الشقيق تعصيباً وهو السدس.

-١٠- ذوو الأحكام توريثهم كما في القانون المصرى فى المادة ٣١ من القانون رقم ١٧٧ لسنة ١٩٤٣، وهو إن لم يكن هناك أصحاب فروض ولا عصابات فإن ذوى الأرحام هم الورثة، وتقسم بينهم التركة بالتساوى كان يترك المتوفى “بنت بنت، وابن بنت، وخالا، وخالا” فكلهم يرثون نفس الأنصبة.

-١١- هناك ستة لايحجبون حجب حرمان أبداً وهم ثلاثة من الرجال، وثلاثة من النساء، فمن الرجال “الزوج، والابن، والأب”، ومن النساء “الزوجة، والبنت، والأم”.

ثالثاً: حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل: وهى ١٤ حالة نذكر منها:

-١- الزوج مع ابنته الوحيدة

-٢- الزوج مع ابنته

٣- -البنت مع أعمامها

-٤- إذا ماتت امرأة عن ستين فداناً، والورثة هم “زوج، وأب، وأم، وبنتان” فإن نصيب البنتين سيكون ٣٢ فداناً بما يعنى أن نصيب كل بنت ١٦ فداناً، فى حين أنها لو تركت ابنين بدلاً من البنتين لورث كل ابن ١٢.٥ فدان، حيث إن نصيب البنتين ثلثا التركة، ونصيب الابنين باقى التركة تعصيباً بعد أصحاب الفروض.

٥- -لو ماتت امرأة عن ٤٨ فداناً، والورثة هم: “زوج، وأختان شقيقتان، وأم” ترث الأختان ثلثى التركة بما يعنى أن نصيب الأخت الواحدة ١٢ فداناً، فى حين لو أنها تركت أخوين بدلاً من الأختين لورث كل أخ ٨ أفدنة لأنهما يرثان باقي التركة تعصيباً بعد نصيب الزوج والأم.

٦- -ونفس المسألة لو تركت أختين لأب، حيث يرثان أكثر من الأخوين لأب.

-٧- لو ماتت امرأة وتركت “زوجا، وأباً، وأماً، وبنتاً”، وكانت تركتها ١٥٩ فداناً فإن البنت سترث نصف التركة وهو ما يساوى ٧٢ فداناً، أما لو أنها تركت ابنا بدلاً من البنت فكان سيرث ٦٥ فداناً، لأنه يرث الباقى تعصيباً بعد فروض “الزوج والأب والأم.

رابعاً: حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال: وهى خمس حالات منها:

-١- لو ماتت امرأة وتركت “زوجاً، وأباً، وأماً، وبنتاً، وبنت ابن”، وتركت تركة قدرها ١٩٥ فداناً مثلاً، فإن بنت الابن سترث السدس وهو ٢٦ فداناً، في حين لو أن المرأة تركت ابن ابن بدلاً من بنت الابن لكان نصيبه صفراً، لأنه كان سيأخذ الباقى تعصيباً ولا باقى، وهذا التقسيم على قانون الوصية الواجبة الذى أخذ به القانون المصرى رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦.

-٢- لو تركت امرأة “زوجاً، وأختاً شقيقة، وأختاً لأب” وكانت التركة ٨٤ فداناً مثلاً، فإن الأخت لأب سترث السدس، وهو ما يساوى ١٢ فداناً، في حين لو كان الأخ لأب بدلاً من الأخت لم يرث، لأن النصف للزوج، والنصف للأخت الشقيقة والباقي للأخ لأب ولا باقى.

-٣- لو مات شخص وترك “أب أم أم، وأم أم أم” في هذه الحالة ترث أم أم أم التركة كلها، حيث تأخذ السدس فرضًا والباقى رداً، وأب الأم لا شئ له، لأنه جد غير وارث.

إذن فهناك أكثر من ٣٠ حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابلة ٤ محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل. تلك هى ثمرات استقراء حالات ومسائل.

وهناك أحوال تزيد المرأة على نصيب الرجل، قد يستغرق أصحاب الفروض التركة ولا يبقى للرجل شيئ

وتبقى تذكرة تعيها أذن واعية:

تشريع الميراث إلهى ربانى وحدود إلهية فيها “يوصيكم”، “وصية”، “فريضة”.

تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين..

الآيتان ١٣-١٤ من سورة النساء.

راجع آيات المواريث فى القرآن الكريم١٦٧ -١٢-١١-٧ “سورة النساء”، ٧٥ سورة الأنفال، ٦ سورة الأحزاب.

 

    الاكثر قراءة