الجمعة 1 نوفمبر 2024

ملحمة وادى ماجد.. قصة كفاح أبناء الصحراء الغربية ضد الإنجليز

26-8-2017 | 16:34

عروس متجددة، وواحة للتنمية، وينابيع للخير والعطاء.. هكذا تحتفل محافظة مطروح هذا الأسبوع، بعيدها القومى الثانى بعد المائة، والذى يواكب يوم ٢٤ أغسطس من كل عام، تخليدًا لذكرى معركة وادى ماجد وانتصار أبناء الصحراء الغربية على قوات الاحتلال البريطانى عام ١٩١٥ بقيادة المجاهد حسين العاصى قائد ثورة أبناء مطروح فى بطولة وملحمة وطنية هى أولى المعارك المصرية ضد قوات الاحتلال بعد ثورة عرابى ١٨٨١، ومقتل قائد القوات البريطانية «إسناو» على يد المقاتل العربى ابن الصحراء الغربية المجاهد صالح بوزوير السمالوس.

١٠٢

سنة، عمر مُتجدد لمطروح، لا تتوقف فيها الحياة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، ٦ قبائل رئيسية تُشكل هوية المحافظة، يتفرع منها قبائل وعائلات، يُضاف إلى تلك القبائل القوات المسلحة بالمنطقة الغربية العسكرية، التى يعتبرونها القبيلة السابعة، شرفهم وعرضهم، لحمتهم الوطنية المحافظة على أمنهم.

أهل مطروح.. الحارس الأمين لبوابة مصر الغربية، ضد الخطر القادم من جبهة ليبيا المشتعلة بالأحداث، مواجهات مستمرة مع العناصر الإرهابية يعضضها سكان المحافظة بوطنية وإخلاص فى تلاحم وتعاون من أقصى مدينة الحمام شرقا إلى السلوم غربا وسيوة جنوبا.. وطنيتهم تصل إلى النخاع وهم دائما بوعيهم الوطنى ما يكون لهم السبق فى دعم أى مبادرة لصالح الوطن، مع تأكيد ثقتهم وأملهم فى الرئيس عبدالفتاح السيسي.

روح المبادرة من هنا، روح الانطلاق من هنا.. مطروح دائمًا ما تثبت فى اللحظات الحاسمة أنها فى المقدمة، والدليل على ذلك ما نجده من تلبية للمبادرات الوطنية.. فمطروح المحافظة الأولى والوحيدة التى بادرت بمصالحة وطنية شاملة عقب ثورة ٣٠ يونيه، ومبادرة تسليم الأسلحة غير المرخصة طواعية بعدد ٥٥٠٠ قطعة سلاح متنوع، وتسليم أرض المشروع النووى بالضبعة دون قيد أو شرط، والاستجابة لمبادرتى الرئيس السيسى «صبح على مصر»، و»تحيا مصر»، وبلغ إجمالى تبرعات طوائف أبناء مطروح من شعبيين وتنفيذيين ورجال أعمال وطلاب المدارس قرابة ١٢.٢ مليون جنيه.

مشروع الضبعة النووي، حلم يراود كافة المصريين إلا أنه يستأثر بحياة أهالى مطروح، ينتظرون يومًا ينظرون فيه بأعينهم إلى الأجهزة العاملة فى المشروع حينما يكتمل، فين حين تسود حالة من الرضا الشعبى لأبناء مطروح والضبعة خاصة، من أجل تحقيق حلم المصريين النووى السلمى وتأييدهم لهذا المشروع القومى.

لم يعترض أبناء مطروح على أى مشروع أو قرار كان فيه الصالح العام للدولة، بل كانوا سباقين دائما فى تلبية دعوة القيادة السياسية لثقتهم المطلقة فى أنها تسعى بهم ولهم من أجل تحقيق مستقبل أفضل، والمثال الأبرز هنا تسليم أراضى المشروعات القومية التى يعتبرون أنفسهم حراسًا ومحافظين عليها وليسوا معتدين كما يظن البعض كأرض المحطة النووية بالضبعة، وأرض الميناء الدولى التجارى جرجوب بالنجيلة، وأرض العلمين، كما ضربوا أروع الأمثلة فى معاونة الأجهزة التنفيذية لتنفيذ توجيهات توجه الدولة باسترداد الأراضى المعتدى عليها، ولم تسجل حالات اعتراض للأجهزة الأمنية خلال حملاتها.

ملحمة وادى ماجد

العملية بدأت بالاستعداد للمعركة بعد وصول الإنجليز لمطروح وأرسل المجاهد حسين العاصى مندوبين يخبرون القبائل المجاورة لمدينة مرسى مطروح بالتجمع غربى مرسى مطروح... توهم الإنجليز أن البدو يتجهون قاصدين أماكن الماء من هذه المنطقة التى تشتهر بمياه الآبار الرومانية، وبدأت القبائل تتوافد من سيدى حنيش ورأس الحكمة ومرسى مطروح فى اتجاه الغرب واستقرت فى وادى ماجد المجاور لمرسى مطروح لمدة عشرين يوما، وفى هذه الأثناء بدأ يشعر الإنجليز بمكيدة تدبر من قبل العرب وكانوا مسيطرين على المدينة سيطرة كاملة، وكان يمثلهم الجنرال إسنار قائد قوات الاحتلال البريطانى بالصحراء الغربية وروبل قائد منطقة مرسى مطروح.

ذهب روبل إلى منزل العمدة يونس الدر بالى وطلب منه أن يقنع القبائل بعدم المقاومة والرحيل شرقى مرسى مطروح، ولكن يونس الدربالى أصدر أوامره عكس ما طلب القائد الإنجليزى وفى وادى ماجد اجتمع زعماء القبائل حسين العاصى وعبدالرحمن طرام ومحمد الدربالى وحميدة عطيوة وأصدروا تعليماتهم إلى القبائل بالتحرك والتمركز فى وادى ماجد.

تولى قيادتهم فى هذه المعركة المجاهد حسين العاصى ومعه زعماء القبائل، وتم وضع الأطفال والنساء بخيامهم فى مؤخرة الوادى غربا، كانت قوات الأعداء متمركزة فى القاعدة الرئيسية مطروح وقوامها فرسان محمولون على الخيول ومسلحون بالبنادق والسيوف وعربات مدافع تجرها البغال و٤ قطع بحرية وطائرة هليوكوبتر، وقد قدر عدد هذه القوات بما يزيد على ٢٥٠٠ جندى وضابط.

مع بداية المعركة تحركت قوات الإنجليز فى اتجاه الغرب واتخذت الساحل لتعقب المجاهدين، وبدأ أسناو بضرب طلقات نارية واشتعل الميدان بالنيران من الجانبين واستخدمت فيه البحرية والمدفعية والبنادق من قبل الأعداء وظل القتال محتدما طوال النهار، وحتى مغيب الشمس تفوق فيه المجاهدون على الأعداء الذين أصيبوا بخسائر كبيرة قدرت بحوالى ٤٠ ضابطا وأضعافهم من الجنود إلى جانب أكثر من ١٥٠ حصانا، وأصيب قائد المجاهدين حسين العاصى، ولكن أولاده عبدالكريم وعلى وقفا حوله مدافعين ببسالة حتى أصيبا.

بدأ الجنرال (أسناو) محاولة الاقتراب من مخيمات النساء والأطفال، إلا أن المجاهد صالح السمالوسى أطلق عليه النار فقتله وقام جنوده بتوجيه الرصاص ناحية المجاهد فاستشهد والكثير من النساء والأطفال.

فى اليوم الثانى قاموا بقصف قرية أم الرخم الحالية وهدم الكثير من المنازل.. وفى اليوم الثالث ١٣ ديسمبر عاودت القوات الإنجليزية هجومها على المجاهدين فى وادى ماجد واستطاع المجاهدون صدهم بقوة إلى أن ارتدت قوات الأعداء إلى قاعدتهم فى مطروح.