كتب : خليل زيدان
حلت منذ ساعات ذكرى رحيل إمبراطور الحبشة هيلا سيلاسي الذي وضع أول دستور لأثيوبيا وكان من أوائل الداعين إلى وحدة الشعوب الإفريقية وذلك بمشاركته باسم بلاده في منظمة الوحدة الإفريقية، في ذكرى رحيله نلقي الضوء على رحلة كفاحه حتى مقتله الغامض في 27 أغسطس 1975.
ولد تفاري مكنون والمعروف باسم هيلا سيلاسي وتعني قوة ثالوث إمبراطور وحاكم إثيوبي في 23 يوليو 1892 في مدينة هرر الحبشة ويعود نسبه لملكة سبأ، ووصل هيلا سيلاسي إلى سدة الحكم عام 1928 ونصب ملكاً على الحبشة وبعدها بعامين نصب إمبراطوراً، وفي عام 1931 وضع أول دستور لأثيوبيا، ولم تهنأ البلاد طويلاً حيث قامت إيطاليا باحتلال بلاده ونفته إلى إنجلترا طيلة 25 عاماً.. وبعد أن حررت بريطانيا بلاده من الإيطاليين عاد سيلاسي ليستعيد حكمه المسلوب.. فعمل على توسيع رقعه حكمه، فقام بضم الصومال وإريتريا إلى الحبشة، وبدأ في إصلاحات كبيرة في بلاده.
ارتبط هيلا سيلاسي بعلاقات قوية مع مصر وقادتها، حيث رحب سيلاسي بدعوة الزعيم جمال عبد الناصر بانضمام إثيوبيا إلى منظمة الوحدة الإفريقية وحضر سيلاسي كل اجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية التي تدعو لاستقلال وتحرير القارة من الطغاة والمستعمرين والنهوض بها، وجاء سيلاسي عدة مرات إلى مصر واستقبله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وقد حضر سيلاسي خصيصاً للمشاركة في افتتاح كاتدرائية العباسية عام 1968، حيث عرف عنه تدينه بالمسيحية وهو ينتمي إلى الكنيسة الأرثوذكسية الأثيوبية التي حافظت على نقاء المسيحية.. وبعد رحيل ناصر استمرت علاقات سيلاسي الطيبة بمصر وذلك من خلال تعاونه مع الرئيس الراحل أنور السادات.
وعن بلاده، فقد تدهورت الأحوال في أثيوبيا وانتشرت الرشوة والفساد وأصاب الجفاف والقحط بلاده عام 1973 حتى ازداد الشعب نقمة عليه، ودفعت هذه الأمور مجموعة من العسكريين الشيوعيين بالانقلاب عليه واتهامه بإدخال بلاده في مجاعة، واحتجزوا سيلاسي في قصره، وأنشأت حكومة جديدة بقيادة منغستو هيلا مريام.. وفي 27 أغسطس عام 1975 أعلن عن وفاة هيلا سيلاسي، ودارت الشكوك حول مقتله، وأن وفاته لم تكن طبيعية في ظل احتجازه.. وفي عام 1992 تم العثور على رفات هيلا سيلاسي تحت أحد مراحيض القصر، وهذا ما أكد احتمالية اغتياله على يد هيلا مريام وتم حفظ الرفات في كنيسة بآتا مريم.. وعند أعادة الرفات إلى أثيوبيا عام 2000 أقيمت جنازة لسيلاسي في أديس أبابا حضرها كل أفراد العائلة وبضعة آلاف من أفراد الشعب، ولم تمنح الحكومة الأثيوبية آنذاك الصفة الرسمية للجنازة لأنها رأت أن فترة حكم سيلاسي كانت إستبدادية.