بقلم : نبيلة حافظ
ما من يوم يمر علينا إلا وتثبت فيه المرأة المصرية عظمتها ومكانتها العالية التي لا تضاهيها فيها امرأة أخرى، بطولات كثيرة تسطرها المرأة في شتى مجالات الحياة، وحكايات رائعة يكتب التاريخ فصولها بحروف من ذهب لتظل المصرية قدوة ومثالا للتضحية والفداء على مر العصور.
ومهما حاولنا أن نعدد ونحصي تلك البطولات سوف يكون الفشل مصيرنا لأن تلك المحاولات هي درب من الخيال، فالقصص كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومع كل طلعة شمس نفاجأ بقصص جديدة وغريبة ومثيرة لم نسمع بها من قبل، والواقع يشهد على ذلك.
ولنقف أمام نموذجين فريدين من تلك القصص التي يتحاكى بها الشارع المصري في الأيام الأخيرة، النموذج الأول للفتاة المصرية التي استطاعت أن تقف بكل شجاعة وجسارة أمام المجتمع المصري وتطالب بحقها القانوني من النذل الذي تحرش بها وأقدم بكل خسة وندالة على لمس جزء حساس بجسدها، تصرف مشين من شخصية منحرفة اعتادت على فعل ذلك بنساء مصر وللأسف لم يجد في السابق من تملك الشجاعة والجرأة لتوقفه عند حدود الأدب بالقانون، ولكن جاءت "هند عبد الستار" لتكون صاحبة أول قضية تحرش في مصر، لم يعنيها من قريب أو بعيد نظرة المجتمع لها وهي تقف بساحات المحاكم لتروي قصتها، ولم تخجل من تناول وسائل الإعلام لقصتها وعرض صورتها على شاشات الفضائيات وبالصحف والمجلات، كل ما كان يشغل فكرها أن تقتص من الجاني وأن ينصفها القضاء المصري ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه بفعل هذا التصرف المشين، وأمام شجاعتها وإصرارها نالت ما تمنت وحصلت على حكم لصالحها بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات ضدد الوغد الذي تحرش بها لتصبح "هند" هي أول فتاة مصرية تحصل على حكم قضائي في قضية تحرش.
ومن قصة شجاعة وإقدام من جانب فتاة مصرية لقصة تضحية أخرى لامرأة أقل ما توصف به أنها امرأة بألف رجل، إنها قصة "بهية علي سليمان" الزوجة التي دفعتها ظروفها الاجتماعية بعد مرض زوجها إلى بيع كليتها بـ25 ألف جنيه من أجل أن تنفق عليه هو وأبناءها الثلاثة وتسدد الديون التي تركمت عليها بفعل مرض زوجها، وعندما نفذت الأموال من بين يديها نزلت إلى سوق العمل لكي تعمل وتتكسب من الحلال، كان بإمكانها أن تسلك طريقا آخر ألا وهو طريق الشيطان الذي يدفع ببعض النساء إلى الهاوية، ولكن "بهية" ابنة صعيد مصر أبت على نفسها أن تسلك طريق الحرام الذي يغضب الله، واختارت أن تعمل بمهن شاقة لا يمتهنها إلا الرجال، ومن أجل ذلك وحرصا منها على صيانة نفسها من تحرش الرجال قامت بحلق شعرها وارتدت ملابس الرجال حتى اسمها غيرته واختارت لنفسها اسم "بكار" كل ذلك من أجل لقمة عيش شريفة تطعم بها زوجها وأبنائها، ألم أقل لكم أنها امرأة بألف رجل.
فتحية تقدير وإعجاب لـ"هند.. وبهية" وتعظيم سلام للمرأة المصرية التي أبهرات العالم بما تقدمه من شجاعة وتضحية وفداء!