كتبت : أمانى ربيع
ما أن أعلن أحد أعضاء مجلس النواب مشروع قانون بخفض سن زواج الفتيات إلى ١٦ سنة بدلا من ١٨ حتى صار مقترحه حفيظة كل المهتمين بقضايا المرأة.. فكيف ونحن فى عامها يطالب عضو من تحت قبة البرلمان بعودتها للوراء؟! وماذا عن الابعاد القانونية ، الصحية، النفسية والاجتماع المترتبة على مطلبه؟
فى البداية تقول النائبة البرلمانية ماجدة نصر: يعيد هذا المقترح مجتمعنا إلى الخلف، فالفتاة فى هذا السن طفلة لم تنضج بعد، كما أنها غير مؤهلة لإدارة منزل وتحمل مسئولية زوج وتربية نشء، بالإضافة إلى أنها لم تبلغ سن الرشد الذى يمكنها من الاختيار بشكل صحيح، فضلا عن مخالفة هذا المشروع لسياسة الدولة للحد من الزيادة السكانية حيث يؤدى لكثرة الإنجاب بما يمثله ذلك من تداعيات اجتماعية
وتسرب من التعليم وضيق فى المعيشة، مشيرة إلى أن المواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر تعتبر الفتاة التى دون سن 18 سنة طفلة، لافتة إلى أنها وعدد من البرلمانيات أصدرن بيانا رفض فيه هذا المقترح.
من جانبه أعلن النائب محمد فؤاد رفضه لهذا المقترح مؤكدا أنه يسبب انتشار ظاهرة الطلاق، ويقول: لا يجوز تمرير هذا المقترح لأنه مخالف للدستور الذى يعتبر الفتاة فى ذلك السن طفلة، وإذا كان النائب صاحب المقترح يعتبر أن ما قاله سببه ما يحدث فى الريف من عزوف الأهل عن توثيق زواج فتياتهم تحت السن للتحايل على القانون فالأولى تشريع قانون يجرم ويعاقب من يزوج ابنته فى سن صغيرة، مؤكدا أنه لا يمكن بأى حال تقنين أمر خاطئ أو تصحيحه بخطأ أكبر.
إهانة للمرأة
وتساءلت د. أحلام حنفي، عضو المجلس القومى للمرأة ومقررة لجنة الصحة والسكان عن الهدف من إثارة هذا المقترح فى وقت ينبغى أن ننشغل فيه بمناقشة قضايا تعليم الفتيات والتوعية الصحية من أجل إنشاء جيل واع من النساء، وتقول: لاشك أن الزواج مسئولية كبيرة لن تستطيع طفلة فى ذلك السن تحملها، وإذا تزوجت الفتاة فى هذه السن لن تكمل تعليمها وبالتالى لن تستطيع تعليم أولادها بشكل صحيح ما يساهم فى رفع نسبة الأمية، ولا أعتقد أن البرلمان يمكن أن يقر قانونا كهذا لأنه ضد المواثيق الدولية وحقوق الإنسان العالمية، ونحن فى المجلس القومى للمرأة نرفضه بشكل تام، فهذا إهانة للمرأة فى عامها ويخالف مبادئ استراتيجية 2030 ومبادرة التاء المربوطة من أجل امرأة متعلمة، ناجحة، طموحة، مستقلة، إيجابية، مسؤولة، قوية.
تبعات اجتماعية
وعن تبعات هذا المقترح الاجتماعية يقول د. نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع: لا يتناسب هذا المقترح مع مقتضيات العصر الحالي، ففى الماضى كان التعليم غير متاح لكثير من الفتيات وفكرة عمل المرأة مرفوضة إلى جانب أن مفاهيم المجتمع تركزت أن الفتاة «مسيرها لبيتها وجوزها »، لكن نظرة المجتمع ومفاهيمه تغيرت الآن، مشيرا إلى أن الزواج يحتاج إلى نضج عقلى ونفسى حتى تستطيع الفتاة اختيار زوجها وهو ما لا تتمكن منه الفتاة ذات ال 16 عاما لأنها مجرد طالبة ثانوية لا تعى المسئولية، مؤكدا أن هذا المقترح من شأنه زيادة مشكلات التفكك الأسرى والعنف الزوجى وارتفاع معدلات الطلاق، داعيا نواب البرلمان إلى مناقشة الخبراء وعلماء الاجتماع قبل طرح أى قانون اجتماعى لأنهم أصحاب الرأى الصحيح فى هذا الصدد.
أمراض نفسية
وعن الآثار النفسية لخفض سن زواج الفتيات إلى 16 عاما تقول د. نبيلة سامي، المستشار التربوى والصحة النفسية: لاشك أن خفض سن زواج الإناث يفتح الباب لإصابتها بأمراض نفسية واجتماعية خطيرة لأنها غير مؤهلة للتعامل مع مسئولية الزوج والأسرة، وعندما تصل لسن النضج ستجد أنها لم تختر هذا الزوج لتسيطر على المنزل ظاهرة الخرس الزوجى والخيانة ومشاكل زوجية أخرى.
وتتابع: عادة ما تصاب الفتيات التى تتزوج فى سن مبكر بالاكتئاب دون أن يدرك الأهل ذلك فيعتقدون أنها مصابة بمس من الجن، كما يعانين من انفعالات زائدة، بالإضافة إلى انعكاس عدم نضجها على تعاملاتها مع أبنائها.
تكرار الإجهاض
من جانبه يقول د. خالد عبد الملك، استشارى النساء والتوليد وخبير الصحة الإنجابية بقصر العيني: يتسبب الزواج المبكر فى إحداث الإجهاض المتكرر للفتاة ويرجع ذلك لعدم اكتمال نمو جهازها التناسلي، فإفراز هرمون الإستروجين يبدأ فى جسد الفتيات منذ سن الثانية عشرة ويستغرق وقتا ليقوم بدوره فى تكبير الرحم ليستوعب للحمل ما يصيبها بالاكتئاب والإحباط ويستهلك صحتها نفسيا وجسديا، فضلاً عن ضيق بعض أعضاء جهازها التناسلى لعدم اكتمال نموه كالمهبل لذا تتعرض لقطع ونزيف شديد حال زواجها مبكرا، بالإضافة إلى أنه يزيد من احتمال إصابة الفتاة بسرطان عنق الرحم.