الثلاثاء 21 مايو 2024

صك الأضحية

30-8-2017 | 18:05

بقلم –  محمد كشك

ساعات قليلة ويهل علينا عيد الأضحي المبارك اللهم اجعله عيد رخاء وهناء وسعادة على مصر والمصريين ولأن ذبح الأضاحي هو أكثر شيء يميز عيدنا الكبير وهى سنة مؤكدة وشعيرة إسلامية محببة إلى النفوس والعقول بل إنها تأتي من أفضل العبادات والطاعات للتقرب إلى الله عز وجل

ولكن مع التطور الكبير والمتسارع للحياة واختلاف الأزمنة بعضها عن بعض أصبحت هناك حاجة ملحة لإعمال العقل والمنطق في كثير من الأفعال وتغير بعض العادات وفقاً لظروف الحياة ومنها ذبح الأضاحي في شوارع وميادين وحواري المدن والريف وهو ما يجعل من هذه الأماكن «بركاً» للدماء يظل بعضها بلا نظافة لأيام طويلة مما يؤذي الناس بل يتسبب أحياناً في ظهور أمراض وبائية ببعض المناطق.

نفعل ذلك من منطلق أننا نؤدي شعيرة من شعائر الله وننسى أيضاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي رواه الصحابي أبو برزة رضى الله عنه قال: قلت يا نبى الله، علمني شيئاً أنتفع به، قال «اعزل الأذي عن طريق المسلمين» فكما أن إماطة الأذى صدقة فإن وضع الأذى في طريق الناس خطيئة.

نحن لسنا ضد ذبح الأضاحي فهى فرحتنا بالعيد، ولكن ليتم ذلك داخل أماكن معروفة ومحددة أعدت لذلك كالمجازر وأن يتم ذلك تحت إشراف الدولة.

وقد حدث نفس الشيء في شعيرة الحج حيث كان الحاج يقوم بنفسه، بشراء الأضحية والإشراف على ذبحها سواء كان بمفرده أو مشتركا مع مجموعة وكان معظم هذه الأضاحي لا تصل إلى فقراء المسلمين، بل إن جزءاً كبيراً جداً منها يتلف ولا يصلح بعد عدة أيام للاستهلاك الآدمي مما دفع علماء المسلمين إلى إصدار فتوى بجواز الإنابة في الذبح ومن هنا جاءت فكرة الصك الشرعي.

وقامت المملكة السعودية بتطوير الفكرة وأنشأت مؤسسة خاصة تشرف على شراء الهدي والذبح والتعبئة والتوزيع بأسلوب صحي وعلمي ومنظم مما كان له أثر كبير في عدم إهدار هذه الثروة وإيصالها إلى المحتاجين لها فعلاً في بلاد المسلمين على مستوي العالم.

وقد اتفق معظم العلماء والفقهاء على أن النيابة في صك الأضحية صحيحة وجائزة شرعاً.

وقد أخذت مصر بهذه الفكرة منذ عدة سنوات ولكننا نتعامل معها على استحياء شديد مثلها مثل الكثير من القضايا الأساسية التي لا تجيد الدولة التعامل معها..

والمقصود بالدولة في هذه القضية تحديداً أجهزة الدعوة المختلفة سواء كان الأزهر الشريف أو الأوقاف أو دار الإفتاء بالإضافة للعلماء الأجلاء المتصدين للدعوة في بر مصر المحروسة.

كان لابد أن يقول لنا علماؤنا صراحة إن صك الأضحية جائز.. جائز بل إنه أصبح ضرورة في ظل الأزمات الكثيرة التي يشهدها مجتمعنا منذ فترة طويلة خاصة مشكلة العشوائيات التي يحيا فيها ملايين البشر.

كما أن هناك أحياء كاملة داخل القاهرة لم تعد تستطيع أن تستوعب سكانها فكيف بها أن تستوعب ذبائحهم..

كان لابد لأجهزة الدعوة أن تعلن بأعلي صوتها ومنذ شهور طويلة وقبل قدوم العيد بأن فكرة الصك الشرعي تعد تجسيداً لقيم التكافل الاجتماعي والتراحم والمودة.

وكان لابد من التفكير في وجود جهاز قومي يأتمنه الناس خاصة ولو كان تحت إشراف ورعاية فضيلة شيخ الأزهر شخصياً يقوم بإقناع الناس بهذه الفكرة ويبين للناس حقيقة الحكم الشرعي.

ويؤكد كذلك للناس مسئولية القائمين على هذه المؤسسة على تحري الدقة والشرع في كل عمليات الأضحية من حيث شراء أضحية ممتازة ومواعيد الذبح بعد صلاة العيد إلى غروب آخر يوم فيه والإشراف الصحي على الذبح في مجازر كبرى وتوزيع لحوم الأضاحي وفق خطة محكمة للوصول إلى الفقراء والمساكين في القري والأحياء الفقيرة.

يا علماءنا الأجلاء لا تتركوا هذه القضية في أيدي بعض الجمعيات التي قد يختلف بعض الناس حول نواياها أو انتماءاتها.

لا تتركونا نهبا لفتاوى «التوك شو».

لا تتركونا نضل الطريق وأنتم بأيديكم مصابيح الضياء، لا نريد أن نذهب لدكاكين أو أكشاك فتوى بل نريد أن تأتينا الفتوى مؤكدة وحاسمة وجازمة من أعلى سلطة شرعية في البلاد وأن تكون فتوى ملزمة للجميع وألا تكون فتوى موسمية نحرمها أعواما ونحلها أعواما أخرى وألا تكون فتوى سياسية يتحكم فيها الهوي وتحكمها المصالح..

أفتونا بما يرضي الله ورسوله ونحن بما تقولون لفاعلون، أليس العلماء هم ظل الله على الأرض أفتونا وأفيدونا يرحمكم الله.