السبت 23 نوفمبر 2024

فن

خواجة فرقة رمسيس.. رائد تمصير الروايات العالمية للمسرح المصري

  • 9-3-2023 | 17:44

سهى زكى

طباعة
  • سهى زكى

• يوسف تويما مصرى من أصل لبناني أجاد اللغة الفرنسية إجادة تامة كواحد من أبنائها، إلى درجة أنها أثرت في لغته العربية كتابةً وقراءةً ونطقاً فاشتهر بتقديم دور الخواجة
• ادموند هو وجه طيب ومألوف لعشاق الأبيض وأسود كانت بدايته كممثل قوية جدا، حيث بدأ ممثلا بدور كبير في فيلم ياقوت كان فيه صديق البطل المخلص نجيب الريحانى
دائما ما أحببت طلة هذا "الخواجة " في أفلام الأبيض والأسود ورغم قصر أدواره التي تميز بها نظرا لملامحه الأجنبية الواضحة إلا أن حضوره كان طاغيا .. وللأسف قام ببطولة مشتركة مع النجم الكبير نجيب الريحاني في بدايات مشواره الفني في فيلم ياقوت (1934) ولم يعرض الفيلم ولم يعرفه الناس إلا بعد محاولات مذهلة لترميم الفيلم وعرضه منذ سنوات قليلة أى بعد موت كل أبطال الفيلم بعشرات السنوات، و للأسف فإن أعمال كثيرة  يكون اختفاؤها سببا لظلم ناس فنانين كثيرة  لأن ربما تلك البطولة الوحيدة كانت ستضعه فى مكان أو مكانة أخرى غير الذى ظل حبيسا لها طول عمره ولا يظهر جانب مهم من مواهبه، مثلما حدث مع البطل الرقيق الذى كان ظهوره علي الشاشة خفيفا طيبا محبوبا، هل تعرف من هو؟
هو الفنان"يوسف إدمون سليم تويما " الذي اشتهر بتقديم كل أدواره بلهجة "الخواجة " حتى ظن الجمهور بالفعل أنه أجنبى  من مواليد مصر في 10 ديسمبر 1897 مصري من أصل لبنانى، إذ كان والده سليم تويما موظفاً فى الحكومة المصرية، وابنه يوسف إدمون قد ولد في مصر أثناء إقامة أبيه في القاهرة، حيث كان يقطن في ميدان رمسيس. وقد تلقى إدمون تويما  دراسته في المدارس الفرنسية، وأجاد اللغة الفرنسية إجادة تامة كواحد من أبنائها، إلى درجة أنها أثرت في لغته العربية كتابةً وقراءةً ونطقاً، فكان يكتب أدواره العربية باللغة الفرنسية، ثم يلقيها بتلك اللكنة الأجنبية التي اشتهر بها في المسرح والسينما. كانت أدواره المسرحية فى أيام الشباب تتفق مع شخصيته الطبيعية في الحياة، من حيث المظهر والأداء، الذين يوحيان بأنه شاب أجنبى، عمل مدرسا في المدارس الفرنسية بالقاهرة، وعمل بالإدارة المسرحية، قام بتأليف المسرحيات وترجمتها، وعمل في مسرح جورج أبيض، واقتبس الكثير من الأفلام، بدأ حياته في فرقة رمسيس بالعمل في الإدارة المسرحية خلف الكواليس مع اثنين من مديرى المسرح الرواد هما محمد حجازى وعلى هلالى.
كانت سياسة فرقة رمسيس تقوم على تقديم روائع المسرح العالمي بجانب المسرح العربى، فقد كوّن عميدها الدكتور يوسف وهبى لجنة للقراءة، أطلق عليها اسم لجنة التأليف والترجمة للاطلاع على ما يقدم إليها من مؤلفات أو مترجمات، بجانب الاطلاع على المسرحيات العالمية في أصولها الأجنبية، خصوصا ما كان ينشر منها في مجلة الليستراسيون الفرنسية، وكان من بين أعضاء هذه اللجنة ثلاثة من الذين كانوا يجيدون اللغة الفرنسية في ذلك الوقت، وهم عزيز عيد وفتوح نشاطى وإدمون تويما.
ولم يكن دور إدمون تويما مقتصرا على قراءة ما يقدم إليه من المسرحيات ليقوم بترشيحها للترجمة أو التمصير أو الاقتباس، بل كان كثير الرحلات إلى باريس لمشاهدة العروض المسرحية الجديدة التى تقدم على مسارحها خصوصا المسرح التجارى الذي كان يقدم الكوميديات والفودفيليات، ويعود من كل رحلة وهو يحمل في حقيبته النصوص المسرحية، لتقدم على مسارحنا باللغة العربية. وقد ظل إدمون تويما يعمل في فرقة رمسيس، إلى أن أنشئت الفرقة القومية عام 1935 فالتحق بها منذ ذلك التاريخ في قسم الترجمة حيث كان يقوم بمراجعة المسرحيات الفرنسية المترجمة على أصولها الأجنبية. ولما قام الدكتور زكي طليمات في عام 1944 بترجمة مسرحية «الوطن» للكاتب الفرنسي فيكتوريان ساردو، قام إدمون تويما بمراجعتها أيضا على الأصل الفرنسى، وأصبح شريكا في ترجمة هذه المسرحية التي قدمت في ذلك التاريخ على مسرح دار الأوبرا من إخراج زكي طليمات. ولم يكن أثر إدمون تويما في السينما يقل عن أثره في المسرح، إذ كان يعتبر مرجعا للسينمائيين في اقتباس وتمصير الروايات الاجنبية، عن طريق مكتبته الخاصة الزاخرة بالكثير من تراث المسرح العربي والعالمى. وفي أثناء ذلك الوقت ساعدته ثقافته وسعة اطلاعه على الأدب العالمي على تأليف قصة فيلم «نشيد الأمل» إخراج أحمد بدرخان عام 1937، وهو أول فيلم عصرى قامت ببطولته أم كلثوم بعد فيلمها الأول التاريخى «وداد» عام 1936. 
ومن المفارقات العجيبة أن تجسيده لدور مدرس اللغة الفرنسية فى فيلم نادية عام 1969، كان هو دوره فى الحياة بجانب عمله الأدبي والفنى، لأنه كان يقوم بتدريس اللغة الفرنسية، لكثير من كبار الفنانين والفنانات والشخصيات المعروفة من أهل الفن، فكنت تراه فى أيامه الأخيرة، وهو على أبواب الثمانين يتأبط كتبه، ليقدم الدروس الخصوصية في اللغة الفرنسية، لنخبة مختارة من تلاميذه الكبار والصغار. فقد خدم هذا الرائد اللغة الفرنسية بجانب الخدمات التي قدمها للمسرح المصري والسينما المصرية ثم التلفزيون خلال أكثر من نصف قرن من الزمان.
شارك ادموند في عدد كبير من الأعمال السينمائية أشهرها نادية (1969)، زوج في إجازة (1964)، الأيدي الناعمة (1963) ، المتمردة (1963)، ألمظ وعبده الحامولي (1962) ، الترجمان (1961) ، قلب  الظلام (1960) ، دعاء الكروان (1959) ،العتبة الخضراء (1959)، رحلة إلى القمر (1959)، شارع الحب (1958)، النمرود (1956) وغيرها من الأفلام ، كما قام ادموند بإنتاج فيليمي الغائبة ١٩٥٥ و  نهاية قصة ١٩٥١ لم يحققا النجاح المنتظر، وقام بتأليف فيلم واحد فقط وهو نشيد الأمل (1937)، وقام بإخراج فيلم كله إلا كده (1936)، وهو واحد من أهم أبطال الفيلم النادر " ياقوت " الذي تم تصويره عام ١٩٣٣ وعرض عام ١٩٣٤.. وللأسف فقدت نسخة الفيلم لسنوات طويلة الي تم العثور عليها.
ادموند هو وجه طيب ومألوف لعشاق الأبيض وأسود ، كان يقوم بدور الخواجة والجواهرجى والدكتور وصاحب الأوتيل أو الصالات أو منتج زى فيلم "الأيدى الناعمة كدا"..
كانت بداية ادمون تويما كممثل قوية جدا، حيث بدأ ممثلا بدور كبير فى فيلم ياقوت كان صديق البطل المخلص " نجيب الريحانى" ..
في المشهد عرض عليه صديقه البطل "ياقوت" ان يأخذ مكانه فى وظيفة تم فصله منها بسبب مدير الدايرة المتملق للست صاحبة الدايرة في وظيفة محصل فيرفض جاره وصديقه ويرد عليه "ادموند " رد حاسم..
- مش ممكن أخد مكانك ده أنا ابن ناس..
وفي مشهد آخر بعد ما قرر "ياقوت أفندي" ان يترك فرنسا ويعود الي مصر لأنه لم يعد يحتمل ان يكون " زوج الهانم " حسب أحداث الرواية، وكانت تقوم بدور البطولة أمام نجيب الريحاني النجمة الفرنسية آنذاك "ايمي بريفان" ، حيث تصبح زوجته الفرنسية في الفيلم وتصطحبه إلى باريس فيأخذ معه صديقه المخلص والذي يرفض أيضا عرض ياقوت أن يظل فى وظيفته مع الهانم إذا أراد لأنه سيعود لمصر ، ولكن يرد عليه
-مش ممكن أسيبك.. ده أنا ابن ناس..
فبيرد عليه ياقوت ويقوله
- أنا عندى قيراطين وإيجار بيت فى الحارة هايكفونا ويكفوا عيالك..
وقبل ما يسافر تحدث أزمة في فرنسا بسبب الحرب فتعود زوجته معه الي مصر لتستقر بها وتستقر الاوضاع بينهم، ورغم ان نسخة الفيلم المعروضة بعد ترميم وبعد بحث طويل عنها ناقصة الا ان ملامح الحدوتة كانت واضحة.. زوج مصري وزوجة اجنبية وصراع اختلاف الثقافات اللي بينتصر عليه الحب في النهاية..
الفيلم إخراج ايميلي روزبيه.. وتأليف بديع خيري.. وبطولة نجيب الريحاني وايمي بريفان وادموند تويما في أطول دور قدمه في حياته والأطرف بقى إن الرجل ده كان شخصية ثرية جدا.. يعني غير انه عمل مدرسا في المدارس الفرنسية بالقاهرة، وعمل بالإدارة المسرحية، وقام بتأليف المسرحيات وترجمتها، وعمل في مسرح جورج أبيض، واقتبس الكثير من الأفلام. كان مسئولا في لجنة قراءة الترجمات العالمية التى عملها يوسف وهبي، كما كان من أوائل الأعضاء لفرقة المسرح القومية.

الاكثر قراءة