الثلاثاء 14 مايو 2024

أشرف حسن البارودي: بداية والدى كانت ملقنا في مسرح رمسيس

أشرف حسن البارودى

ثقافة9-3-2023 | 20:08

حوار: إيمان الطيب

• عندما توفى حسين رياض وصل خبر وفاته إلى البارودى قبل دخوله المسرح وكان يقوم بدور حارس قبور ينعى زوجته التى توفت فى الحرب، فبكى على خشبة المسرح بكاء حقيقيا فى تلك الليلة
• كان البارودى يسكن فى العوامات التى تقع فى منطقة الجزيرة على النيل، كان معظم الفنانين والأدباء يجتمعون فى عوامته بعد الانتهاء من المسرح لتتحول إلى صالون أدبى بالفعل
• إعادة إنتاج الأعمال الفنية السينمائية القديمة وتقديمها كأعمال تليفزيونية، حتى لو كانت بمعالجة درامية مختلفة، ارتبطت فى ذهن المتفرج دائما بالعمل الأصلى والممثلين الذى أدوا الأدوار

يبدأ الفن الحقيقى مع الإيمان بما تقدمه وقوة التأثير الذى يستطيع الفنان أن يحدثه، وذلك ماحدث عندما عاد الشاب  الثرى إلى أرض الوطن، ليجد عميد المسرح العربى"يوسف وهبى" أن المسرح فى مصر يعانى من حالة ركود وموت إكلينيكى، حيث ينتشر المسرح الهزلى بكثافة ويتراجع المسرح الجدى.
 فكان القرار بتأسيس مسرح رمسيس وتقديم أهم الأعمال الخالدة للجمهور، ومن خلال أعظم الروايات وأعظم الفنانين الذين وقفوا على خشبة مسرح رمسيس الذى يمر الشهر الجارى مائة عام على تأسيسه.
وفى هذا السياق كان لنا هذا الحوار مع د. أشرف حسن البارودى، ليحدثنا عن بدايات ورحلة والده شيخ الممثلين حسن البارودى مع فرقة ومسرح رمسيس...
 
وإلى نص الحوار..
• حدثنا عن لقائه بالزعيم سعد زغلول فى طفولته والحوار الذى دار بينهما؟
• كان يحكى ويقول إن المدرسة اختارته كى يلقى  كلمة أمام سعد زغلول باشا لتمكنه من الإلقاء واللغة العربية. بعد أن انتهى من كلمته قال له سعد باشا: (صوتك مؤثر وقوى ومقنع وله تاثير كبير على المستمع لو اشتغلت محامى حتكون محامى بارع وحتكسب القضايا اللى بتترافع فيها وممكن تاخذ البراءة من أول مرة ).
• كيف كانت بدايته مع المسرح ؟
• كانت البداية الحقيقية سنة  1920 مع فرقة حافظ نجيب وبعد ذلك مع  فرقة فاطمة رشدى وجورج أبيض، وفى عام 1923  كان عمره 25 سنة تقدم حسن البارودى للعمل في فرقة رمسيس التى أسسها يوسف وهبي مع عزيز عيد تلك الفرقة التى قدمت روائع الأعمال الخالدة للجمهور آنذاك وكانت بداية المسرح الحقيقى بعد انتشار المسرح الهزلى بكثافة فكانت النواة للمسرح الجدى  حيث وقف على خشبتها أسماء عظيمة انطلقوا بعد ذلك للسينما وللخلود، نذكر منهم حسين رياض, أمينة رزق, علوية جميل, فاطمة رشدى. ولكن يوسف وهبي رفض طلبه لأن الفرقة كانت كاملة، فعرض عليه العمل كملقن  وقبل حسن البارودى وقال (يمكن تيجى الفرصة) وأقف على خشبة المسرح كممثل، وبالفعل تحقق الحلم  عندما تغيب استيفان روستي عن تمثيل دوره في مسرحية «غادة الكاميليا» فقال يوسف وهبى  لحسن البارودى أنت حافظ الدور ياحسن، قال له طبعا يا أستاذ أنا حافظ كل أدوار المسرحية باعتبارى الملقن فأُسند إليه الدور إنقاذاً للموقف وأداه بنجاح كبير فقام مدير الفرقة عزيز عيد بطلب منه الاستمرار فى تمثيل الدور.
• كيف كان مسرح رمسيس مركز انطلاق حسن البارودى فيما بعد؟  
• فى سنة 1934 كون حسن البارودى فرقة مسرحية وكان من ممثلى الفرقة نجمة إبراهيم، محمود المليجى، عباس فارس، طاف بها محافظات مصر حتى وصل إلى السودان واستقر بها عدة سنوات وبعد ذلك رجع مصر ليواصل مشواره الفنى بعد حل الفرقة. فى عام 1944 انضم البارودى إلى فرقة يوسف وهبى حتى تعين عضواً بالمسرح القومى وهو مسرح الدولة عام 1951 حتى إحالته على المعاش سنة 1965
• ماهى أهم أعماله المسرحية؟
• عمل أكثر من 100 مسرحية قديمة وحديثة، معظم المسرحيات القديمة لم تصور تليفزيون – لكن فى مسرحية أسمها كرسى الاعتراف إنتاج سنة 1948مع الأستاذ يوسف وهبى تم تصويرها بكاميرا سنيما وبتعرض فى الفضائيات، وكان فيها مع حفظ الألقاب، فاخر فاخر سراج منير نجمه إبراهيم والسيدة فاتن حمامة -عمر الحريرى -شكرى سرحان - سراج منير عبد العليم خطاب. ومن مسرحيات المسرح القومى مسرحية القضية - السبنسة - كوبرى الناموس - سكة السلامة – بداية ونهاية وتلك المسرحيات  صورت كلها للتليفزيون، ومعظمها كانوا مشتركين فيها الأساتذة توفيق الدقن وشفيق نور الدين باعتبارهم كلهم كانوا أعضاء فى المسرح القومى. 
• كم فيلما قدم حسن البارودى للسينما؟
• مثل حوالى 100 فيلم  فى السينما - بدأ البارودى مشواره السينمائى عام 1929 بدوره فى فيلم (بنت النيل مع عزيزة أمير وعباس فارس وأحمد علام) وكان آخر فيلم له العصفور عام 1972 للمخرج يوسف شاهين مع الفنانة القديرة محسنة توفيق ومحمود المليجى وصلاح قابيل. من أهم الأفلام باب الحديد – الزوجة الثانية – الطريق – أمير الدهاء – حسن ونعيمه - زقاق المدق -هجرة الرسول - درب المهابيل – الشيماء –جريمة حب.
• كيف أثر اتقانه للغة الإنجليزية فى حياته العملية والفنية؟
• كان اتقانه للغة الانجليزية بسبب عمله  كمترجم فى شركة توماس كوك والذى رشحه لتمثيل فيلم الخرطوم مع الممثل العالمى الأمريكى Charlton Heston شارلتون هيستون عام 1966 وفيلم Egypt by three -  أو ثلاث قصص مصرية سنه 1953 - والفيلم الألمانى روميل يغزو القاهرة سنة 1959 مع الفنانة إيمان. وحصل الفنان حسن البارودى على جائزة العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر 1959 .
• من هم أصدقاء حسن البارودى الأقرب له من الفنانين؟
• حسين رياض – زكى رستم - أمينة رزق – توفيق الدقن – فاخر فاخر -  شفيق نور الدين – يوسف شاهين – عبد المنعم إبراهيم – سراج منير – عبد الوارث عسر. مثل مع حسين رياض كثير من المسرحيات القديمة ومن الأفلام  زقاق المدق – رسالة إلى الله – لحن الوفاء، الأم القاتلة. وأتذكر عندما توفى حسين رياض كانت مسرحية سكة السلامة تعرض فى الإسكندرية ووصل خبر وفاة حسين رياض لحسن البارودى قبل دخوله المسرح – كان دوره فى المسرحية حارس القبور وينعى زوجته التى توفت فى الحرب بكى حسن البارودى بكاء حقيقيا فى تلك الليلة لفراق حسين رياض لانه كان فى الحقيقة ينعى صديقه حسين رياض، ومثل مع السيدة شادية فلمين، أقوى من الحب عام 1954 والطريق 1970، ومثل مع توفيق الدقن أمير الدهاء – درب المهابيل – نهاية الطريق – الشيماء، ومثل مع زكى رستم الحرام – الفتوة – أعز الحبايب.
• كيف جمعت الصداقة بينه وبين أم كلثوم؟
• كان من المقربين من السيدة أم كلثوم حيث كانت تقوم بعمل صالونات أدبية فى منزلها بالزمالك وهو كان دائم الحضور، كان حسن البارودى ضعف نظره فى أيامه الاخيرة وحاول السفر إلى الخارج للعلاج ولكن، اعتذروا له بسبب الميزانية، اتصل بالسيدة أم كلثوم التى كان لها فضل كبير، كان لها كلمة مسموعة تفتح الأبواب المغلقة وشرح لها الموضوع وخلال ساعات كان "الباسبور" جاهزا والتأشيرة جاهزة وسافر حسن البارودى إلى لندن لإجراء العملية.
أتذكر أن مسرحية سكة السلامة كانت ستعرض فى سوريا وقتها كان نظره ضعف ولم يستطع السفر مع الفرقة – جميع الممثلين فى المسرحية كانوا فى حالة حزن لعدم وجود حسن البارودى بينهم .
• كيف كانت نشأتك فى كنف الفنان الوالد حسن البارودى؟
• كان حسن البارودى يسكن فى العوامات التى تقع فى منطقة الجزيرة على النيل، العوامة كانت عبارة عن دورين ، الدور الأول عبارة عن صالونات  كان معظم الفنانين والأدباء يجتمعون فى عوامة حسن البارودى بعد الانتهاء من المسرح، عاصرت معظم الفنانين عن قرب – كان صالون أدبى بالفعل. 
• وماذا عن الجانب العائلى فى حياة حسن البارودى؟
• تزوج حسن البارودى من الفنانة رفيعه الشال ووالدتى، نحن أربعة إخوة بالترتيب، أميرة وانتصار وأنا وأمنية، أميرة من الفنانة رفيعة الشال.
• ما آراؤه فى ممثلين جيله والمعاصرين له؟
• كان يشيد دايما بالأساتذة ، محمود مرسى – حسن يوسف - محمود ياسين - محمد صبحى - أشرف عبد الغفور - حمدى أحمد - نور الشريف - صلاح السعدنى وكان يتوقع لهم مستقبلا كبيرا فى الفن.
• ما أهم أدوار حسن البارودى كما تراها؟
 كان يؤدى كافة الأدوار بإقناع تام فدوره مثلا فى باب الحديد عم مدبولى الذى كان يعطف على قناوى – الأستاذ يوسف شاهين- كان المشهد الأخير يعتبر ماستر سين حيث كان يقنع قناوى بارتداء  جلابية الفرح - مختلف عن دوره فى الزوجة الثانية الشيخ الذى يتاجر بالدين يحل الحرام ويحرم الحلال وأيضا مختلف دوره فى فيلم هجرة الرسول مع السيدة ماجدة الذى كان يقوم بدور اليهودى ويبيع السيوف المسمومة لمحاربة الإسلام، وفيلم درب المهابيل كان بيمثل دور والد الأستاذ توفيق الدقن، ويقوم بدور شخص بخيل جدا وفيلم أعز الحبايب تاجر المخدرات مع الأستاذ زكى رستم، وفيلم جعلونى مجرما الذى كان رئيس عصابة يعلم الأولاد السرقة والنشل وعن دوره فى فيلم حسن ونعيمة فى دور الشيخ عبد الحق الطيب صاحب المبادىء – ونال جائزة عن دوره فى هذا الفيلم .
وفى ذات السياق عن إتقانه للأدوار التى يؤديها، أتذكر مرة إنه كان فى لقاء وسأله مقدم البرنامج عن أطرف المواقف التى تعرض لها ، قال له إنه كان يمثل مسرحية قديمة من مسرحيات الأستاذ يوسف وهبى وكان دوره فيها رجل شرير يقوم بتعذيب أولاده، لدرجة أن أحد المتفرجين بعد انتهاء المسرحية انتظره أمام باب خروج الممثلين كى يضربه لولا تدخل الأساتذة حسين رياض، وزكى رستم، ومحمود المليجى - هل وصل الإقناع إلى هذا الحد لدرجة أن المشاهد لم يفرق بين ماهو تمثيل وما هو حقيقى ؟
• هناك أعمال ومسرحيات تمت إعادة تقديمها كيف ترى تلك الإعادة؟
• موضوع إعادة الأعمال الفنية السنيمائية القديمة إلى أعمال تليفزيونية حتى لو كانت بمعالجة درامية مختلفة، ارتبط فى ذهن المتفرج دائما بالعمل الأصلى والممثلين الذى أدوا الأدوار، كثير من النقاد يرفضون وينتقدون إعادة الأعمال، وعندما تحدث مقارنة بين العمل القديم والجديد، دائما تكون الأعمال القديمة هى الأفضل  وإن كان قليل منها ناجحا جدا مثل مسرحية سكة السلامة 2000 ولعبة الست للعبقرى محمد صبحى. من المفارقات أيضا فيلم أمير الدهاء – الفيلم مأخوذ عن القصة العالمية الكونت دى مونت كريستو للكاتب الفرنسى الكسندر دوماس – تم إنتاج هذا الفيلم فى سنة  1950 بطولة أنور وجدى (حسن الهلالى) ومديحه يسرى وسامية جمال وفريد شوقى ومحمود المليجى وكمال الشناوى وسراج منير وحسين رياض، وأعيد تصوير هذا الفيلم عام 1964 باسم أمير الدهاء، بطولة فريد شوقى فى دور حسن الهلالى – وشويكار بدور مديحة يسرى وحسن البارودى  بدور محمود المليجى وأحمد لوكسر بدور كمال الشناوى وشفيق نور الدين  بدور حسين رياض والعظيم محمود مرسى  بدور سراج منير. ومن المفارقات أن مخرج هذين الفلمين هو بركات بالرغم من مرور 14  سنة على إنتاج الأول، الجميع وبلا استثناء كانوا يتبارون فى الأداء وكى لاتكون شهادتى مجروحة، لقد أشاد النقاد، بدور حسن البارودى وقالوا من الظلم إجراء مقارنة بين أداء البارودى ومحمود المليجى الإثنين قمة فى الأداء. ويحفظ المشاهدون للبارودى عدة مشاهد خالدة‏,‏ منها مشهد الختام فى فيلم باب الحديد‏(1958,‏ إخراج يوسف شاهين‏),‏ وعبارته الشهيرة‏:‏ قناوي يا ابني‏,‏ هاجوزك هنومة‏.‏ ومن مشاهد البارودي كذلك فى فيلم الزوجة التانية‏(1976,‏ ‏ وكذلك ترديده للآية القرآنية‏:‏ "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" وذلك على غير معناها‏.‏

Dr.Radwa
Egypt Air