الجمعة 26 ابريل 2024

نظرة على مشروع قانون الهجرة الفرنسي

مقالات10-3-2023 | 17:45

تعتزم الحكومة الفرنسية تقديم مشروع قانون جديد للهجرة أمام البرلمان، يسعى للسيطرة على أعداد الوافدين وتنظيم أوضاع المقيمين، بشكل غير قانوني، ورفع نسب عمليات الترحيل من الأراضي الفرنسية.

التعديلات تثير جدلاً واسعاً بفرنسا الآن؛ على الرغم من قوة حُجة مقدم مشروع القانون وزير الداخلية "جيرالد دارمانان"؛ حيث استهدف إصلاح قانون الهجرة وإعادة هيكلة منظومة المهاجرين،والتي اعتُبرت عبئا على الدولة الفرنسية خاصة في السنوات الأخيرة.

وبالبحث في نقاط مشروع قانون الهجرة الجديد؛ نجد أنه قد أثار قلق عدد من الجهات والهيئات المعنية بقضايا اللجوء، إذ اعتبرت أنه يهدف إلى تقليص حقوق الأجانب على الأراضي الفرنسية؛ استند قلقهم على تفعيل  شرط معرفة اللغة والالتزام بمبادئ الجمهورية كحجر زاوية أساسي للإقامة.

فوفقًا لمقترحات قانون الهجرةواللجوءالجديد، سيتعين على من يريدون الحصول على بطاقة إقامة متعددة السنوات أن يتقنوا الحد الأدنى من اللغة، لا يترتب على من يريدون الحصول على هذه الإقامة سوى إثبات التواجد الدائم على الأراضي الفرنسية.

ولا ينص المشروع الذي ستتقدم به الحكومة على ضرورة أن يخضع طالب الإقامة لدورات لغة بشكل مستقل (تمت مضاعفة مدة دورات اللغة الفرنسية في ٢٠١٨)، ولكنه يسعى لإشراك المؤسسات والشركات بشكل مباشر، من خلال مطالبتها.

باحتساب "أوقات دراسة اللغة لدى هؤلاء على أنها من ضمن دوام العمل"، وبالتالي أن تدفع لهم معاشاتهم الشهرية كاملة ودون اقتطاع ساعات تعلم اللغة.

وبالتوازي سيسعى القانون إلى رفع أعداد عمليات الترحيل من البلاد وطرد من يتم تصنيفهم "خطراً على النظام العام".

فبدءًا من اصدار تصاريح إقامة مهنية والسماح لطالبي اللجوء بالعمل؛ من أجل الاستجابة للنقص في اليد العاملة في بعض القطاعات، يقترح القانون الجديد منح من عملوا في تلك القطاعات على الأراضي الفرنسية لمدة ثمانية أشهر متتالية الإقامة لمدة ثلاث سنوات، على ألا تتضمن حق لم الشمل لعائلاتهم!.

والأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن القانون سيسمح بمنح تصاريح عمل، مبدئياً لمدة عام واحد، للمهاجرين غير الشرعيين العاملين في قطاعات يصعب فيها التوظيف.

هذا البند، الذي تم التوصل إليه بالتنسيق بين وزيري الداخلية "جيرالد دارمانان" والعمل "أوليفييه دوسو" (المنشق عن اليسار)، لاقى ترحيباً من قبل عدد من النقابات والقطاعات المعنية، كقطاعات المطاعم والخدمات والصحة، ويشترط البند تحديث قائمة المهن المعنية بشكل دوري.

سيسمح التعديل القانوني الجديد لطالبي اللجوء بالعمل مباشرة بعد تقديم طلبهم، شرط أن يكونوا حاملين لجنسيات محددة مذكورة على قائمة يتم تحديثها سنويا (لم يتم الكشف عن القائمة المعتمدة لهذا العام). في الوقت الحالي، لا يسمح لطالبي اللجوء بالدخول إلى سوق العمل خلال الأشهر الستة الأولى من تاريخ تقديم طلباتهم، أو إلى أن يتم البت في طلباتهم أو طعونهم، ما قد يستغرق أكثر من ثلاث سنوات في بعض الحالات.

من المتوقع أن يشمل هذا البند طالبي اللجوء الأفغان، كونهم يحتلون رأس قائمة  جنسيات طالبي اللجوء (وفقاً لإحصاء يوروستات).

ومع ذلك، يواجه هذا البند تحديدا معارضة من القوى السياسية اليمينية، بحجة أنه سيفتح الباب أمام موجات من الهجرات "العُمالية"، على الرغم من إعلان "دارمانان' أنه مستعد لتقديم تنازلات في بعض الجوانب ؛وهذا لم يُهدئ قلق  حزب "الجمهوريين"!.

كما يقترح  القانون  تشديد الرقابة على المؤسسات والشركات ومراقبة نسب توظيفها لأشخاص لا يملكون إقامات قانونية  على الأراضي الفرنسية؛ بحيث يفتح احتمالية تعرض المؤسسة المخالفة لغرامة قد تصل إلى أربعة آلاف يورو، عن كل حالة مخالفة يتم رصدها.

وتتضاعف قيمة المخالفة في حال تكرارها (توظيف أشخاص بدون أوراق) خلال سنتين.

يشمل القانون مقترحاً يعزز من سلطات المحافظات فيما يتعلق بإصدار أوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية، لمن رُفضت طلبات لجوئهم من قبل المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية . ومن المفترض، وفقاً للحكومة، أن يسهل هذا البند عمليات الترحيل بمجرد تأكيد المحكمة الوطنية للجوء عدم أهلية الأشخاص المعنيين للحصول على اللجوء.

وبشأن المحكمة الوطنية للجوء، يهدف القانون إلى تسهيل قيام قاض واحد بالنظر في طلبات اللجوء، في وقت يفترض فيه حضور ثلاثة قضاة، -رئيس وقاض مؤقت يعينه مجلس الدولة وشخص خبير في مجال اللجوء يتم تعيينه من قبل مفوضية اللاجئين.

وتعرض هذا المقترح لانتقادات شتى من قبل هيئات وجهات معنية بقضايا اللجوء والهجرة  في فرنسا، اعتبرت أنه لو تم اعتماده، فإنه سيضر بشكل كبير بطالبي اللجوء.

ويسعى القانون لطرد الأجانب المصنفين "خطراً على النظام العام"، واقتراح إصلاحات "هيكلية" على نظام اللجوء وحق الأجانب بالاستئناف أمام المحاكم الفرنسية.

كما أعاد طرح قانون "رفض أو سحب أو عدم تجديد تصاريح الإقامة" لمن يثبت عدم امتثالهم "لقيم الجمهورية، بما يشمل المساواة بين الجنسية وحرية التوجه الجنسي"!!.

فضلا عن ذلك، سيتم السماح لقوى إنفاذ القانون (وفقاً للمقترح) باستخدام "الإكراه للحصول على بصمات أصابع الأجانب المقيمين بشكل غير نظامي في البلاد وأخذ صور فوتوغرافية لهم".

في خضم نقاش حول قانون الهجرة، وجدنا تصريحات للبرلمانية ورئيسة التجمع الوطني (أقصى اليمين) مارين لوبان  بأن ٤٠% من الأجانب في فرنسا غير نشطين في سوق العمل،مما يتوجب عليه اقحامهم في سوق العمل قبل جلب هجرات إضافية.

ويأتي السؤال؛ هل ستستطيع فرنسا التعامل مع المهاجرين الشرعيين،هل ستستطيع إعادة هيكلة تلك المنظومة ودمجهم في سوق العمل ؟ هل ستستطيع حصر أعداد المهاجرين غير الشرعيين على أراضيهاوهل ستقوم بحصر من يستحق الطرد والمغادرة  أم أن القانون سيكون فزاعة للتخلص من مهاجري المغرب العربي وأفريقيا؟.

وهل سيتفق اليسار واليمين من أجل إنقاذ البلاد من جراد المهاجرين؟؛ من وجهة نظري أرى بنود مشروع القانون عادلة وغير مُجحفة بل وتملك توازناً كبيراً - إلا في شق حرية التوجه الجنسي، وأتمنى تضافر جهود اليمين واليسار من أجل نجاح تنفيذ هذا المشروع، وهذا ماسنشهده الأيام المقبلة، فلننتظر ونرى.

Dr.Randa
Dr.Radwa