الخميس 25 ابريل 2024

حبر جاف

مقالات14-3-2023 | 23:33

                                                                                                             الجاسوس الأعظم 

لم يعرف تاريخ البشرية اختراع آلة للتجسس على البشر في كل حالاتهم وأماكنهم مثل اختراع منصات التواصل الاجتماعي وخاصة "الفيس بوك وواتس آب وإنستجرام ووصولا للتيك توك"، هذه المنصات التي اخترقت خصوصية الفرد وشملت الشعوب والدول لدرجة وصلت لحروب غير تقليدية بين الأجهزة الاستخباراتية والدول بعضها البعض بل استخدمتها هذه الجهات كأحد أهم أسلحة حروب الجيل الرابع من بث الشائعات والأخبار المضللة التي تؤجج الشعوب وتزعزع الأمن والاستقرار، وتغير معتقدات وسلوكيات وانطلقت لأبعد الحدود في كسر الحاجز الإيماني والانتمائي لثوابت البشرية ورسم نسق قيمي جديد يفرض فرض على الأجيال الجديدة.

كتب في المقال السابق عن كيف استخدمت الأجهزة الذكية في التجسس على الفرد و الأسرة و المجتمع خاصة الهاتف الذكي وأنهيت المقال بالحديث عن التطبيقات المجانية التي تجعل الفرد نفسه سلعة في يد هذه التطبيقات، كل هذا لا يقارن بالجاسوس الأعظم و هنا سأتحدث عن تطبيقات أو منصات ثلاث " الفيس بوك وواتس آب والتيك توك" هذه التطبيقات التي جعلت أصحابها يتحكمون في معظم سكان الكرة الأرضية بدولهم و شعوبهم بل ويمتلكون ثروات طائلة يسخرونها في خدمة أهدافهم المشروعة وغير المشروعة، المعلن منها وغير المعلن.

و لنبدأ بالفيس بوك.. فكم كنت مخدوعا وأنا أحكي لأبني قصة نجاح مارك زكربيرج الطفل المعجزة مخترع الفيس الذى بدأ من الصفر ليصبح واحد من أثرياء العالم الخمس باختراع الفيس وهو طالب في الصف الثاني بالجامعة وكيف غير العالم بهذا الاختراع الذى بدأ وهو طالب في جامعة هارفارد عام 2003 بمجموعة من الأشخاص و كان اسمه "فيس ماش" وفي 2004 قام بتأسيس موقع فيس بوك ونجح في أن يدخله نصف طلاب الجامعة وفتح أبوابه أمام جامعات أمريكا وكندا وفي بضع شهور تحول إلى "الفيسبوك" وبالتحديد عام 2006، وفي عام 2009 انضم إليه الواتس آب وسرعان ما تغيرت الشركة إلى المتافيرس.

قصة نجاح طالب في اختراع جعل العالم في غرفة ضيقة و كم كنت سازجا وأنا أحكي هذه القصة لأبنى بعد أن اكتشفت مدي بشاعة هذا الاختراع و كيف أصبح يعد على الفرد أنفاسه ويدون كل همساته وحركاته لأهداف استخباراتية في المقام الأول تلتقطها الخوارزمات وبالذكاء الاصطناعي تحولها لمعلومات فاصبح العالم كله وأخباره في قبضتهم.

هل تعلم عزيزي القارئ أن كوكب الفيس به 4 مليارات نسمة أي نصف تعداد سكان الكرة الأرضية؟، وهل تعلم أن من يدخله يوميا 2.8 مليار نسمة، طب هل تعرف أن مصر بها 52 مليون أكونت على الفيس أي نصف سكان مصر وأن ترتيبها بين الدول التاسع كل هذا لا يمثل خطورة على أي أمن قومي لكن الخطورة و الخطر عندما صدر كتاب " ZUCKED" والذي ألفه أحد العاملين بالفيس بوك لمدة ثلاث سنوات وأكد خلاله أن الفيس مؤسسة تأمرية ومخابراتية وأحد أدوات المخابرات الأمريكية وإن غرضه السيطرة على البشر من خلال ثلاث محاور الأول اختراق العقول والثاني الخوف من فقدان الأخبار والأحداث والثالث نظرية الفقاعة وهى التي تقوم على جعل كل شخص منعزل عن عالمه حتى لو كان وسط الآلاف وهو ما تحقق بالفعل لفصل الفرد وعزله عن باق المجتمع لسهوله السيطرة عليه.

هل تعلم أن مارك نفسه تم استجوابه من قبل الكونجرس الأمريكي بتهمة التجسس على الأفراد و انه خرج منها _ وهذا دعما للشو الإعلامي أن أمريكا واحة الديمقراطية في العالم.

ما ينطبق على الفيس ينطبق على واتس لأنهم شركة واحدة ويمتد إلى تويتر الذى اصبح هو الآخر أحد أدوات تحريك الأحداث العالمية خاصة بعد أن اشتراه ماسك والذي اعترف أن تويتر كانت تحجب أخبار عن مرشحين في الانتخابات الأمريكية و يقوم بتوجيه آخرين لمرشحين باعينهم في فضيحة مدويه هزت واحة الديمقراطية العالمية

ما يحدث الآن بين الدول حروب من نوع جديد لا تستخدم فيها الأسلحة المعتادة مثل الدبابات و الطائرات و الصواريخ بل هى حروب المنصات و التطبيقات فخلال الفترة الماضية انشغل العالم بالحرب بين أمريكا وأوروبا من جهة و الصين من جهة أخرى على تطبيق " التيك توك " و خرجت عدة دول أوروبية وأمريكا بحظر استخدام التيك توك في العمل لأنه أداة تجسس صينيه على العالم تمهيدا لمنعه تماما خاصة للأطفال والمراهقين و قامت الشركة الصينية بالرد بعنف على هذه الاتهامات.

لقد أصبحت التطبيقات سلاحا أحظر و اشد ضراوة على الشباب وللأسف يستخدموها دون وعى أو رقيب و كانت سبب في زعزعة استقرار العديد من دول العالم بحروب الجيل الرابع التي سنتناولها في مقال قادم.

ربنا يستر على أولادنا وبلدنا من الشيطان الأعظم عفوا أقصد الجاسوس الأعظم.

Dr.Randa
Dr.Radwa