الخميس 25 ابريل 2024

حزنت برحيلها.. «الحواديت»

مقالات25-3-2023 | 17:17

لم يكن صوتها سوى بساط سحرى يجوب بنا؛ كآلة زمن تغوص فى الماضى وتطوف من مكان لآخر، ثم تعيدنا مع نهاية الحدوتة، سواء كانت "حلوة واللا ملتوتة"، وهى عادةً حلوة ولذلك تتبعها المقولة الشهيرة "يبقى عليكو غنوة"، هكذا  كانت العلاقة بيننا؛ الاحترام للاختيار وثمنه الذى لم يكن يتجاوز "الغنوة"!!
 كم كنا محظوظين بأبلة فضيلة وتوالى حكاياتها يوميا فى ذات الميعاد، فى انتظار الحدوتة التى استبدلت ميعادها الليلى المعتاد بصباح العاشرة الا الربع لنستيقظ على الكثير من المعانى الجميلة التى حاول كل منا أن يلتزم بها.
غاب صوت أبلة فضيلة منذ سنوات عن الأثير، وأغلب من عشق حواديتها؛ احتفظ بها فى زاوية من الحنين لزمن غاب، ولكن خبر غيابها عن عالمنا آثار شجن كل الأجيال التى جمعتها الغنوة والحدوتة.
لقد عاشت تلك الأجيال فكرة "الميعاد" والاستعداد للقاء والانتباه بكافة الحواس لما سيحدث ؛ وكأن كل منا يتابع عرضه الخاص، وأتصور أن أبلة فضيلة ببرنامجها كانت نموذجاً لحالة "الحميمية" التى تميز الراديو كوسيلة اتصال، فقد جعلت كل هذا الاستعداد لحدوتة!!! 
لذلك لم أتعجب كلماتها عن نجاحها ببساطة "الحب اللى الواحد بيديه لشغله بيخليه ينجح"، فقد أدركت سرها وباحت به، إنه "الحب" الذى منحته للحواديت قبل الصغار والكبار ، والذى طغى على نبرات صوتها فجعلها فى قلوب الجميع "الأجمل"!!! وكأن الجمال وحده يجمع بين رقة قلبها واحساسها بالتفاصيل ونبض قلبها الخائف على أهل الحواديت و من بصحبتها فى عالم الحق والخير والجمال.
لقد جمعت الحواديت فى قلبها لتخرج كل يوم احداها؛ وعندما تطمئن على وصولها لكل القلوب، تعود إلى قلبها الذى جعلته كتابا للحواديت!! 
فطالما تخيلتها تخرج من فمها الشخصيات وتفاصيل الحكايات؛ ولم لا وكان صوتها يحملهم إلينا ، ثم نتساءل بعد نهاية الحكاية أين ذهب أهل الحواديت؟؟
فقد جعلت كل ماحولنا من أشياء نظنها تجاوزت الأزمنة والأماكن فى دقائق؛ فلم لا يكون الكرسى آشبه بالبساط ؟؟؟ أو تلك اللمبة تحمل عبق الأساطير؟؟ ولما لاتتحول "المقشة" فى خفاء الليل بطلة لاحدى الحواديت ؟؟؟
كان صوتها بساط ومصباح وعصا ومراية وجانب من الحكاية، هكذا عاشت أجيال حالة من الحب مع صوت أبله فضيلة وظل فى ذاكرتهم هذا العالم؛ الذى أحسوا برحيلها أنه غاب إلى الأبد.
الحب الذى جاءنا بالغنوة والحدوتة؛ وأدرك أن الخيال وحده قادر على ذكر ما لا يقال وتشكيل ووعى ووجدان الصغار؛ لقد سبقت بحواديتها كافة المؤسسات والأنشطة التى كانت تحتاج للملايين؛ لذلك تجاوز الحزن عليها الصغار الذين صاروا كبار؛ حتى أنه سكن الحواديت.

Dr.Randa
Dr.Radwa