تزخر الدول العربية ودول العالم الإسلامية، وغير الإسلامية أيضًا بالملايين من بيوت الله المساجد، والجوامع، وسُمّي المسجد مسجدًا؛ لأنّه مكان للسجود، فيطلق عليه تسمية المسجد إذا كان صغير الحجم، أمّا إذا كبُر حجمه كبيرًا فيُسمى جامعًا لاجتماع عدد كبير من الناس للصلاة فيه، فيُقال لكل جامع مسجد، وليس كل مسجد جامع.
ونستعرض معكم عبر بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان الكريم لعام 2023، يوميًا، أحد أشهر المساجد، والجوامع التاريخية في دول العالم الإسلامي، والدول العربية.
جامع عمروبن العاص.. تاج الجوامع
يعد جامع عمرو بن العاص أقدم وأول جامع في مصر وأفريقيا، ولُقب "بتاج الجوامع" ويعرف أيضًا "بالجامع العتيق"، وأنشأه الصحابي الجليل عمرو بن العاص في عام 21هـ/ 641م بعد أن قام بفتح مصر سنة 20هـ/ 640م بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، وأسس مدينة الفسطاط عاصمة البلاد في ذلك الوقت.
وجامع عمرو بن العاص بمثابة تحفة معمارية فريدة في القاهرة، إذ أنه كان يشترط وقتها أن تضم المدينة الإسلامية مسجدًا جامعًا لأداء صلاة الجمعة والصلوات الخمسة اليومية.
وقد استخدم الجامع في بداية الأمر كمقر لاجتماع المسلمين وقوات عمرو بن العاص، وكانوا أقلية فى ذلك الوقت، وقد شارك عدد من صحابة رسول الله في بناء هذا المسجد كالزبير بن العوام وعبادة بن الصامت.
البناء والمعمار..
وكان المسجد في البداية عبارة عن مساحة صغيرة، وقد بني بالطوب اللبن، وكان سقفه محمولًا على جذوع النخل، وكان محرابه مسطحًا، ثم زادت المساحة الكلية للمسجد تدريجيًا حتى صار في العصر الأموي مكونًا من صحن أوسط مكشوف محاط بأربعة أروقة أعمقها رواق القبلة
ويعلو مسجد عمرو بن العاص مئذنتان، إحداهما في المدخل والواجهة، والثانية فوق الزاوية القديمة، وهما ذاتا طرز عثمانية إلا أنهما قصيرتان، وسمي الجامع بالعديد من الأسماء، مثل الجامع العتيق، أو تاج الجوامع.
وفي عام 53 هجرية أضيف للمسجد منارات على هيئة أبراج تشبه تلك التي توجد في الجامع الأموي، وفي العصر العباسي زيد في مساحته حتى وصلت إلى ما يقارب مساحته الحالية.
و يوجد بالركن الشمالي الشرقي لرواق قبلة المسجد قبة ضريحية يعود تاريخها إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، ونوافذ الجامع القديمة مزخرفة بزخارف جصية لا زالت بقاياها موجودة بالجدار الجنوبي، وللجامع مدخل رئيسي بارز يقع في الجهة الغربية ويتوج واجهات الجامع من الخارج من أعلى شرفات هرمية مسننة.
تجديدات وتوسعات
وشهد جامع عمرو بن العاص العديد من التجديدات والتوسعات طيلة تاريخه، فقد تم هدمه وتوسعته أكثر من مرة، أولها في عهد مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر من قبل معاوية بن أبي سفيان وأقام فيه أربع مآذن، ومن أهم التعديلات بالجامع كانت في عهد قرة بن شريك والي مصر أثناء خلافة الوليد بن عبد الملك الأموي، وذلك خلال الفترة من عامي 709 حتي 715 ميلادي، فقد قام بهدمه وزاد في مساحته وأنشأ فيه محرابًا مجوفًا، ومنبرًا خشبيًا ومقصورة.
وفي الدولة العباسية ابان حكم المأمون، وكان الوالي علي مصر عبد الله بن طاهر، قام بتوسعة المسجد حتى وصل إلى 112 مترًا في 120 مترًا، وفي عهد الدولة الطولونية، قام خماروية ابن طولون بإعادة عمارة ما تهدم من المسجد، وهو ما تكلف 6400 دينار، وفي عهد الدولة الأخشيدية زادت أعمال الزخرفة، من طلاء بالذهب والفضة ونقوش الفسيفساء حيث أقاموه على 400 عمود من الرخام.
وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري،. وهو الآن 120 في 110أمتار».
الأئمة والمشايخ لـ جامع عمرو بن العاص
وأهم الأئمة والمشايخ الذين ألقوا دروسهم وخطبهم في الجامع العتيق، الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ثالث الأئمة الأربعة لدي أهل السنة والجماعة، وشيخُ الإسلام الإمام أبو الحارث الليثُ بن سعد، والشيخ أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، والمُلقب بسلطان العلماء وبائع الملوك وشيخ الإسلام، وصاحب السيرة عبد الملك بن هشام.