الثلاثاء 23 ابريل 2024

«من يحمل عني أوزاري؟».. فاعلو الخير في خدمة ضيوف موائد الرحمن بالسيدة زينب

موائد الرحمن

تحقيقات27-3-2023 | 22:47

نور الدين نادر

فرض رمضان مراسمه، وطقوسه السنوية؛ وكانت الموائد الرمضانية المثال الحيّ والقلب النابض للشهر الكريم، فاض كرم المصريين كعادته؛ وحمل في ثناياه التضامن الضروري، والمحبة اللازمة، وظهرت الشهامة بإيقاعها الأصيل -كما كانت دائمًا- مكونًّا رئيسًا في الشريان المصري.

فيما بدا حيُّ السيدة زينب مثالا على ذلك؛ إذ اكتستْ موائده بأصناف الطعام المتنوعة، واستوعبت أعمارًا مختلفة، أتت أسر كاملة للإفطار، واصْطَفَّتْ في مناخ رمضانيٍّ لا تشهده إلا مصر، وظهر القائمون على هذه الموائد بالإصرار الكافي لاستمرارها سنوات عدة؛ متغلبين على كل الصعوبات، مثل ارتفاع الأسعار، وجاء فاعلو الخير بواجب الكرم، وبالخجل اللازم وهم يروون تفاصيل المشهد ل"بوابة دار الهلال":

فاعل خير: المائدة عادة عربية أصيلة.. والناس تزورني منذ سنوات

وقال "ع.ع" فاعل الخير، بميدان السيدة زينب: إن "المائدة تتنوع من يوم لآخر بإفطار مختلف؛ لتجذب الناس طوال الشهر الكريم، ولكي تضمن للصائم عناصر غذائية متكاملة بعد يوم طويل وشاق، وتضمن له الثواب"، مضيفًا: "أن تكون المائدة ذا مظهر ملائم يشعر الناس بالراحة والأجواء الرمضانية أثناء الإفطار"

وأوضح أنه "يحرص على وجود التمر يوميًّا، لأنه سُنة عن النبي، وهو أول ما يُحب أن يأكله الصائم لحظة الإفطار، كما يحرص على ذبح المواشي أمامه، قبل أن يقدمها للناس طوال الشهر، إضافة لاشتمال المائدة على كوب من العصير، وصنف من الفاكهة لضمان السكريات اللازمة، بجانب طبق أرز، وخضار (فاصوليا، لوبيا، بامية، كوسة)، والعيش، والمخلل.

وأضاف: أن "الناس تأتي إليه منذ سنوات بودٍّ شديد، وأحيانًا يصطحب الرجل أسرته كاملة، وينتظرون على الموائد من الساعة الخامسة والنصف، ويكرموني بثواب عظيم"، وتابع: "المائدة عادة عربية أصيلة، ولن أقول إن المائدة هنا جيدة، أريد الناس أن تأتي وتحاسبني إن كان الطعام غير لايق، لأني أعامل الله قبل أن أعامل أحدًا".

فاعل خير: أرى "الفاروق" على المائدة عندي يردد "من يحمل عني أوزاري يوم القيامة"؟!

فيما قال "فاعل خير" آخر: إن الموائد التي يرعاها موجودة في أماكنها منذ زمن قديم لا يتذكره، وأنه يحرص أن يتنوع فيها الطعام مهما كانت الحالة الاقتصادية"، وأكد: "أن المائدة تتناوب يوميًّا بين اللحمة والفراخ، محاولًا في حدود الاستطاعة أن يوفر نصيبًا طبيعيًّا للصائم طوال شهر رمضان".

وأضاف أنه "تأثر بارتفاع الأسعار لأنه يرعى موائد عدة كل عام في رمضان، لكنه يبذل قُصارى جهده ليحافظ على استمرار هذه الموائد"، وتابع: "صحيح كلما زادت الأسعار زادت المشقة، لكن الثواب أيضًا يزيد لأني أحاول الحفاظ على نفس العدد سنويًّا".

وأوضح أن "عددًا من فاعلي الخير يعرضون عليه مساهمتهم بالمال؛ لأنهم يعرفون أن موائده مستمرة منذ زمن بعيد بشكل سنويٍّ، لكنه يرفض، ويصر أن يتحمل وحده تكاليف الموائد، ويطلب منهم إنشاء موائد أخرى تساعد أناسًا آخرين"

وتعهد بـ"سعيه لاستمرار إقامة الموائد كل عام، مهما كانت الأعباء"، وعن تكاليف المائدة قال على حد تعبيره: "كلما أنظر للمائدة وهي ممتلئة أتذكر سيدنا عمر ابن الخطاب حين حمل شوالًا من المؤونة لسيدة مسنة على ظهره، وكان خليفة المؤمنين، وحين قال له غلام: "أتحملها بنفسك؟ أأحملها معك؟" فقال الفاروق: احملها عليّ، من يحمل عني أوزاري يوم القيامة؟".

Dr.Randa
Dr.Radwa