الثلاثاء 2 يوليو 2024

ماسبيرو فى غرفة الإنعاش

14-2-2017 | 21:54

بقلم : سحر الجعارة

هل انتهى دور «ماسبيرو» كرائد للإعلام فى مصر والعالم العربى؟.

هل فشل فى تأدية دوره لتمثيل الدولة باعتباره "الإعلام الرسمى"؟.. والدفاع عن سياسات الحكومة؟.. والى متى سيظل عبئا على الدولة : (يعمل بماسبيرو حوالى 35 ألف موظف يتقاضون مرتبات شهرية تصل إلى 230 مليون جنيه تدفع اليوم بالكامل من ميزانية الدولة ومن أموال دافعي الضرائب)؟.

قد يرى البعض أن إلغاء "وزارة الإعلام" وتهيئة المناخ للإعلام الخاص أو الحر هو أحد أدوات التحول الديموقراطى ، وأن ضخ مليارات الجنيهات لإنشاء أو تطوير القنوات الفضائية الخاصة: (DMC، ON) يفتح نوافذ الحرية .. لكن التجربة أثبتت أن القنوات الخاصة تعمل لخدمة مصالح أصحاب رأس المال وأجندتهم، وتحدد مواقفهم من التغيرات الجارية : (تحرير سعر الصرف نموذجا).. من منظور المصلحة المباشرة لأصحابها، حتى لو كانت منحازة للحكومة.

المؤلم فى المشهد أن معظم العاملين فى القنوات الخاصة هم أبناء ماسبيرو، سواء مقدمين أو فنيين أو مخرجين .. إلخ ، صحيح أن "الواسطة والمحسوبية" تحكمت فى دخولهم مبنى ماسبيرو، خصوصا خلال عهد وزير الإعلام الأسبق "صفوت الشريف" .. لكن هذا لا ينفى وجود المواهب والكفاءات داخل ماسبيرو حتى لو كانت بنسبة 25 % ، وهم من تأسست بعقولهم وعلى أكتافهم معظم - إن لم يكن كل- الفضائيات المصرية والمحلية!.

هل فقد ماسبيرو مصداقيته مع ثورة 25 يناير 2011 ؟. فماذا عن مصداقية الإعلام الخاص .. الذى أخذ يغلب عليه اللون الواحد ، ويقصى المعارضين لسياسات الحكومة ؟.

قد يكون مبنى الإذاعة والتليفزيون هو النموذج الأبرز على التضخم الوظيفى والترهل الإدارى، وهو ما ينطبق أيضا على بعض الصحف القومية التى أصبحت تخسر مئات الملايين كل عام، وتراكمت ديون بعضها بالمليارات، وإذا رفعت الدولة يديها عن دعم هذه الصحف سوف تسقط وتغلق أبوابها فى نفس اليوم.

فهل تحتفظ الدولة بكل هذا الكم من القنوات التليفزيونية والصحف القومية أم يمكن خصخصة جزء منها لتخفيف الأعباء من على كاهل الحكومة والحصول على عائد يمكن توظيفه في مجالات أخرى؟.

الإجابة هنا مرهونة بدور الدولة "الاجتماعى" فى توفير فرص العمل، وليس بقدرة ماسبيرو على خدمة أهداف الدولة، ومن الواضح أن الدولة أصبحت أكثر اعتمادا على القنوات الخاصة فى معاركها وأولها محاربة الإرهاب والتطرف، وحتى مجالات الدين والترفيه والتنشئة الاجتماعية تغطيها القنوات الخاصة بملايين الدولارات وهو الإنتاج الضخم الذى لم يعد ماسبيرو قادراً على توفيره.

الحديث عن القنوات الخاصة ينقلنا للسؤال : هل تمارس هذه القنوات دورها كأحد وأهم أدوات الرقابة والمتابعة، وتقديم الحقائق للرأي العام ، أم أنها أصحبت منبرا لوجوه من الإعلاميين نصبت نفسها "زعامات سياسية" ، وقررت أن تغازل "المعلن" سواء بنقد أو تأييد الدولة!.

وأنها أحيانا كثيرة تجافى الحقيقة ، اللهم إلا فى نقل "الخبر" ، أما تحليله وتقديمه للجمهور فيعتمد على مصالح صاحب القناة ورؤية مقدم البرنامج التى تفتقر عادة للنزاهة والحياد والموضوعية .

حين فقد ماسبيرو ثقة المشاهد قبل الثورة أصبحت قبلته قناة "الجزيرة" ، ولم تفلح ثورتان فى إعادة ماسبيرو لصدارة المشهد، كما أننا دفعنا الثمن غاليا بالوقوف أمام شاشة "الجزيرة" .. فهل يعجز ماسبيرو بكل إمكاناته عن تقديم خدمة إخبارية متميزة الآن؟!.

هل مازلنا نحتاج ماسبيرو بكل تشوهاته؟.. والذى نعتبره مجرد "صوت للحكومة"؟.

فى الواقع تخلى الدولة عن ماسبيرو "جريمة إهدار للمال العام" ، فهذا المبنى لديه من الأصول والممتلكات والطاقات الفنية ما يؤهله لتصدر المشهد الإعلامى .. لكن يد الدولة لم تمتد إليه بـ "الإصلاح" .. وهو بالفعل يحتاج إلى عملية جراحية عاجلة قد تكون فى دمج أو غلق بعض القنوات، أو اختيار قيادات جديدة ، فنحن -على الأقل- بحاجة لقناة تتحدث باللغة الانجليزية تخاطب العالم بلغة يفهمها مثل Nile news التى تستطيع أن تباشر دورها المهم بعملية تطوير سريعة.

ماسبيرو أولى بدعم الدولة من غيره، وقد كان إلغاء وزارة الإعلام لتحريره وإحداث انطلاقة نوعية فى أداء الإعلام شعارها "الحرية" .. لكنه مع الأسف أصبح مهمشا .. ليدخل فى حالة موت إكلينيكى يحتاج -معها- قبلة الحياة من دولة تستطيع أن تمنحه رئة جديدة للتنفس .. فهل تفعل ؟!.