"المنور" رواية شخصيات بالدرجة الأولى.. تعمّق جوزيه ساراماجو فى رسمها فأصبحت حية تتحرك وتتكلم وتثير الشغب.. كل شخصية مقنعة فى ذاتها، ومقنعة لمن حولها.. كلها شخصيات نعرفها، ولكننا نجهل عنها الكثير.
لمّا أخبره القائمون على دار النشـر أنهم وجدوا روايته بعد ثلاثين عامًا من الضياع ردّ قائلًا: "شكرًا لكم.. لا تنشروها"..
ورغم كل محاولاتهم لاقناعه، ورغم محاولات "بيلار" أيضًا" إلا أنه ظل على موقفه الأول: "لا تنشـروها.. ليس وأنا حىّ"
لقد جرحتم شعوره يا رفاق.. ثلاثون عامًا وهو ينتظر مكالمتكم هذه!
ربما هذا ما حدث بالفعل، أو ربما أنه أراد الانتقام من الموت.. أن يخرج لسانه للموت مرةً أخيرة، وأن يترك بصمة، حتى بعد غياب الجسد والروح فى غياهب النسيان..
مبنى كبير يسكنه بشـر كثيرون، منفصلون، مختلفون.. حياتهم تتجاذب وتتنافر .. تتقاطع وتتباعد .. يسكنها الحزن والفرح.. بين موظفين وربّات منزل ورحّالة متنقلون ونساء كادحات.. تدور الحياة فى صخب يسمع دويّه فى كل الانحاء.. رغبات وشهوات.. خيانات زوجية .. حرية غائبة مرغوبة .. صراع افكار .. علاقات مثلية..