تعتبر مصر حاضنة آل بيت النبوة وأولياء الله الصالحين، وقد بوركت بوجودهم حيث تأتي من منطلق دعوة السيدة زينب الشهيرة لأهل مصر لترحيبهم بقدومها قائلة: "أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجًا ومن كل ضيق فرجًا".
ونستعرض خلال ايام شهر رمضان المبارك عدد من هؤلاء الاولياء وفترة إقامتهم في مصر، ونستعرض اليوم: ابن عطاء الله السكندري.
هو الشيخ الإمام تاج الدين أبو الفضل بن عطاء السكندرى، من أصل عربى فأجداده من الجذاميين من قبيلة كهلان التى ينتهى نسبها إلى بنى يعرب بن قحطان من العرب العاربة، ولد ابن عطاء بمدينة الإسكندرية، حيث كانت تقيم أسرته وحيث كان جده يشتغل بالتدريس وإذا كانت المراجع لم تذكر تاريخ مولده صراحة إلا أن الدكتور التفتازانى استطاع أن يستنتجه من خلال سرد ترجمة حياته، إذا يقول أن مولده يقع فيما بين سنتى "685 هـ، 679 هـ".
تتلمذ على يد أشهر فقهاء الإسكندرية فى ذلك العصر وهو الفقية ناصر الدين المنبر الجذوى الجذامى الإسكندرى، وكانت الإسكندرية فى عصر ابن عطاء مركزًا هامًا من المراكز العلمية بمصر، كان أفراد الأسرة التى نشأ فيها ابن عطاء مشتغلين بالعوم الدينية وتدريبها، لأن جده لوالده كان فقيهًا معروفًا فى عصره.
الأول أمضاه بمدينة الإسكندرية طالبًا لعلوم عصره الدينية من تفسير وحديث وفقه وأصول ونحو وبيان وغيرها من خيرة أساتذتها فى ذلك الوقت، ويبدأ الطور الثانى من حياته سنة 674 هـ عند التقائه بأبى العباس المرسى واصطحابه له وينتهى بارتحاله إلى القاهرة، وفى هذا الطور نلاحظ زوال إنكاره للصوفية حين لقى أستاذه المرسى إذ عجب به إعجابًا كبيرًا واخذ عنه طريق الصوفية، وقد كان السبب فى تحوله الواضح من الإنكار الشديد إلى التصوف.
أما الطور الثالث من حياه ابن عطاء فيبدأ من وقت ارتحاله من الاسكندرية ليقيم بالقاهرة وينتهى بوفاته سنه 709هـ وهو طور نضوجه واكتماله من الناحيتين الفقهية والصوفية والإفادة منها فى التدريس.
ضريح ابن عطاء يتكون من ساحة مستطيلة ضغيرة المساحة جدًا يتوسطها القبر عليه شاهد نقش عليه اسمه وتاريخ وفاته، بالخط الثلث المملوكى، مما يثبت أنه يرجع إلى تاريخ وفاته سنه 709 هـ، ويحيط بالساحة سور مبنى من الحجر، وضلعه الجنوبى الشرقى محراب صغير.
ومنذ القدم ظهرت عند المصريين القدماء فكرة الولي الذي يمثل الآلهة المحلية التي يلجأ إليها الناس لتوصيل رغباتهم إلى إله الدولة الرسمي، سواء رع في الدولة القديمة أو آمون في الدولة الحديثة، وتطور الأمر مع دخول الإسلام إلى أضرحة الأولياء.
وعلى الرغم من ازدحام القاهرة بالمنشآت الحكومية، والوزارات، خاصة منطقة وسط البلد، إلا أنها ما زالت تحتفظ بعدد كبير من الأضرحة التى يتبارك بها المصريين، وهذه الأضرحة كانت موجودة قبل بناء القاهرة الخديوية على يد الخديوى إسماعيل، فربطت بين حقبة الدولة الإسلامية والقاهرة الحديثة التى أراد الخديوى بنائها على الطراز الأوربى لتباهى عواصم العالم الأكثر تمدن ورقى.
على الرغم من رغبة الخديوى انذاك فى بناء القاهرة من جديد على غرار العاصمة الفرنسية باريس، إلا أن المصريين استطاعوا الحفاظ على أضرحة أولياء الله الصالحين، والتى سميت مناطق نسبة لهم، فوسط الحداثة تجد ضريح لأحد المشايخ، وإن كان لا يذكره كل أهالى المنطقة المحيطة به.
هناك أضرحة مشهورة فى القاهرة يعلمها الجميع مثل ضريح سيدنا الحسين، والسيدة زينب والسيدة نفيسة، وغيرهم، ولكن هناك أضرحة أخرى تنتشر فى شوارع وسط البلد لم يعرفها الكثير ولكن أهالى المنطقة المجاورة لها يقيمون لبعضها الموالد ويتباركون بالمكان ويزورنه.