الأحد 16 يونيو 2024

حقيقة راسخة على مر العصور

6-9-2017 | 14:12

بقلم : أمل مبروك

يؤكد المتخصصون فى مجال التنمية البشرية أن المفهوم القديم له كان مقتصرا على كمية ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات خاصة بالمأكل والمشرب والملبس فيرتفع مستوى معيشته وتزداد رفاهيته، إلا أنه مع الوقت اتسع هذا المفهوم ليشمل العديد من النواحي النفسية مثل: الغايات والأهداف الخاصة بالفرد، والتي يحقق معها ذاته وطموحاته.. إلخ، إضافة إلى الأهداف الاقتصادية للمجتمع، فالتنمية البشرية تهدف إلى توسيع مدارك الفرد، وإيجاد المزيد من الخيارات المتاحة أمامه، كما تهدف إلى تحسين المستويات الصحية والثقافية والاجتماعية، فضلا عن توفير فرص الإبداع واحترام الذات وضمان مشاركاته الإيجابية في جميع مناحي الحياة، وها هي الصين - صاحبة أكبر تعداد سكانى - تخطو بخطى ثابتة ومدروسة نحو قيادة العالم، من خلال هذه الثروة البشرية الهائلة، التي جعلت منها ميزة تميزها عن سائر الأمم، ولم تجعل منها عبئا ثقيلا أو شماعة تلقي عليها فشلها كما تفعل كثير من حكومات العالم الثالث أو العالم النامي - كما يسمونه.

 وإذا كان تقدم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا - وهم الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية - منطقيا، فإنه من غير المنطقى أن نجد ألمانيا واليابان من بين الدول المتقدمة وهما الدولتان الخاسرتان في نفس الحرب! إنهما خير نموذج للاهتمام بالاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وخاصة اليابان التي لديها ندرة شديدة في الموارد الطبيعية، وبالرغم من ذلك فقد استطاعت بما تمتلكه من ثروة بشرية أن تبني اقتصادا قويا، تقف من خلاله بين مصاف الدول الكبرى.

إن الموارد الطبيعية والأموال المتوافرة لدولة ما - رغم أهميتهما وضرورتهما الكبرى - لا يغنيان أبدا عن العنصر البشري الكفء والماهر والفعال والمدرب والمعد إعدادا جيدا مبنيا على أسس علمية دقيقة، وهذه حقيقة راسخة على مر العصور والأزمان، لأن البشر بخصائصهم التي خلقهم الله - سبحانه وتعالى - عليها  هم القادرون على استخدام هذه الموارد  بنسب متفاوتة من حيث الكفاءة والفعالية، وإذا كان هناك نقص فى الموارد والأموال فالعنصر البشري بما لديه من قدرة على التجديد والإبداع والاختراع والابتكار والتطوير، يمكنه أن يتغلب على ندرة الموارد الطبيعية، وألا يجعلها عائقا نحو النمو والتقدم، عن طريق الاستغلال الأفضل - إن لم يكن الأمثل - لطاقات المجتمع العلمية والإنتاجية، فضلا عن الاستغلال الرشيد للموارد والاستثمارات المتاحة، ومما لا شك فيه أن الدولة التي يتزايد مع الوقت استثمارها في تنمية مهارات مواطنيها، ستنجح فى رفع مستوى معيشتهم، وفى امتلاك قلوبهم وعقولهم وولائهم.