أمر الإسلام الرجال بحسن معاملة النساء، كما خص الإسلام المرأة بالحفظ والتكريم، وأحاطها بسياج من الرعاية والعناية، سواءً كانت أمًا، أو أختًا، أو بنتًا، أو زوجة، وأكد على أن الرجل والمرأة سواء في الإنسانية.
وأشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى أن الرجل والمرأة خُلقا من أصل واحد، ولما بُعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انكر العادات الجاهلية التي كانت تضهد المرأة وتظلمها، وأنزلها مكانة رفيعة تليق بها كأم وأخت وبنت وزوجة، وسَن للنساء الحقوق التي تكفل لهن الحياة الكريمة والاحترام والتقدير، ومن هذه الحقوق حق المرأة في الحياة فقد كان العرب يؤدون البنات، فحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الفعل الشنيع، وجعله من أعظم الذنوب.
وخلال شهر رمضان نستعرض معا نماذج من النساء ومنهن الذين عاصرن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض من مواقف حياتهن.
ونلتقي اليوم بـ أم عمارة
وهي نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول الأنصارية، وكانت إحدى امرأتين انضمتا إلى سبعين رجلًا من الأنصار لمبايعة النبى (ص) فى بيعة العقبة الثانية، وكان معها زوجها زيد بن عاصم، وابناها منه: حبيب الذى قتله مسيلمة فيما بعد، وعبد الله، وهو راوى حديث الوضوء، أما المرأة الثانية فهى أختها.
وأسلمت أم عمارة، وحضرت ليلة العقبة، وبايعت رسول الله، وشهدت أحدًا والحديبية وعمرة القضية، وحنينا، ويوم اليمامة وقطعت يدها، وسمعت من النبى أحاديث.
شهدت أم عمارة يوم أحد مع زوجها، ومع ولديها من زوجها الأول، خرجت تسقى، وقاتلت وأبلت بلًاء حسنًا وجرحت اثنى عشر جرحًا، ويروى الإمام الذهبى عنها أنها قالت: سمعت رسول الله يقول "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان".
وشهدت نسيبة مع الرسول (ص)، بيعة الرضوان، وهى بيعة المعاهدة على الشهادة فى سبيل الله، وبعدما لحق الرسول بجوار ربه، ظهر مسليمة الكذاب، فهب الجميع لمحاربته وفيهم حبيب بن زيد بن عاصم، ولد نسبية فقتل على يد مسيلمة أسيرًا.
وعندما علمت نسيبة بمقتل ابنها نذرت ألا يصيبها غسل حتى يقتل مسليمة، وخرجت فى معركة اليمامة وكانت حريصة على أن تقتل مسيلمة بيدها، لكن القدر أراد أن يكون القاتل هو ابنها عبد الله بمشاركة وحشى قاتل عم النبى حمزة بن عبد المطلب.
كانت المرأة في الجاهلية مهانةً ولا قيمة لها، فقد كان الرجل هو السيد المتحكِّم في المرأة حسب هواه دون احترامٍ وتقدير، ولكنّ بعد أن جاء الإسلام رفع من شأنها وقدّرها وجعل لها المقام الأول في البيت، فالمرأة مخلوقٌ لطيفٌ، وحساسٌّ، وذو قدراتٍ محدّدةٍ خلقها الله تعالى بكيفيّةٍ معينّةٍ لتأدية بعض المهام التي تستطيع تحمّلها، وقد تكون المرأة؛ أمّاً أو زوجةً أو أختاً أو ابنةً، وفي جميع حالتها يجب مراعاتها واحترامها، وسنتحدّث في هذا المقال حول كيفيّة تكريم الله عز وجل للمرأة.