الثلاثاء 2 يوليو 2024

الصفقة ورهانات نيتنياهو..

15-2-2017 | 13:19

بقلم -سناء السعيد

يمكن القول بأن سياسة ترامب ما زالت فى مرحلة التشكل، وبالتالى فإن معالمها لم تتضح بعد بصورة كلية، ولهذا فإن شعورا بالقلق بدأ يساور الجميع لا سيما وأن الكثيرين يجهلون ما يمكن أن يفعله ترامب، ولا يدركون المدى الذى يمكن لأمريكا أن تذهب إليه فى سياستها حيال المنطقة. غير أن الأمر يختلف بالنسبة لإسرائيل حيث إن العلاقات الشخصية بين ترامب ونيتنياهو تسير على ما يرام شريطة أن نأخذ فى الاعتبار شخصية ترامب المتقلبة، والتى سيكون من العسير معها الجزم بأن العلاقات بين الرجلين ستكون سلسة طوال الوقت، أما القلق فيثار حول قدرة ترامب على قيادة وإدارة أمريكا بالشكل المثالى العقلانى وهو ما لم يتضح بعد، إلا أن نيتنياهو يراهن فى زيارته الحالية لأمريكا على أن يفوز بصفقة تحقق له كل مطالبه، وهى المطالب التى قدمتها طواقم إسرائيلية عشية الزيارة إلى أركان إدارة ترامب وكلهم من الداعمين لإسرائيل ومواقفها.

فى اللقاء الذى سيجمع نيتنياهو بترامب ستتحدد الخطوط الرئيسية للاستراتيجية التى سيتم إرساؤها فى تعامل إدارة ترامب مع إسرائيل، ولا يغيب عن أحد الحماس الهائل الذى ولده فوز ترامب بالرئاسة لدى إسرائيل، فهو بالنسبة لها يمثل انبثاق عهد جديد يؤذن بانطلاق التوسع الاستيطانى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، فلقد جاء فوز ترامب بالرئاسة ليفتح المجال أمام عهد جديد يسوده التوسع الاستيطانى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهو البند الذى يحتل أولوية بالنسبة لإسرائيل. ولقد رأينا كيف أن نيتنياهو وقد استبق زيارته لأمريكا بتمرير قانون تسوية الأراضى والذى يسمح بمصادرة الأراضى الفلسطينية، ويمنح الشرعية لإسرائيل فى إقامة وتوسيع المستوطنات، فإسرائيل هنا تراهن على ترامب وترى أنها أمام فرصة مثالية لإقامة المزيد من المستوطنات رغم أنها تعتبر فى نظر العالم غير قانونية وتدمر عملية السلام وحل الدولتين.

يراهن نيتنياهو على إدارة ترامب لا سيما وهى التى تضم أحد عشر مسئولا من اليهود الداعمين لاسرائيل وللمستوطنات فى الأراضى الفلسطينية ويتصدرهم” جاريد كوشنر” زوج ابنة ترامب التى تحولت بدورها إلى اليهودية، ويشغل منصب المبعوث الشخصى لترامب فى الشرق الأوسط، وهو ما يعكس الثقة العالية التى منحها ترامب له. وهناك” دافيد فريدمان” والذى اختاره ترامب سفيرا لأمريكا لدى إسرائيل والمعروف عنه دعمه وتمويله للمستوطنات الاسرائيلية، وهوالذى عبر عن شكوكه بشأن مستقبل حل الدولتين. وهناك موضوع آخر مثير للجدل يتعلق بما كان ترامب قد وعد به أثناء حملته الانتخابية بعزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والتى وصفها بأنها العاصمة الأبدية للشعب اليهودى. الجدير بالذكر أنه سبق لرؤساء أمريكا أن وعدوا بذلك دون التنفيذ لسبب بسيط وهو أن المجتمع الدولى لا يعترف باحتلال إسرائيل للقدس الشرقية عام ٦٧، كما أنه لا يعترف بضمها إلي الكيان الصهيونى لاحقا.

إسرائيل مطمئنة إلى ترامب الذى حرص منذ اليوم الأول لحملته الانتخابية على إظهار وده ودعمه الكبير لها، ووضح من ذلك أنه يريد أن يكسب اللوبيات الإسرائيلية فى أمريكا انطلاقا من مصالح اقتصادية وتجارية، واتكاء على قاعدة يمينية ترى فى دعم إسرائيل أبعادا أيديولوجية ودينية. مراقبون يرون أن نيتنياهو يسعى للحصول على رسالة ضمانات من إدارة ترامب تعترف فيها واشنطن بشرعية الوجود اليهودى فى الضفة، وهى شبيهة بالرسالة التى حصل عليها شارون فى السابق من الرئيس بوش الابن واعترفت فيها أمريكا بالكتل الاستيطانية التى أقامتها إسرائيل فوق الأراضى الفلسطينية.

موضوع آخر سيطرح فى لقاء ترامب ونيتنياهو آلا وهو موضوع إيران التى يشتركان فى عدائهما القوى لها، فنفوذ إيران فى المنطقة يجعلها مصدر قلق لإسرائيل لا سيما وأن نيتنياهو يعارض الاتفاق النووى كما يعارضه ترامب الذى تحدث عنه بوصفه أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه. هذا بالاضافة إلى أن نيتنياهو يدعو إلى تشكيل تحالف دولى أو اقليمى ضد إيران لبتر نفوذها فى المنطقة. ولا يعلم المرء فيما إذا كان هذا يمكن أن يقود إلى إشعال حرب ضد طهران. خلافا لهذا فإن ترامب يتطلع إلى إجراء مناقشات حول الأمن والعمل الاستخباراتى والتعاون العسكرى مع نيتنياهو. ولا شك بأن مجال العلاقات الاستراتيجية والعسكرية الأساسية بين الدولتين سيبقى كما هو، فرغم التنافر بين أوباما ونيتنياهو والذى أثر سلبا على العلاقات الشخصية بينهما إلا أنه لم يؤثر على التعاون الأمنى والعسكرى الوثيق بين البلدين. ولا أدل على ذلك من أن أمريكا وقعت فى نهاية عهد أوباما مذكرة تفاهم أمدها عشر سنوات وهى تنص على أن أمريكا ستزود إسرائيل بمساعدات عسكرية تبلغ قيمتها أربعة مليارات دولار سنويا. وهو اتفاق لن يتنصل منه ترامب بالقطع.

ترددت أنباء عن أن نيتنياهو سينتهز فرصة الزيارة ليطرح مطلبا آخر مفاده فتح الطريق أمام دول عربية محددة للتطبيع مع إسرائيل والتفاوض معها جول حل سلمى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى بحيث لا يجرى التفاوض مع الفلسطينيين