قال الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن النزعة الإنسانية التي ميَّزت شريعتنا الإسلامية نزعة غير محدودة، لم تخاطب أمةً دون أمة، ولم تتكلَّم بلسان دون لسان، بل هي نزعة عالمية، قال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} تنظر للإنسان الذي كرمه الله بعين الرحمة، بغض النظر عن لونه أو جنسه أو حتى دينه".
وأضاف علام، أنه إذا كان الإنسان وحياته الكريمة هي محل عناية الشريعة، ومناط مقاصدها، فإنَّ أصحاب الهمم هم أولى الناس بتلك العناية، لكونهم أحوجَ الناسِ إلى الاهتمام وأَوْلَاهم بالنظر في شئونهم.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في انطلاق فعاليات مبادرة جامعة الأزهر للنهوض بذوي الهمم، حيث أكَّد فضيلة المفتي اعتناء الشرع الشريف بذوي الهمم اعتناءً كبيرًا، وجعلهم في مكانة خاصة بين أبناء الأمة، حتى جعل النصر والنجاح والتوفيق، ببركة وجودهم ودعائهم، فإننا لا نُنصر ولا نُرزق إلا بهم، وذلك لما أَوْدعه سبحانه في قلوبهم من إيمان وصبر، جعل دعاءهم أحرى بالإجابة، وعملهم أولى بالقبول.
وأشار إلى أن أكثر ما يسعد الإنسان أن يرى القيم الإسلامية والمقاصد الشرعية متحققة على أرض الواقع أو في سبيلها للتحقق، ولذلك نحن نفخر دومًا عندما نرى تلك الجهود والمشاريع المباركة ترى النور واحدًا تلو الآخر، وكيف أن أمتنا المصرية حكومة وشعبًا تمضي بلا التفات نحو صيانة حقوق ذوي الهمم والعمل على توفير الحياة الكريمة لهم.
وتابع مفتي الجمهورية: "لقد رأينا بعين الاعتزاز تنوع المبادرات الرئاسية في سبيل دعم ذوي الهمم، ابتداءً بالسعي للدمج الكامل لذوي الهمم بمقتضى القانون رقم (10) الذي صدر عام 2018 م، وما تلاه من جهود ومبادرات تُوِّجت بإنشاء المجلس القومي للأشخاص ذوي الهمم الذي أنشئ بقرار من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي عام 2019 م".
وأضاف "أننا لا زلنا نرى حجم الاهتمام من فخامته بذوي الهمم، ولقائه بشكل دَوري معهم لدعمهم وإعلامهم أنهم في القلب دومًا، وأنه سيظل يعمل على إتمام عملية دمجهم دمجًا كليًّا في المجتمع ".
ولا شكَّ أن تلك العناية الخاصة من سيادته قد انعكست على الأداء الحكومي، ويظهر ذلك في جهود الوزارات المختلفة وعلى رأسها وزارة التضامن الاجتماعي وما تؤديه من دور هام في رعاية ذوي الهمم.
وأكد المفتي، أن ذوي الهمم ثروة بشرية، فإذا كان الله تعالى قد قدَّر عليهم فقدًا لإحدى الأدوات فلا يدل ذلك على فقدهم لأيٍّ من القدرات؛ فقد حباهم بالمواهب والملَكَات التي إذا أتيح لها فرصة الظهور والتمكين لأَثْرَت الحياة الإنسانية بالكثير من الإنجازات في مختلف ميادين الحياة، والتاريخ الإنساني زاخر بالنماذج المشرفة التي تحدَّت ظروفها وكان لها تأثير في شتى المجالات في الفنون والآداب والعلوم والرياضة.
واختتم مفتي الجمهورية كلمته بقوله: "إننا نؤكد أننا ما زلنا بخير ما دام ذوو الهمم من إخوتنا وأبنائنا في مقدمة أولوياتنا، وسنظل بخير ما دمنا نسعى سعيًا حثيثًا إلى تحقيق تلك الغاية والوصول إلى الدمج الكامل والتمكين لذوي الهمم، وتكريس يقينٍ داخل ضمائرنا جميعًا أنهم ليسوا مجردَ جزءٍ من هذا المجتمع فحسب، بل هم جزء هام ومنتج، لا يمكن لنا أن نمضي خطوة واحدة نحو بناء مصر الجديدة إلا وهم يشاركوننا في هذا البناء".