باتت برامج المقالب الكوميدية ضيف ثابت في شهر رمضان من كل عام، وبالرغم من مشاهدتنا لتلك البرامج منذ الصغر كنوع من التسلية والضحك، إلا أن الأمر بدأ يتغير منذ سنوات ليتحول من برامج الكاميرا الخفية البسيطة والمضحكة، إلي مقالب بها كم من الابتذال والتنمر والإيذاء النفسي والجسدي للضيف، الأمر الذي جعلنا نتساءل عن نفسية المشاهدين الذين ينتظرون مثل هذه البرامج المليئة بالعنف بأجواء من الإثارة والترفيه.
قالت الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"،.. أن ما يتم عرضه من تلك البرامج التي تتسم بالسطحية والفجاجة، تدل على عشوائية في نشر بعض الثقافات الفردية كي تصبح سائدة وسط الجميع وتتحول لأسلوب حياة، لأن من يتعمد إهانة شخص وإذلاله من خلال خضوع الضيف في تلك البرامج للتنمر، عن طريق عبارات الاستهزاء الذي يستخدمها مقدم البرنامج إلي جانب الضرب والعنف تحت مسمى الكوميديا، هو شيء هزلي ولا ينم سوى عن مرض نفسي حتى في حالة اتفاق طرفي البرنامج على تقديم الحلقة من أجل استمتاع المشاهد.
وأضافت أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن من يشاهد تلك البرامج ويستمتع بها، هو شخص لديه ميول سادية لأنه يتلذذ من مأزق الآخرين والآلام التي يشعر بها، فضلاً عن سطحية عقله وتفكيره، ولديه تخلف ثقافي وتعليم وهمي ووعي غير مدرك لتأثير تلك الأمور عليه في المستقبل، كما يمتلك من يشاهد تلك البرامج إعاقة فكرية في تطوير ذاته مما يجعله يشاهد تحقير وتقليل شأن الآخرين حتى يشعر بقيمته ، خاصة أن تلك المقالب خارجة عن أي مصدر للكوميديا والبهجة والتسلية.
ونصحت بضرورة تشديد الرقابة والضوابط على مثل هذه البرامج، حتى لا يكون هناك مردود فعلي لها على الواقع المجتمعي، وينتج عن ذلك انتشار بعض القيم والمفاهيم الخاطئة، فضلاً عن خلق أجيال متنمرة وتستمتع بأذية الآخرين، مما يصنع تشويه منظم للفطرة الإنسانية القائمة على احترام الغير والمسامحة والرحمة.