كتبت : خلود الشعار
تطلع مصر خلال الفترة المقبلة عن طريق الإصلاحات الاقتصادية التي تخطوا بها نحو التنمية ومواجهة العقبات، للانضمام إلى مجموعة دول الـ«بريكس» والتي تضم 5 دول هم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وفق تقديرات اقتصاديون ودبلوماسيون.
وأكد الخبراء أن القاهرة تأمل الانضمام رسميًا إلى مجموعة «بريكس» والتي تشكل 40 من سكان العالم وتحقق دوله 50 % من مخططات التنمية بحسب توقعات صندوق النقد الدولي، مشيرين إلى أن الانضمام ليس أمرًا سهلاً لأن تلك المنظمة تطلب شروطًا خاصة في الدول التي ترغب في الانضمام إليها وهذا ما حدث مع جنوب أفريقيا قبل الانضمام إليها في عام 2010.
وشارك الرئيس الرئيس عبد الفتاح السيسي لأول مرة، في القمة التاسعة لمجموعة البريكس، التي تضم خمس دول من قارات آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، والتي انتهت أعمالها الاثنين الماضي، بمدينة شيامن بجنوب شرقي الصين.
القوة الاقتصادية للمجموعة
مجموعة «بريكس» بدأت مفاوضات تأسسيها عام 2006 بمشاركة 4 دول هي الهند وروسيا والهند والبرازيل تحمل اسم "البريك" أي "الطوب"، لتعقد أول مؤتمر لها سنة 2009، وانضمت أليهم جنوب أفريقيا عام 2010، وتحقق هذه الدول أسرع نمو اقتصادي على المستوى العالمي؛ وهو ما أتاح لها موقعا قياديا.
يقع مقر المجموعة في مدينة شنغهاي الصينية، ونسبة إسهامات دولها 50 % في نمو الاقتصاد العالمي، والناتج المحلي يمثل 28% من الناتج المحلى العالمي.
مساحة دول "بريكس" الخمس مجتمعة أكثر من ربع مساحة العالم، وعدد سكانها أكثر من 40% من تعداد سكان العالم.
وتمتلك البريكس صندوقًا لاحتياطات للطوارئ برأس مال مبدئي بلغ 100 مليار دولار.
وتسعى المجموعة لخلق توازن دولي في العملية الاقتصادية، وإنهاء سياسة القطب الأحادي، وهيمنة الولايات المتحدة على السياسات المالية العالمية، وإيجاد بديل فعال وحقيقي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إلى جانب تحقيق تكامل اقتصادي وسياسي وجيوسياسي.
معايير الانضمام
الدكتور مجدي عبد الفتاح، الخبير الاقتصادي، قال لـ"الهلال اليوم" إن انضمام مصر لمجموعة دول "بريكس" كعضو أساسي يتطلب معايير خاصة تطلبها المجموعة لضم عضو جديد لها، مضيفًا أن المجموعة عندما تسعى لضم عضوًا لها تنظر إلى مميزاته وعيوبه في آن واحد.
وعن المميزات التي تكلها القاهرة، لفت "عبد الفتاح" إلى أن مصر تمتلك عدة مميزات، حيث أنها دولة هامة في منطقة الشرق الأوسط، فضلًا عن تأثيرها القوي على المستوى الجغرافي والاستراتيجي للمنطقة، وهذا أمرًا داعمًا للبلاد بشكل أساسي، مشيرًا إلى أن الأوضاع الاقتصادية حاليًا قد تكون عائقًا في انضمامها للبريكس.
وأوضح، أن مصر تمر بأوضاع اقتصادية صعبة في الوقت الراهن، مما يجعله أمرًا غير مشجعًا لانضمامها، خاصة في ظل تضخم الأوضاع الاقتصادية بشكل عام، وحالة الركود الموجودة، لافتًا إلى أن وجود مصر في المجموعة سيكون فارقًا على مستوى دعمها الاقتصادي وجذب المستثمرين ويضعها في المنافسة العالمية.
الاستفادة من الانضمام
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن انضمام مصر سيكون مفيدًا للغاية وسينقل مصر نقلة كبيرة على مختلف المستويات، بالإضافة إلى أن مجموعة "بريكس" ستستفيد أيضًا من انضمام مصر لأنها دولة مهمة في المنطقة ولها دور حيوي في تشكيل خريطة المنطقة، وهي أيضًا بوابة اقتصادية لأفريقيا، مما سيشكل فرقًا في التكوين الاقتصادي للمنطقة، مضيفًا أن الانضمام مسألة وقت، لأن كافتي الميزان متعادلين، وهم قبول مصر بالمجموعة أو رفضها، والأخرى التقدير العام للمجموعة ووجه نظرها حول مستقبل الاقتصاد في مصر.
واختتم:" فإذا رجحت المجموعة أن الاقتصاد سينتعش ستكون مصر عضوًا بها، أما إذا لم ترجح هذا الأمر للأسف لن تكون عضوًا".
حلم الانضمام بين الرغبة والعوائق
الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، قال إن انضمام مصر لمجموعة "بريكس" كعضو أساسي أمر يرغبه المصريين كثيرًا، مشيرًا إلى أنه أمر يتم عن طريق إجماع الخمس أعضاء بالمجموعة.
وأضاف لـ"الهلال اليوم"، أن مصر شاركت في هذه القمة كعضو مرافق مع 6 دول أخرى تم دعوتها من قبل المجموعة لحضور القمة، مشيرًا إلى أن القوة الاقتصادية لمصر قد تكون عائقًا في الانضمام للمجموعة، لأن هذه المجموعة حققت معدلات نمو مرتفعة واستثمار عالية للغاية.
معدلات التنمية
الخبير الاقتصادي، أكد أن مصر يجب عليها حل مشاكلها الاقتصادية، والخروج من عنق الزجاجة، ثم تطالب بعد ذلك بالانضمام للمجموعة بشكل رسمي، حيث يتطلب الانضمام وجود تناسب في معدلات النمو بين مصر وتلك المجموعة، ولكن حاليًا لم تطلب مصر الأمر وكذلك المجموعة لم تطلب، لافتًا إلى أن الانضمام لمجموعة البريكس بحاجة إلى إجراءات طويلة المدى مثل عضوية مصر في مجلس الأمن وغيرها.
وأوضح، أن الأمر يحتاج إلى دراسات ونتائج ومن ثم يتم التقديم للانضمام بالمجموعة، مشيرًا إلى أن جنوب أفريقيا استغرقت عامين تقريبًا للانضمام إليها كعضو رئيسي، ولكن مصر في نهاية عام 2017 من المفترض أن تحقق معدلًا في النمو يصل لـ 1.4، بينما تجاوزت دول البريكس هذه المراحل منذ فترة طويلة.
مكاسب الانضمام
الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن انضمام مصر لمجموعة دول البريكس سيكون أمرًا جيدًا للغايه، مضيفًا أن هذه المجموعة قوية اقتصاديًا وتحقق نهضة وتنمية على مستوى البلدان المنضمة لها.
وعن سبل الانضمام السليمة للمجموعة، قال الدكتور محمد حسين لـ"الهلال اليوم"، أن مصر يجب عليها حينما ترغب في الانضمام للمجموعة أن تكون على أتم استعداد، حتى لا يقابل طلبها بالرفض، مشيرًا إلى أنهم يضعون معايير معينة لاختيار الدولة التي ترغب في الانضمام إليهم.
مصر اتخذت الخطوة الأولى
وأضاف، أن مصر اتخذت الخطوة الأولى، ألا وهي حضور هذه القمة والمشاركة في الاجتماعات التي عقدت من خلالها، فضلا دعم العلاقات الدولية خلال القمة، مشددًا على ضرورة تبادل الزيارات بين مصر ودول البريكس، كل دولة على حدها، مما سيعود بالنفع على مصر في شتى المجالات.
نظرة "البريكس" لمصر
وأشار إلى، أن توجيه الدعوة لمشاركة مصر بالقمة خطوة أولى من قبل المجموعة للاقتناع بأن لمصر دورًا قويًا في منطقة الشرق الأوسط، مما سيرجع هذا الأمر بالمزيد من التقدم والتطور في البلاد سواء في الاستثمار أو السياحة أو الاقتصاد وغيرها من المجالات التي ستفتح أفقًا واسعة للنهوض بمصر سريعًا.