الأحد 16 يونيو 2024

مقترحات «الحق في الدواء» لإنقاذ سوق الأدوية في مصر

7-9-2017 | 23:32

 

كتب – هانى سليمان

تخوفات تعانى منها الدولة، حال توقف شركات الأدوية الخاصة عن الإنتاج بسبب مطالبات المستمرة برفع الأسعار، وهذا ما يعرض صحة المرضى للخطر، خاصة أن مصر تستورد أدوية حيوية جدًا، مثل مشتقات الدم وأدوية السرطان، والكارثة أن شركات الدواء الحكومية لا تنتج هذه الأصناف، وهذا ما يضع المريض المصري تحت رحمة الشركات الخاصة، في حين أن الاخيرة دائماً ما تبحث عن مصلحتها في جنيْ الأرباح فقط دون النظر إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد والملجأ الوحيد للشركات الحكومية.

 

11شركة أدوية تابعة للقطاع العام تنتج 4% من الأصناف الدوائية

أوضح الدكتور ياسر خاطر، عضو مجلس أمناء مركز الحق في الدواء لـ«بوابة الهلال»، أن شركات الأدوية الخاصة أرسلت قائمة بالأدوية التي تريد رفع أسعارها إلى وزارة الصحة، والأخيرة تبحث عن التوقيت المناسب، والأزمة الحالية هي بيع الأدوية بسعرين، خاصة أن هذا الأمر أحدث أزمة في سوق الدواء والبيع بسعرين لا يوجد في أي دولة في العالم إلا مصر، مشيراً إلى أن شركات الأدوية التابعة للقطاع العام في مصر عبارة عن 11 شركة تتبع للشركة القابضة للأدوية، وقديمًا كانت هذه الشركات كانت تغطى 70% من احتياجات المصريين من الدواء وكان هناك استقرار نسبي، وعدم تخوف من توحش شركات القطاع الخاص، كما أن أسعار أدوية القطاع العام كانت في متناول المواطن البسيط وبجودة عالية جدًا، لدرجة أن الشركات العالمية كانت لا تنشئ مصانع لتصنيع الأدوية، وتفضل تصنيع أدويتها في مصانع القطاع العام، وحاليًا انعكس الأمر، حيث تم إهمال هذا القطاع ولم يتم تطويره ولم يتم إمداده بالخبرات والكوادر اللازمة، وكل هذا صب في مصلحة القطاع الخاص وبدأ القطاع الحكومي ينكمش، حتى انحدرت نسبة إنتاجه من الأدوية إلى 4% فقط من سوق الدواء في مصر، وإذا حدث أي أمر طارئ لأي سبب من الأسباب سيتم تدمير قطاع الدواء إذا امتنعت أي دولة خارجية في إمدادنا بالأدوية أو المواد الخام المستخدمة في الصناعة .

 

الاعتماد على استيراد أدوية مشتقات الدم والسرطان

وأضاف خاطر، أن الدولة تستورد أدوية حيوية جدًا مثل مشتقات الدم وادوية السرطان والمضادات الحيوية، أما شركات القطاع العام حالياً تصنع أدوية مثل الريفو والاسبوسيد، وأدوية البرد والكحة، وهذه الادوية لا تمثل أي شيء بالنسبة لاحتياجات المرضى، بالإضافة إلى أن الشركات العالمية التي كانت تصنع عند مصر تنسحب تدريجيا عن التصنع في القطاع العام، وهذه ضربة موجعة جداً للقطاع العام واثبات لفشله، لأنه لا يتم تطويره، وهناك مئات المصانع الخاصة وهذه كارثة أيضًا، فالأردن لديها 40 مصنعًا فقط، وتصدر أدوية إلى الخارج مثل مصر 10 مرات، حيث تصدر بمليار و200 ألف دولار، أما مصر فتصدر بـ200 ألف دولار فقط والقطاع الخاص هو من يصدر هذه الأدوية مثل شركات ايبكوا وآمون وايفا وفاركوا، وعن إنقاذ هذه الشركات فتحتاج إلى خطة طويلة الأمل، ويتم إمداد الشركات بالكوادر المدربة فضلاً عن تطوير المصانع والعنصر البشرى الذي يعمل داخل القطاع، وأن يكون هناك اهتمام مباشر من الدولة للشركات، وأن يكون لدى الدولة نظرة مستقبلية للأدوية الحساسة ويتم تصنيعها في مصر.

 

إيقاف مثائل الأدوية أسوة بالسودان

ويؤكد خاطر، أن دولة السودان أوقفت الأدوية التي لها مثائل، أما فى مصر فهناك أدوية كثيرة ولها بدائل، ولابد من اتخاذ نفس الخطوة التي اتخذتها السودان في الشركات التابعة للقطاع العام، والاهتمام بشكل كبير بالدعاية والإعلان عن هذه الأدوية، والاهتمام بالتكنولوجيا الحديثة، فمن ضمن الأمور التي أثرت على القطاع العام الكوادر البشرية، ففي سنة 2007 تم إصدار قرار بتوحيد أشكال عبوات الدواء الخاصة بالقطاع العام، وهذا القرار كان خاطئًا، فالشركات العالمية التي تشتغل في تسويق أدويتها تعتمد على الشكل الثابت عند المريض، بمعنى أن يكون هناك لون مميز لعبوة الدواء يثبت في ذهن المريض، فيعتاد على شكل العبوة وهذا نوع من أنواع الدعاية، أما توحيد أشكال العبوات الدوائية كان بمثابة كارثة حلت على الشركات، وسببها وجود كواد بشرية غير مدربة ولا تفهم في مجال الدعاية، كما أنه تم غلق خطوط أدوية معينة مثل خط «البرجنيل» وهو عقار كان خاصًا بمعالجة مشاكل التبويض عند النساء والرجال، وتم إغلاقه تدريجيا، وكان عند شركة النيل وكان الوحيد في السوق الذي يغطى احتياجات الشعب المصري، وصدرت منتجات كثيرة جدًا لشركات كثيرة خاصة، كما أن وقف استيراد مثائل الأدوية التي لها مثيل في مصر لفترات محدودة ضروري، حتى يتم توفير العملة الصعبة، كما أن أدوية القطاع العام سعرها معين، وعندما وقعت هذه الشركات ورفعت الشركات العالمية أسعارها بشكل كبير استجاب وزير الصحة لمطالبها، لأنه لا يوجد لديه ما يحميه، لأن الدولة ليس لديها البديل الوطني، الذي يحميه وهى مسئولة عن إغفالها للقطاع العام على مدار السنوات الماضية وعدم الاهتمام بالبحث العلمي، كما أنه من الممكن أن يتم ربط هذه الشركات مع بعضها البعض تحت مظلة واحدة للبحث العلمي، ويكون هذا القطاع متخصصًا بالبحث عن عمل مثائل للأدوية الحساسة والاستراتيجية، واكتشاف أدوية جديدة وتطوير الأدوية، فمديونة شركة واحدة مثل المصرية لتجارة الأدوية، وصلت مديونياتها عند وزارة الصحة لمليار جنيه، ولابد من إنشاء هيئة عليا للدواء تكون من اختصاصها الرقابة على المواد الخام المستخدمة في التصنيع وتسعير الأدوية وتوفير البدائل الخاصة، وتكون بعيدة عن وزارة الصحة،لافتًا إلى أن المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق حينما زار السعودية أُعجب بهيئة الأدوية هناك ووعد بتطبيقها في مصر ولم ينفذ حتى الآن.