الجمعة 7 يونيو 2024

جسد شخصيتي يوسف وعيسى عليهما السلام .. الباشا أحمد علام.. عاش للفن ومدافعاً عن الفنانين

8-9-2017 | 13:21

كتب : خيرى كامل

رغم أن ملامحه ليست خشنة أو غليظة إلا أنها حادة جداً.. وهذا يعني إنه ليس عنيفا مع ما يتمتع به من قوة الشخصية وليس عصبيا بقدر ما توحي به ملامحه من قسوة وقوة شكيمة.. ومع ذلك تأتي صورة الفنان أحمد علام لتعكس بوضوح ذلك الوجه الاروستقراطي أو بمعنى أكثر وضوحاً «الباشا» القاسي الذي يملك قبضة من حديد يستطيع من خلالها أن يحقق ما يشاء... وقد ظهر هذا في فيلم «رد قلبي» الذي جسد فيه وببراعة دور الباشا ... ولم يكن هذا الدور الوحيد الذي قام به الفنان القدير أحمد علام والذي اعتمد فيه المخرجون علي ملامحه الحادة في تجسيد أدوار التسلط والثراء الفاحش التي حصره فيها القائمون علي الدراما السينمائية آنذاك فقد جسد نفس الشخصية في فيلمي «أنا بنت مين» و«قلوب العذارى» وكرمته الدولة في حياته حيث حصل علي وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولي عام 1960.

ولد الفنان أحمد علام في 20 يوليو 1899 في قرية «سندبيس» مركز قليوب محافظة القليوبية وكان والده هو عمدة القرية وتلقي تعليمه الابتدائي في مدرسة القرية ثم انتقل إلي القاهرة ليلتحق بمدرسة السعيدية وفيها التقي واستاذ الترجمة والتاريخ محمد عبدالرحيم وكان من هواة الفن ومشرفا علي فريق التمثيل بالمدرسة والتحق علام بهذا الفريق وكانت تلك بداية التحول في حياته... وأصبح فيما بعد محبا للفن ودفعته هذه الهواية للبحث عن تلك الجمعيات والنوادي التي تأسست لتشجيع هواة التمثيل..

بدأ علام حياته موظفا في وزارة الحقانية ثم عمل مع فرقة عبدالرحمن رشدي 1923 وعمل مع عزيز عيد والريحاني وانضم لفرقة رمسيس وتركها 1930 لينضم لفرقة فاطمة رشدي ثم عاد لتكوين اتحاد الممثلين الذي استمر أكثر من 6 شهور ثم انضم إلي الفرقة القومية عندما تكونت وظل بها بعد أن صارت فرقة المسرح القومي.

كان أحمد علام ممثلا مثقفا يهوي الاطلاع علي فنون المسرح ويتذوق الأدب والشعر ودفعه ذلك إلي إصدار مجلة فنية تحمل اسم «الفنون» ولم تستمر كثيراً.

وأسهم في نشر فن التمثيل إذ قام منذ عام 1925 وحتي عام 1931 بتدريس الإلقاء والتدريب علي التمثيل لطلاب المدارس الثانوية والجامعات.

كان يملك صوتا متناسق الطبقات طيع النبرات بارعا في أداء الشعر ... لذا عندما قدم دوره في «مجنون ليلي» كان رائعاً ووفق مقاييس الأداء كان أفضل من قام بهذا الدور.

لم يقتصر نشاط أحمد علام علي الأداء التمثيلي بل امتد إلي النشاطات الاجتماعية والنقابية ففي عام 1934 كون بعض الممثلين اتحاداً يحمي مصالحهم ويرعي شئونهم واختير أحمد علام سكرتيراً عاما لهذا الاتحاد.

وتولي منصب السكرتير العام لنقابة ممثلي المسرح والسينما وتحولت النقابة فيما بعد إلي نقابة مهنية وانشأ اتحادا لها وايضا كان عضوا باتحاد النقابات الفنية.

من أشهر أعماله فيلم وداد مع أم كلثوم عام 1936 ودوره في فيلم صراع في الوادي... أما المسرح فأشهر أدواره علي الاطلاق «مجنون ليلي» و«الخيانة العظمي» و«سبعين سنة» و«الدهب» وطالب الدولة بأن تعين الفرق المسرحية بإعانات شتوية ثابتة لأن ذلك من دلائل العناية والتشجيع وستكون حافزاً لها للإجادة والاتقان.

ويحسب له أنه الممثل المصري الوحيد الذي جسد شخصية الانبياء علي المسرح وفي السينما حيث قدم شخصية النبي يوسف في مسرحية زليخا عام 1931 وهي رواية انجليزية ترجمها حامد عبدالعزيز والد الفنانة لبني عبدالعزيز وأيضا قدم المسيح عليه السلام من خلال الدراما السينمائية وذلك عام 1938 وكانت مفاجأة فنية مدوية آنذاك عندما أعلن تجسيده شخصية السيد المسيح في أول عمل سينمائي مصري عربي باسم «آلام السيد المسيح» وكان بموافقة الأزهر وكان يرأسه الشيخ محمد مصطفي الرفاعي وكتب المادة الحوارية الأب انطوان عبيد وراجعها عميد الأدب العربي د. طه حسين وشاركه البطولة عزيزة حلمي وسميحة أيوب وسعد أردش وتوفيق الدقن إخراج محمد عبدالجواد.

يذكر أن آخر أعماله مسرحية «دموع إبليس» وقال لزملائه وهم يهنئونه علي أدائه للدور: اشعر أن هذا آخر أدواري المسرحية وليلتها وافق علي منح 20 أسرة من عائلات الفنانين معاشات شهرية ثابتة وفي اليوم التالي قام مع وفد من نقابة الممثلين باختيار قطعة أرض لإقامة مقبرة للفنانين وبعد ذلك اعكتف في بيته لا يغادره إلا قليلاً وبدأ لا يري النور إلا بصيصا ضئيلا إلي أن سافر إلي ألمانيا لإجراء جراحة في عينه ومع مرور الأيام... فجأه يعلن عن خبر وفاته في 2 سبتمبر 1962.