بقلم: هبة عادل
الإرهاب كلمة لا تحتاج إلي شرح أو وصف أو تعريف.. يكفي القول بإنها من أبشع الكلمات في قاموس اللغة ونواميس الحياة والمعني الأسود في حياة الإنسانية.
وفي الوقت الذي يصول ويجول فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي حول العالم عملاً من أجل تكاتف الأيادي والجهود لإبادة هذه الظاهرة العالمية، وبينما نجده في مؤتمرات الشباب في مصر يوجه رسائله المباشرة لصناع السينما لعمل أفلام تهاجم هذه الظاهرة وتعالج من تسول لهم أنفسهم بالزج بها في براثن هذا الشرك الرهيب.
نجد للأسف أعمالاً هنا وهناك تتقول علي هذه الظاهرة الخطيرة.. التي دمرت العالم وسفكت دماء الألاف حوله هنا وهناك من ضحايا عزل أبرياء وشهداء من رجال الشرطة والجيش والناس البسطاء الذين يتجرعون وأسرهم ويلات الموت والدمار والإعاقات والتشوهات.
نجد أن الفن وقف ليصنع أعمالاً تتربح فوق جثث هؤلاء جميعاً.. بل لا أبالغ إذا قلت علي جثة الوطن ذاته!!
وأيضاً بينما نجد مسلسلا قدم في رمضان الماضي بعنوان «غرابيب سود» علي إحدي الفضائيات العربية يتحدث عن الحياة داخل معسكرات داعش ويفضح ممارساتهم اللعينة حيث التجنيد والتدريب وتعويد الصغير قبل الكبير علي استباحة القتل بدم بارد وتحت شعارات التغييب للعقل والوعي.
وكذلك وجدنا مسلسلات مصرية مثل «وضع أمني»، «أرض جو» وغيرهما تتعرض بشكل حاسم وإيجابي لدحر ظاهرة الإرهاب وتوضح كيف يصنع الظلم والجهل والقهر - إرهابيا يجب الوقوف علي أسباب صنعه هذه، نجد للأسف أعمالاً أخري اتخذت من الإرهاب مادة لأشياء لا نراها سوي أعمال تصنع من أجل العبث فوجدنا مثلاً برنامجاً من نوعية برامج المقالب الذي قدم علي شاشة رمضان قبل الماضي بعنوان «ميني داعش» وحسبنا في العمل اسمه قبل شرح تفاصيله التي تدور حول استقطاب لأحد الأشخاص سواء من أهل الفن أو جمهور العامة من أصحاب المهن والحرف مثل الحلاق والسباك والنجار وغيرهم.. إلي إحدي الشقق ليجد أن شخصا داعشيا يرتدي ملابس التنظيم الأسود ويهدده بالمسدس بضرورة تجنيد نفسه والانضمام للتنظيم وإلا سيتم قتله فيما يقوم مقدم البرنامج الفنان الكوميدي خالد عليش بلعبة قتل أحد الأفراد لإجبار الضحية علي الانضمام للتنظيم تحت تهديد السلاح.. ليخرج علي الضحية بعد حالة الانهيار والصراخ بأنه مجرد مقلب.
وحديثا وجدنا فيلم «الخلية» الذي يحكي عن ضابط في العمليات الخاصة يتصدي لأكثر من عملية إرهابية ويقوم بمطاردة الخلايا الإرهابية حيث يظهر الفيلم مجهود رجال الأمن في محاربة الإرهاب ويوضح أيضاً الضغوطات والمصاعب التي يتعرضون لها خلال عملهم.. إلي هذا الحد «مافيش مشكلة» بل علينا افتراض حسن النية وأن العمل يواجه ويحارب هذه الظاهرة الإجرامية لكن ما فوجئت به هو نوع آخر من أساليب التربح، كما ذكرت عندما نفاجأ بعنوان علي لسان بطلة الفيلم ريهام عبدالغفور، يتصدر إحدي المجلات الكبري وهي تقول: «عز» ورطني مع داعش.. وتحكي في ثنايا الحوار أنها تجسد شخصية فتاة تعمل في الموضة والأزياء.. تتعرف علي شخص ينتمي لداعش.. وتتطور الأحداث!!
ونجد للأسف عنوانا آخر يتصدر مطبوعة صحفية أخري تقول فيه النجمة الشابة سمية درويش: كنت هبقي داعشية، حيث تحكي أنها خلعت الحجاب بعد أن ارتدته واعتزلت واعتكفت في خلوة وتقول في حوارها بابتسامة: كدت أن أكون داعشية وكل من حولي خاف مني بعد أن زهدت فكرة أن أكون مشهورة.
ثم خبر آخر يحكي قصة فيلم بعنوان «دعدوش» يدور حول صحفية تقوم بدورها الفنانة الشابة ميريهان حسين لتدخل علي حد تعبيرها إلي «زواريق» التنظيم الداعشي لتتعرف علي أسراره وتتعامل مع البطل هشام إسماعيل الذي يقوم بدور «دعدوش» وهو عضو من أعضاء هذا التنظيم وتحدث بينهما مفارقات كثيرة في أجواء «كوميدية».
.. كوميدية يا سادة.. برامج مقالب وأفلام كوميدية لا علاقة لها بالأعمال سوي الرغبة في التربح والكسب علي حساب أي شيء وكل شيء.. دعاية لاهثة في سباق يدوس علي كل القيم والمبادئ وحتي علي دم أغلي الناس ممن يضحون بأرواحهم كل يوم ونحن نأخذ من قصصهم الدامية مادة نصنع بها دراما أسوأ وأسود من الواقع بكثير تدوس بلا رحمة أو قلب أو ضمير علي جثة أفراد وحياة هذا الوطن الجريح وأبنائه المساكين .. يا خسارة.