الأحد 24 نوفمبر 2024

لايهتم بمصطلحات الثورات والمؤامرات .. لطفي بوشناق: أغنياتي إنسانية وليست سياسية

  • 9-9-2017 | 13:15

طباعة

حوار: محمود الرفاعي - تصوير: عبد الحافظ حمدي

عندما غنى قصيدته الشهيرة "أنا المواطن" أبكى الجمهور العربي كله، خاصةً في مقطع "خدوا المناصب بس خلولي الوطن"، كانت بمثابة رسالة من مواطن يحب تراب بلاده لكنه يرفض تفسير تلك القصيدة بأنها حالة يأس من الوطن العربي.

الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق التقته "الكواكب" أثناء وجوده في القاهرة، فتكلم عن أغنياته وعن السياسة وما فعله تامر حسني، ورأيه في مواقع التواصل الاجتماعي

لماذا يأس لطفي بوشناق من الحياة بالوطن العربي فى قصيدة "أنا المواطن" وبالتحديد في جملة "خدوا المناصب بس خلولي الوطن"؟

هذه الكلمات لا تدل على اليأس أو الضعف أو الهزيمة، إنما هي كانت رسالة من مواطن عربي يحب تراب بلده، يطلب من كل المتحكمين والانتهازيين أن يستمتعوا بمناصبهم وبالمكاسب التي حققوها، ولكن بعيداً عن بيع أوطانهم أو أراضيهم، فحياة الانسان ليست طويلة فالعمر لم يعد فيه بقية، ولكن الأرض هي مستقبل أولادنا وأحفادنا، وعلينا أن نحافظ عليها مثلما حافظ السابقون عليها لكي ننعم نحن فيها، ولكي ينعم الصغار فيها مستقبلا، وإن حاول هؤلاء الانتهازيين سرقتها أو بيعها فنحن لن نتركها تضيع منا، فالأرض بالنسبة للمواطن العربي كالمياه والهواء.

لماذا ترفض أن تطلق لفظ "ثورات" على ما شهده الوطن العربي خلال السنوات الماضية؟

أنا لم أرفض لقب ثورة، إنما أنا لا أهتم بالمسميات، فأنا لست دارساً للسياسة لكي أحلل ما حدث بالمنطقة العربية وأثبت صحة كلامي بالأدلة والبراهين، فسواء كانت ثورة أو انتفاضة أو مؤامرة، فهذه مسميات تختلف من إنسان لآخر، على حسب المجتمع الذي تربي فيه، والعناصر المحيطة به، لكن ما يهمني هو أن ننسي ما حدث طيلة الفترة الماضية سواء كان إيجابيا أو سلبيا ونبدأ في التفكير بالمستقبل، ونحاول أن نسعى جاهدين في رسم خريطة جديدة لحفظ كرامة الإنسان العربي وإعادته لتعمير أرضه ومستقبله.

لماذا لم تتغير أحوالنا كعرب بعد سنوات من انتفاضة الثورات العربية؟

السنوات الست أو السبع التي مرت علينا منذ انفجار هذه الثورات، ما هي إلا ثواني في عمر تاريخ العالم، ربما نحن نشعر أنها فترة طويلة لكوننا نعيش اليوم بيومه، ولكن حينما نقارنها بالثورات السابقة في مختلف دول العالم، نجد أنفسنا أمام ثوان ولحظات مرت، فالثورة الفرنسية ظلت مئات السنوات، الثورات الأوروبية أخذت قروناً لكي تظهر نتائجها، كما أن الأحوال بالوطن العربي مرتبطة ببعضها البعض، فما يحدث في السودان يؤثر على مصر وتونس، وما يحدث في سوريا يؤثر على لبنان والأردن، لكن هنا لابد أن نعترف بحقيقة واحدة وهي أننا نمر بأسوأ فترة زمنية مرت في تاريخ الوطن العربي.

ما سبب تقديمك اغنية "أخويا الانسان" لدولة "البوسنة والهرسك"؟

أنا إنسان، وفى يوم الحساب سأقف أمام الله عز وجل ويسألني عما قدمته في حياتي، وهنا جواز السفر الذى يحمل اسمى وجنسيتي لن يفيدنى بشئ، إنما أعمالي الصالحة هي التي ستنفعني، ولذلك ما رأيت من مآس ودمار وقتل لأطفالنا واخواتنا في البوسنة والهرسك دفعني أن أغني للإنسانية، فأنا سلاحي هو صوتي، وأحمد الله أن هذه الأغنية الآن وبعد سنوات من طرحها تم اختيارها من أهم 12 أغنية للإنسانية ضمن منظمة اليونيسيف، وكل ما أشاهد عملاً غير إنساني سأحاول أن ادافع عنه بصوتي، وما يحدث لمسلمي دولة "بورما" يدفعني دائما للتفكير للغناء لهم.

هل أنت من نوعية الفنانين الذين يلجأون لتقديم الاغنية الوطنية في الازمات السياسية؟

اطلاقا، فأنا لم ولن أغني الاغنية السياسية، فكل أغنياتي ما هي إلا أغنيات إنسانية، وأنا ضد فكرة الغناء الوطني بدون سبب، فنحن جميعنا نعشق أوطاننا، الوطن لا يحتاج منا الغناء ولكنه يحتاج أن ندافع عنه بالفعل وليس الكلام، إنما أنا أغني للإنسان في أى مكان وزمان، وسأظل اغني له مهما كلفني هذا الامر، ومن يقول إنني أغنى أغانى وطنية فهو لا يفهم شيئاً، وأحمد الله أن جمهوري يطلب مني سماع كل أغنياتي، ولم اجدهم في يوم ما يصنفوني أو يطلبون منى تلك الأغنية فكل ما يطلبونه مني احققه لهم.

منُ من الفنانين تري ان أعمالهم تناقش مشاكلنا العربية؟

كل فنان لديه سياسة وخطة مختلفة عن الآخر، وانا ليس من حقي مناقشتهم أو تحليل أدائهم واغنياتهم، فربما هم يفكرون بطريقة تختلف عني، ولكن علينا جميعا أن نعترف بأن الفنان هو المرآة التي تعكس مشاكل وهموم المجتمع الذى يعيش فيه، وأغنياته تنبثق من الحياة التي كان يعيشها، ولو أحببت أن أذكر لك أسماء شعرت أنهم يقومون بنقل الصورة المجتمعية التي كانوا يعايشونها فى واقع معين ونقلوها في أغنياتهم فربما اذكر الفنان مارسيل خليفة ونصير شمة وعبادي الجوهر وأيضا الفنان اليمني أحمد فتحي.

ما القضية الإنسانية التى ستغني لها خلال الفترة المقبلة؟

دولتي فلسطين، فأنا لم أعطها حقها في الغناء حتى الآن، ولم انته بعد منها، فأي إنسان عربي سواء كان مسلماً أو مسيحياً، تظل فلسطين لها مكانة قوية في قلبه وعقله وتفكيره، ولذلك سأظل مدافعا عنها ولن اتركها حتى أري أنها أصبحت محررة من هؤلاء الطغاة لأن فلسطين ليست مجرد قضية إنسانية تمس كل إنسان عربي، بل هي قضية دينية وعقائدية، ففلسطين بالنسبة لى كعربى مسلم هي أرض المسجد الأقصى الذى أتمنى أن أصلى فيه كل صلواتي وهو محرر.

لماذا أصبح الشباب العربي غير مثقف؟

المشكلة ليست مشكلة الشباب، إنما هي مشكلة الحكومات العربية التي تري أن الثقافة والفنون وسائل ترفيه وليست عوامل لإعلاء شأن المجتمعات، لذلك لو قرأت أو درست أي ميزانية حكومية لبلادنا العربية ستجد أن ميزانية وزارة الثقافة تقبع في المركز الأخير، فمثلا نحن بتونس حصيلة وزارة الثقافة 0.75%، وبعد ذلك نجد تلك الحكومات تشجب وتدين الشباب الذين ينحرفون ويلجأون إلى تدمير أنفسهم باستخدام المواد المخدرة والضارة، أو يشكون من الشباب الذين أخذهم تيار التطرف وانضموا إلى جماعات إرهابية لقتل الناس، فالثقافة هي المقياس الحقيقي للأمم، كل العالم يهتم بالفنون إلا في الوطن العربي.

هل تري أن وسائل الاتصال الحديثة كتويتر وفيس بوك كانت سبباً في انهيار الوعي الثقافي للشاب العربي؟

سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قال "خير الأمور الوسط"، فالإنترنت والشات ومواقع التواصل الاجتماعي لديها إيجابيات رائعة ولكنها ضارة أيضا، لذلك علينا أن نستخدمها بالحد المعقول، ولا نكثر منها، فنحن الآن نري أن الأسرة الواحدة المكونة من أب وأم وأبناء جميعهم منخرطون في استخدام تطبيقاتهم ولا يتحدثون مع بعض البعض، فالإنترنت سلاح ذو حدين علينا أن نستخدمه بشكل إيجابي مثلما يتعامل معه الغرب، فنحن كعرب دائما لا نتعامل مع الأشياء القادمة لنا من الغرب بشكل إيجابي.

كيف نجحت في الحفاظ على جماهيريتك مع تعاقب الأجيال عليك؟

الفنان الناجح هو من يستطيع أن يطور ويجدد من نفسه وأسلوب اغنياته طيلة حياته، فالحياة تتغير كل يوم، ومن لن يستطيع ان يواكبها سيتواري مع الأيام وهذا الأمر حدث مع عشرات الفنانين العرب، فحتى إن لم تكن حابب تغييرات الحياة عليك أن تتعامل معها لكي تواصل مسيرتك، فأنا نجحت في ذلك وفى كل حفلاتي أواظب على تقديم الأغنيات التراثية والمواشيح لجمهوري القديم الذى بدأ معي في رحلتي الغنائية، واغنى للحب والرومانسية والكلاسيكي للشباب، وكل يوم يمر عليّ أجد شباباً يحفظ اغنياتي ويرددها معي في حفلاتي.

ما سبب عدم تعاقدك طيلة مسيرتك الغنائية مع أي شركة إنتاجية فنية؟

هناك شركات كثيرة عرضت علىّ الإنتاج، وأنا لست رافضا للتعاون معهم، ولكنني فنان حر، أعشق الحرية والعمل بدون قيود، كل ما يطلبه الجمهور على أن انصت له وأن احققه، ولذلك ربما اقع تحت ضغوط وأساليب لا أحبها من شركات الإنتاج التي دائما ما تهدف إلى الربح، ولذلك أحبذ أن أطرح أغنياتي بدون إنتاج خارجي، فأنا أجمع المال من أجل أن أصرفه على الفن، ولكي يكون عملى متكاملاً وأكون راضياً عنه، ولكن لو وجدت شركة انتاج لا تضع قيوداً وتوفر لي كافة عوامل النجاح لن أرفض التعاقد معهم، بل سأوافق وبكل ترحيب من أجل تنشيط الصناعة.

زرت خلال مسيرتك الفنية كافة قارات العالم .. فكيف رأيت تجاوب المجتمعات الغربية مع أغنياتك وموسيقاك؟

كل دول العالم في كافة، ودولة اليابان في كافة وحدها، فأتذكر في إحدى المرات دعيت هناك لإحياء حفل غنائي كبير لليابانيين وليس للجاليات العربية، وخلال البروفات اتفقت مع فرقتي الموسيقية، أن نبتعد عن الأغنيات ذات الموسيقي العربية خاصة التي فيها ربع تون، مقام "سيكا" لكي نقترب من موسيقاهم، نظراً لأن موسيقانا لا يهتم بها سوانا نحن فقط، وبالفعل قبل الحفل جلست مع إدارة المسرح لكي نضبط إيقاع الأغنيات والاضواء وتوظيف المسرح مع الموسيقي لكي يخرج الحفل بشكل جميل، وقبل ساعات من الحفل وخلال المؤتمر الصحفي الذى عقد لي وجدت سيلا ً من الأسئلة توجه لي من التلاميذ الصغار يسألونني عن الإيقاعات الشرقية مثل المحجر والسماعي والموشح والمونولوج، فشعب اليابان من أعظم شعوب العالم ويعرفون كل ما هو مميز، ويسعون دائما لتطويره أو الاستفادة منه، عكس ما نفعل نحن في وطننا العربي.

لماذا اختفت الاغنية الطربية من ساحتنا الغنائية خلال الفترة الماضية؟

الأغنية العربية الطربية موجودة، ولم تختف أو تقل، انما المشكلة في الإعلام الذي أصبح يبتعد عن إذاعتها بسبب رأس المال، فرجال الإعلام والصحف والمجلات والبرامج المرئية عليها مسئولية الدفاع عن الفن والغناء الطربي ومهاجمة الفن المبتذل والهابط، فمهما ظلت الأغنيات التافهة ستأخذ وقتها وتنتهي مع الزمن، انما الاغنية الطربية باقية أمد الدهر.

كيف رأيت اقتباس المطرب تامر حسني لجزء من أغنيتك "أنا حبيت " فى إحدى اغنياته "رسمي فهمي نظمي"؟ وما ردك على انه قلل من قيمة الأغنية؟

استمعت للأغنية ولم يكن لدي أي غضاضة مما فعله تامر، فهو ابنى، وأنا دائما ما أشجع الشباب، وأتمني أن يكون لديهم مستقبل باهر وناجح، مثلما كان لدينا فى الماضي، والبعض هاجم تامر لكونه لم يذكر أن الاقتباس كان من أغنيتي، فأنا لا اشغل بالي بهذا الامر، وذكره لاسمي أو عدم ذكره لن يضيف لي شيئاً، أما بخصوص أن البعض رأي أنه قلل من الأغنية، فأغنيتي معروفة ولها تاريخ طويل والجميع يستمع إليها، وانا لست ضد أن يعيد أي فنان أي أغنية لي.

    الاكثر قراءة