الخميس 23 مايو 2024

حوت عمرو دياب والثلاثية الظالمة

9-9-2017 | 13:17

بقلم: فوزي إبراهيم

في ألبومه الجديد نجح عمرو دياب في تقديم توليفة غنائية راعت أذواق أجيال ثلاثة تربت علي أغانيه وشكلت جمهوره العريض بعد أن أغفل بقصد أو دون قصد جيل التسعينيات والجيل الذي تلاه وطالت معايشته ومداعبته للجيل الجديد بموسيقاه وإيقاعاته و(فورماته) دون إدراك للفوارق في مستوي النضج بين الشرائح العمرية الثلاث والذي حتما تبعته فوارق في الذوق وفي الوعي وهو ما أثر علي مبيعات ألبومات عمرو دياب في العامين الأخيرين،إلا أنه بحسه الذكي تدارك الفجوة سريعا وتصالح مع القاعدة العريضة بل تصالح مع نفسه ليحيد ذاتيته ويتجاوز الحواجز النفسية التي صنعتها خلافات شخصية مع أسماء نجحت معه ونجح معها وأصبح لنجاحاتهم مكان في قلوب الجمهور (الديابي) كما يسمونه، وقرر أن يجعل المحرك الوحيد للاختيار هو مستوي الصدق والتميز أينما كان الصدق وكان التميز بين صناع الكلمة واللحن في أجيال ثلاثة، وكان الموهوب عمرو مصطفي واحداً ممن تصالح معهم عمرو دياب قبل صدور الألبوم بأسبوعين ليقدم أغنيتين من أنجح أغنيات الألبوم هما أغنية «قلبي اتمناه» كلمات تامر حسين وأغنية أجمل عيون أو (برج الحوت) كلمات الشاعر السعودي ترك آل الشيخ، وقد أحدثت الأخيرة جدلا واسعا لخروجها عن المألوف أولا ولجماهيرية وتجارية الفكرة ثانيا وللربط بينها وبين علاقة عمرو ودينا الشربيني ثالثا، وبالطبع فإن كل هذا صب في مصلحة الأغنية ومصلحة الألبوم ومصلحة عمرو دياب في المقام الأول، ومن المؤكد أن عمرو كان يعرف بل كان يقصد ما أحدثته الفكرة حين اختارها وهنا يأتي ذكاء الاختيار، ويأتي أيضا (وهذا هو المؤسف) التجسيد الحي للثلاثية الظالمة في التعامل مع صناع الأغنية الثلاثة الشاعر والملحن والمطرب علي مدي التاريخ.

فحقيقة الأمر أن فكرة الأغنية التي قلبت الدنيا وأشعلت مواقع التواصل وتم إسقاطها علي قصة عمرو ودينا الشربيني لم تكن من عنديات عمرو دياب الذي- اقتصر دوره علي الاختيار والتوصيل الجيد- وكانت من عنديات وإبداعات و(حياة) الشاعر ثم الملحن وهو ما كشف عنه عمرو دياب نفسه في حفل بورتو مارينا الأخير حين أعلن أنه لا يعترف بمسألة الأبراج من الأساس واستنكر كل ما خرج من أقاويل، وهكذا هي دائما العلاقة الثلاثية الظالمة شاعر يجسد معاناته هو وأفراحه هو ومشاعر قلبه وملحن يترجم ويضيف من حسه ومن روحه ثم مطرب ينسب له كل ذلك.

إنها ثلاثية ظلم قديمة لا يلام عليها المطرب بقدر ما يلام عليها الجمهور والإعلام الذي يدع توحده مع المطرب ينسيه أن هذه الأغاني التي انصهر مع معانيها وأنغامها هي قطعة من قلب مؤلفها وملحنها ونبض قصة ربما كانت حقيقية.

وبعيدا عن الظلم القديم الجديد واعترافا بحق مؤلفي وملحني هذا الألبوم المميز أسجل إعجابي بعمرو دياب ولحنه لأغنية أحلي حاجة لنفس الشاعر حيث أعادنا لكلاسيكيات الأمس برشاقة اليوم واستحضر روح السبعينيات والثمانينيات وأغنية بمقومات أغنيات المسرح بمقدمة طويلة ودخول وتريات ثم صولو جيتار وصولو عود ثم حوار بين الوتريات والأكورديون، وهو طعم افتقدناه منذ زمن، ثم أغنية الموهوب أيمن بهجت قمر والموهوب محمد يحيي العائدان لعمرو دياب بعد طول غياب ليضعا بصمتيهما في نغمة الحرمان، ثم الشاعر تامر حسين مرة أخري في أغنية «جنب حبيبي» لحن محمد رضا وأغنية «حبايب إيه» لحن مدين، والشاعر الواعد أحمد المالكي في لحن شارك فيه عمرو دياب وسامح كريم وأغنية «أول كل حاجة»، ثم الثنائي المفاجأة أسامة مصطفي مؤلفا وسامر أبو طالب ملحنا في أغنيتي «معدي الناس» و«قمر إيه»، والشاعر هاني رجب والملحن مديح محسن في أغنية تنم عن موهبة حقيقية هي أغنية «آه حبيبي» وروحها الشرقية الراقية النابضة بالحيوية والإيقاع، وأخيرا الموزع المبهر الواعي أسامة الهندي الذي قدم عشر حالات موسيقية شديدة التنوع والتميز والاحترافية.

هؤلاء هم من قدموا الأغنيات التي أسعدت عمرو دياب فأسعدنا بها فحق علينا أن نهنئهم معه وأن ننسب النجاح لهم جميعا.