الأحد 19 مايو 2024

مع الاحتفال به غدا.. سر ارتباط الأسماك المملحة والبيض الملون بعيد شم النسيم

شم النسيم

تحقيقات16-4-2023 | 19:18

إسراء أبو رحاب

يستعد المصريون للاحتفال غدا بشم النسيم، وهو مناسبة للتنزه بالحدائق والمنتزهات العامة وضفاف النيل، وارتبط ببعض مظاهر الاحتفال الأخرى تناول البيض الملون والأسماك المملحة والمدخنة مثل الرنجة والفسيخ التي لها بعد تاريخي مرتبط بالحضارة المصرية القديمة ومازالت تمارس حتى الآن.

 

يرجع تاريخ الاحتفال بعيد شم النسيم إلى ما قبل الأسرات أي فيما قبل 3200 ق.م تقريبا (كما تذكر ذلك المصادر التاريخية) ويعد عيد شم النسيم هو عيد رمزي لتجدد الحياة وبداية الخليقة حيث عرف المصري القديم التقويم وحساب الزمن فقسم العام إلى 12 شهرًا وأربع فصول أساسية كل فصل منهما أربعة أشهر.  

وكانت فصول السنة لديه هي فصل الفيضان ( آخت) ويتكون من الأشهر ( أبيب ، مسرا ، توت ، بابه) ثم فصل الشتاء (برت) ويشمل الأشهر (هاتور ، كياك ، طوبا ، امشير) والفصل الثالث هو الصيف (شمو) ويضم الأشهر (برمهات ، برمودة ، بشنس ، بؤونه).

 

الأصل التاريخي لشم النسيم

يرجع أصل الكلمة (شم النسيم) من الكلمة الهيلوغريفية القديمة (شمو) والتي تعني (الصيف) وهو الفصل الثالث من فصول السنة وكان يحتفل به حينما ينتهي فصل الشتاء (برت) ويتساوى النهار والليل فيما يسمى فلكياً بالاعتدال الربيعي والذي يبدأ في يوم 21 مارس او ما يقابل يوم 12 برمهات في التقويم المصري

كما تعني الكلمة "شمو" أيضًا الحصاد حيث يكون الزرع قد نضج في هذا التوقيت وحان وقت حصاده فهو ليس عيدًا ارتبط بغير الفصول بل بالأرض وصار عيدًا لها لذلك ظل ذلك العيد

خالداً في ذاكرة المصريين يدلل على هوية مصر الزراعية ، ومع مرور الزمن حرفت كلمة (شمو) فأصبحت شم وأضيفت إليها النسيم لاحقا ليسمى عيد شم النسيم تغير المسمى نهائياً ليصبح عيد الربيع.

 

الأسماك المملحة والبيض الملون

ارتبط البيض في مصر القديمة بالحياة بنظرية الخلق  التي جعلت منه طقسًا هاما من طقوس الاحتفال  بشم النسيم  حيث افترض المصري القديم أن هذا الكون كان عدم لا حياة فيه وكان في حالة سكون (مرحلة التشرنق الكوني)

وفي تلك المرحلة من خلق الكون كان يتكون بداخل البيضة الكونية النور الإلهي الذي سيظهر بعد الانفجار الكبير ، وقد اعتمد المصري على 4 أفكار أساسية هي (الماء ، الظلمة ، اللانهاية ، الخفاء) وهى مكونات الخلق الأولية حيث يحتاج كل المخلوقات لتلك العناصر الأربعة

ليتم إنتاجها (فالماء يقابله ماء الذكر والأنثى ، والظلمة تقابلها الرحم والتربة ، واللانهاية يمثلها شكل البذرة والبيضة وكيس الجنين ، الحجب أو الخفاء ويماثله عملية الكمر الذي يوفر الحماية واستمرار اطوار النمو) وبعد حدوث الانفجار الكوني الكبير خرج النور الالهي والذي تم من خلاله خلق الكون .

لذلك كانت هناك رمزية للبيضة في الاحتفال بعيد (شمو) ، لاحقاً استخدم المصري البيضة في هذا اليوم لكتابة أمانيه بالخط الهيلوغريفي ثم تطور ذلك مع الزمن ليصبح تلوين البيض ظاهرة في الاحتفال بشم النسيم حيث انتقلت عادة تلوين البيض من مصر إلى العالم كله.

 

كما أن ارتبطت الأسماك المملحة "الفسيخ والرنجة" بمظاهر الاحتفال في مصر قديما وحديثا حيث كان المصري القديم فكان يحرص دوما على تمليح أسماكهم، حتى لا تفسد، في الفترة التي يقل فيها الصيد والسمكة باللغة المصرية القديمة هي (إينت).

وقد رمزت السمكة المملحة إلى أوزيريس المحنط حيث يرتبط هذا العيد بأوزيريس والذي أصبح جسده هو الذي يمنح الخصب لأرض مصر ومن جسده ينبت الشعير والقمح كما اقترنت أكلة الفسيح بأكل بالبصل حيث يعرف في مصر القديمة باسم (حجو) .

وكان البصل من النباتات المقدسة في مصر القديم التي لها أهمية دوائية وروحية حيث تحكي أحد البرديات أن أحد أمراء مصر مرض بداء غامض ليس له علاج على زمنهم وقد نصحه أحد الأطباء بوضع بصله تحت رأسه وهو نائم.

وتعليق أعواد البصل فى أنحاء القصر بقصد طرد الأرواح الشريرة وعند شروق الشمس عصر بصلة وصب ماءها فى أنف الأمير الذى تعافى من مرضه خلال فترة بعد ذلك وقد اثبت الطب الحديث مقدرة البصل في علاج كثير من الامراض وخاصة ذات الصله بالتنفس.

 

 

مظاهر التزين في عيد شم النسيم

هناك عادات ومظاهر تخص الملابس مثل ارتداء الألوان المبهجة التي تبث الفرح في نفوس الجميع والتزين الذي يتمثل في "التكحل" فهو من عادات المصريين في ذلك اليوم حيث يحرص المصريين رجال ونساء على رسم أعينهم بالكحل.

وقد أخذت المسيحية تلك العادة كذلك من مصر القديمة ويذكر أن أوزيريس نصح المصريين بأن يتكحلوا في ليلة عيد (شمو) حتى تصح أعينهم خلال العام التالي ويروه، ويحرص مسيحيو مصر ومسلميها على التكحل في سبت النور.

ويقول المستشرق الإنجليزي (أدوارد وليم لين) والذي زار القاهرة في القرن 19 حوالي عام 1834م : "إن المصريين يبكرون بالذهاب إلى الأرياف المجاورة للقاهرة ، راكبين أو راجلين ، يتنزهون في النيل ، ويتوجهون إلى الشمال ليتنسموا النسيم ، أو كما يقولون يشموا النسيم، وهم يعتقدون أن هذا في ذلك اليوم ذو تأثير مفيد ، ويتناول أكثرهم الغذاء في الريف أو النيل وتغلب على أطعمتهم الأسماك والبيض والخضروات الطازجة".

الاكثر قراءة