الجمعة 3 مايو 2024

«البيض الملون والفسيخ».. أكلات «شم النسيم» من المصريين القدماء للأحفاد

عيد شم النسيم

سيدتي17-4-2023 | 15:02

بسمة أبوبكر

تحل اليوم، ذكرى عيد "شم النسيم"، موسم الحصاد عند المصريين القدماء، وهو أحد الأعياد المصرية القديمة والذي كان يحتفل به إعلانًا بانتهاء موسم الزراعة وبداية موسم الحصاد مع مطلع الصيف.

عيد «شم النسيم» عند القدماء المصريين

انقسمت السنة المصرية القديمة تنقسم إلى ثلاثِ فصول؛ فصل الفيضان، والإنبات، والحصاد، وكان الانتقال من موسم الإنبات إلى فصل الحصاد يُعد من المواسم الهامة التي تشيع فيه روح البهجة والفرح إيذانًا بنضج المحاصيل، حيث كان المصريون يطلقون عليه "شوم إن سيم"، أي تحاريق الزرع، وهو تحول أعواد القمح الأخضر إلى اللون الأصفر، ولذلك كان يتم في هذا العيد الاحتفال بإعلان بدء موسم الحصاد مع نهاية شهر إبريل، ويستمر إلى مطلع شهر يوليو مع موسم الفيضان الجديد.
ويمتد موسم الحصاد لعدة أشهر، ويحتفل فيها بعدد من أعياد آلهة الخير والنماء فكان الملك يطوف بالأراضي الزراعية بصحبة تماثيل الآلهة الكبرى في موكب كبير ثم يقوم بحصاد باكورة الزرع ليقدمها للآلهة لكي تبارك الأرض.

عيد «شم النسيم» عند الرومان

أما في العصر الروماني، فقد كان الرومان يحتفلون "بعيد الربيع"، مع نهاية موسم فصل الشتاء وكان عيد الربيع في أوروبا يتوافق مع عيد "شم النسيم" في مصر ولذلك عندما دخل الرومان أرض مصر كانوا يحتفلون بعيد الربيع في نفس وقت عيد الحصاد ولذلك تحول هذا العيد من عيد "للحصاد" إلى عيد "للربيع".

عيد «شم النسيم» عند اليهود

ويطلق على عيد "شم النسيم" عند اليهود نقل اليهود "عيد الفصح" عن المصريين هذا العيد عندما خرجوا من مصر فى عهد موسى عليه السلام واتفق يوم خروجهم مع موعد احتفال المصريين بعيدهم واسموه عيد الفصح.

وانتقل عيد الفصح بعد ذلك إلى المسيحية لموافقتها مع عيد القيامة للسيد المسيح عليه السلام، ولما دخلت المسيحية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء ويقع دائما فى اليوم التالي لعيد القيامة المجيد.

عيد «شم النسيم» عند المسيحيين

وعندما دخلت المسيحية مصر، أتى هذا العيد تزامنًا مع توقيت الصيام الكبير ولذلك لم يكن الاحتفال به ممكنًا نظرًا لمواعيد وطقوس الصوم، لذلك بمرور الوقت قام المصريون بترحيل الاحتفال بشمِ النسيم ليعقُب "عيد القيامة المجيد"، ومع دخول العرب إلى أرض مصر، تحورت كلمة "شوم إن سيم" إلى "شم النسيم" وهو الاسم الشائع حاليًا.

عيد « شم النسيم» عند المسلمين 

قالت دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني في فتوى سابقة، أن شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأي معتقدٍ ينافي الثوابت الإسلامية، وإنما يحتفل المصريون جميعًا في هذا الموسم بإهلال فصل الربيع، بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيارة المنتزهات، وممارسة بعض العادات المصرية القومية، كتلوين البيض، وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعًا.

وأضافت الإفتاء أن بعضها مما حث عليه الشرع الشريف ورتب عليه الثواب الجزيل، كصلة الأرحام، وبعضها من المباحات التي يثاب الإنسان على النية الصالحة فيها، كالتمتع بالطيبات، والتوسعة على العيال، والاستعانة على العمل بالاستجمام،وأكدت على قولها بمثال من السلف الصالح، فقالت إن الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه -والي مصر من قِبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه- كان يخطب المصريين في كل عام ويحضّهم على الخروج للربيع، وذلك في نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع، كما أخرجه ابن عبد الحكم في فتوح مصر والمغرب، وابن زولاق في فضائل مصر وأخبارها، والدارقطني في المؤتلف والمختلف.

وأردفت الإفتاء بأن الأصل في موسم شم النسيم أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنساني اجتماعي لا علاقة له بالأديان، فقد كان معروفًا عند الأمم القديمة بأسماء مختلفة وإن اتحد المسمَّى، فكما احتفل قدماء المصريين بشم النسيم باسم عيد شموس أو بعث الحياة: احتفل البابليون والآشوريون بعيد ذبح الخروف، واحتفل اليهود بعيد الفصح أو الخروج، واحتفل الرومان بعيد القمر، واحتفل الجرمان بعيد استر، وهكذا.

قائمة طعام عيد «شم النسيم»

البيض الملون 

يعتبر تلوين البيض جزءاً لا يتجزأ من سحر عيد شم النسيم في مصر، حيث يشتري الناس البيض ويقومون بتلوينه بألوان مختلفة، ويعتبر اللون الأحمر هو اللون الأكثر شيوعاً.

ويُقال إن تلوين البيض يرمز إلى الخصوبة والحياة الجديدة التي تأتي مع بداية فصل الربيع.

الفسيخ 

ظهر الفسيخ، أو السمك المملح من بين الأطعمة التقليدية في العيد في الأسرة الفرعونية الخامسة عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل: نهر الحياة، (الإله حعبى) عند الفراعنة الذي ورد في متونه المقدسة عندهم أن الحياة في الأرض بدأت في الماء ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة حيث ينبع –حسب زعمهم-.

وقد كان للفراعنة عناية بحفظ الأسماك، وتجفيفها وتمليحها وصناعة الفسيخ والملوحة واستخراج البطارخ –كما ذكر هيرودوث [هو مؤرخ إغريقي اعتنى بتواريخ الفراعنة والفرس، وفاته كانت 425 قبل الميلاد كما في الموسوعة العربية الميسرة (2/1926)] فقال عنهم:"إنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم، ويرون أن أكله مفيد في وقت معين من السنة، وكانوا يفضلون نوعاً معيناً لتمليحه وحفظه للعيد، أطلقوا عليه اسم (بور) وهو الاسم الذي حور في اللغة القبطية إلى (يور) وما زال يطلق عليه حتى الآن.

البصل 

ظهر البصل ضمن أطعمة عيد شم النسيم في أواسط الأسرة الفرعونية السادسة وقد ارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة التي تروى أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد، وكان محبوباً من الشعب، وقد أصيب الأمير الصغير بمرض غامض عجز الأطباء والكهنة والسحرة عن علاجه، وأقعد الأمير الصغير عن الحركة، ولازم الفراش عدة سنوات، امتُنِع خلالها عن إقامة الأفراح والاحتفال بالعيد مشاركة للملك في أحزانه، وأمر الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الأمير في فراش نومه عند غروب الشمس بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ، ثم شقها عند شروق الشمس في الفجر ووضعها فوق أنفه ليستنشق عصيرها.

كما طلب منهم تعليق حزم من أعواد البصل الطازج فوق السرير وعلى أبواب الغرفة وبوابات القصر لطرد الأرواح الشريرة، وتشرح الأسطورة كيف تمت المعجزة وغادر الطفل فراشه، وخرج ليلعب في الحديقة وقد شفى من مرضه الذي يئس الطب من علاجه

والجدير بالذكر أن تلك العادات التي ارتبطت بتلك الأسطورة القديمة سواء من عادة وضع البصل تحت وسادة الأطفال، وتنشيقهم لعصيره، أو تعليق حزم البصل على أبواب المساكن أو الغرف أو أكل البصل الأخضر نفسه مع البيض والفسيخ ما زالت من العادات والتقاليد المتبعة إلى الآن في مصر وفي بعض الدول التي تحتفل بعيد شم النسيم أو أعياد الربيع.

الخس 

كان الخس من النباتات التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها ونضجها، وقد عرف ابتداء من الأسرة الفرعونية الرابعة حيث ظهرت صوره من سلال القرابين التي يقربونها لآلتهم من دون الله –تعالى- بورقه الأخضر الطويل وعلى موائد الاحتفال بالعيد، وكان يسمى الهيروغليفية (حب) كما اعتبره الفراعنة من النباتات المقدسة الخاصة بالمعبود (من) إله التناسل، ويوجد رسمه منقوشاً دائماً تحت أقدام الإله في معابده ورسومه –تعالى الله عن إفكهم وشركهم-.

وتعتبر الرحلات والنزهات إلى المنتزهات والحدائق من الأنشطة الأساسية التي يتمتع بها الناس في عيد شم النسيم، حيث يحرص الكثيرون على الذهاب إلى شواطئ البحر والأماكن الخضراء للاحتفال بالعيد، ويقوم البعض بإطلاق الطائرات الورقية التي تعتبر رمزاً لبداية فصل الربيع.

Dr.Randa
Dr.Radwa