الإثنين 20 مايو 2024

في انتظار تعديلات قانون الأحوال الشخصية!

11-9-2017 | 12:13

بقلم : نبيلة حافظ

تحمل إلينا الحياة الكثير من قصص عقوق الأبناء لآبائهم، ودائما ما نطالب الدولة بوضع تشريعات تكفل وتصون حقوق الآباء بالحياة وتحميهم من جحود أبنائهم، ولكن في غفلة منا ومن أجهزة الدولة نسينا أو تناسينا أن هناك أطفالا يعانون من تجبر وقسوة الآباء والتي يتسبب عنها ضياعهم وتدمير مستقبلهم، والغريب حقا أن الدولة تغض الطرف عن صيانة حقوق هؤلاء الأطفال وتتركهم يواجهون مصيرا مظلما ينذر بنهاية مؤسفة لهم.

ففي وقائع غريبة ومثيرة عرضتها إحدى الفضائيات وجدنا مآسي لأمهات وأطفال رفض آباؤهم عدم إثباتهم في سجلات المواليد، ففي واحدة من تلك المآسي لجأت أم بطفلها الذي لم يكمل عامه الأول تطلب حماية الدولة لطفلها الذي أتى عن طريق زواج عرفي من طمع وجشع ابيه الذي رفض تسجيله باسمه, ولم يكتف بذلك بل قام بعرضه للبيع عن طريق الإنترنت, وقام بإجراء مزاد عليه لمن يدفع أكثر، وكانت صفقة البيع لمشتري دفع فيه مائة ألف جنيه، فما كان من الأم المكلومة التي عانت الأمرين ولم تتمكن من استخراج شهادة ميلاد لابنها إلا الهرب بطفلها بعيدا عن هذا المجرم الآثم.

ومن قصة أم تعاني من الزواج العرفي إلى قصة مغايرة تماما لطفلة من زواج رسمي رفض الأب تسجيلها نظرا لوجود خلافات مع زوجته وأهلها وهربا من أداء مسئوليته تجاه الطفلة, وعندما ذهبت الأم بوثيقة الزواج لتسجل ابنتها رفضت الأجهزة المعنية تسجيلها، معللة ذلك بأن التسجيل يكون للأب أو أقاربه من الدرجة الأولى فقط.

ولا أدري ما هي مبررات الرفض التي استندت عليها الأجهزة المعنية بتسجيل المواليد! وخاصة أن قانون الطفل "126" لسنة 2008 في المادة "15" أعطت حق التسجيل للأب وللأم وللجد للأب وللجد للأم ولأقارب الدرجة الأولى للطفل، والغريب حقا أنه في ذات الوقت نجد حكما تاريخيا يحسب للقضاء المصري أصدرته محكمة القضاء الإداري منذ عدة أشهر، بأحقية المرأة المتزوجة بعقد زواج عرفي بإثبات نسب طفلها لوالده الذي تزوجته بعقد عرفي وذلك من أجل الحفاظ على حق الطفل في الحياة الكريمة.

هذه الواقعة المثيرة تدفعنا لفتح ملف قانون الأحوال الشخصية الذي يتم العمل به الآن داخل محاكم الأسرة والذي من شأنه يهدر حقوق المرأة والطفل معا، وبالتالي يجعل الأسرة المصرية على حافة الانهيار لما فيه من عيوب ومفاسد من شأنها تدمر العلاقات الأسرية وتجعل نسب الطلاق في تزايد مستمر، لذا لم يكن غريبا وسط هذه الظروف أن تتصدر مصر المرتبة الأولى بين دول العالم في نسب الطلاق، والتي معها ـ أيضا ـ يعاني أكثر من 14 ألف طفل من مشكلة إثبات نسب ليظل هؤلاء الأطفال الأبرياء دون هوية وبلا إثبات رسمي لنسبهم بسبب قلة ضمائر آبائهم وبفضل هذه القوانين المعيبة.

أعتقد أنه قد حان الوقت لتغيير وتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يتناسب مع مصلحة الأسرة المصرية, وأهم هذه التعديلات تقصير أمد التقاضي، ووجود نص ملزم للآباء بإجراء تحليل البصمة الوراثية في قضايا النسب، وأن تكون هناك عقوبة رادعة لمن يتهرب من إجراء هذا التحليل، وأن يكون من حق المرأة إثبات نسب طفلها لدي الجهات المسئولة بالدولة سواء كان عن طريق الزواج الرسمي أو العرفي, على أن تكون هناك عقوبة قاسية للزوجة التي تتحايل وتحاول أن تنسب طفلا لغير أباه، أعتقد أن في وجود هذه القوانين حماية للأسرة المصرية والتي هي عماد وأساس المجتمع كله!