الأحد 24 نوفمبر 2024

كلمة السر «اقتل اوباما٧٧» كشف استخباراتى أمريكي عن شركات بريطانية متورطة بتمويل داعش

  • 11-9-2017 | 14:49

طباعة

بقلم –  خالد عكاشة

منذ نحو العام وتحديدا فى منتصف العام ٢٠١٦م، يعمل طاقم تحقيق أمريكى على تتبع مجموعة من الخيوط الدقيقة والخطيرة، قد تصل فى النهاية ربما لإطلاق قنبلة مدوية، حيث بدت نيرانها التمهيدية تخرج إلى النور منذ أسابيع، تحت عنوان صادم ومتسائل، هل تورطت شركات بريطانية المنشأ والمقر فى توفير التمويل لتنظيم داعش الإرهابى!؟ وسيستتبع تلك الصدمة بالطبع تساؤل أعمق وأشد وطأة، هل تم ذلك من خلف ظهر أجهزة الأمن والاستخبارات البريطانية، أم أن هناك شبهة تمرير صامت بريطانى لهذا النشاط الذى يدور على أراضيها، خاصة أن نيران الإرهاب قد طالت مؤخرا، ما كان يظن طوال سنوات الحرب على الإرهاب أن بريطانيا عصية على الاختراق، وأن أجهزتها الأمنية تطوق الحدود البريطانية بسياج آمن على درجة عالية من الجاهزية تمنع اختراقها.

 

الأسبوع الماضى كشفت صحيفة «صاندى تايمز» عن وثائق استطاعت الوصول إليها، تخص مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى (FBI)، تفيد بأن تنظيم «داعش» الإرهابى يستخدم شبكة (شركات) تعمل بشكل منسق فيما بينها، من خلال مكتب لها فى مدينة «كارديف» البريطانية حيث قام سابقا بمهمة شحن معدات ذات استخدامات عسكرية إلى إسبانيا، وببعض العمليات البنكية التى تصنف بحسب الوثائق الأمريكية كتمويل للمجموعات الإرهابية ضد الغرب.

المعدات المذكورة تستخدم لتطوير إمكانيات عمل المجموعات الإرهابية، مثل استخدام الـ»درون» وهى عبارة عن (طائرة بدون طيار مزودة بآلة تصوير)، لتحديد موقع الأهداف بدقة. فضلا أن إحدى تلك الشركات وثيقة الصلةبتنظيم «داعش» قامت بتحويل آلاف الدولارات نقدا، إلى متطرف أمريكى فى مدينة «ميريلاند»، ذكر فيما بعد أنه يحلم بارتكاب مجزرة فى إحدى الكنائس.

الوثائق الأمريكية احتوت أيضاً على تفاصيل عن صفقة أخرى لإحدى هذه الشركات فى «كارديف» البريطانية، تضمنت طلب (وحدات لاكتساح الشوائب) وهى برامج إلكترونية تستخدم لـ»إطلاق وتوجيه الصواريخ»، وأفاد المحققون بمكتب التحقيقات الفيدرالي، أن كلمة السر التى تم رصدها فى المراسلات بين الشركات البريطانية كانت (اقتل أوباما ٧٧)، وبحسب تلك الوثائق الأمريكية، فإن الشحنة سلمت إلى عنوان فى مدينة «مدريد» الإسبانية صيف عام ٢٠١٥م. ويبذل طاقم محققون أمريكى منذ بداية العام ٢٠١٧م نشاطا مكثفا بالتعاون مع الاستخبارات الإسبانية، لاستكمال معطيات تلك القضية التى ستنظرها محكمة فيدرالية أمريكية، فحتى الآن لم يعرف من استلم تلك الشحنة، وهل بقيت المعدات المشحونة من بريطانيا فى إسبانيا أم تم نقلها إلى مكان آخر. تلك التحقيقات التى تعمل عليها الـ(FBI) ربما ستسهم فى تثبيت سمعة بريطانيا كمركز رئيسى لدعم داعش، وتزيد المخاوف أيضا من إمكانية وقوع هجمات أكثر فى المدن البريطانية أو الدول المجاورة لها. فالوثائق الأمريكية التى استطاعت صحيفة «صاندى تايمز» الاطلاع على جزء منها، هو الجزء من التحقيقات والمعلومات الاستخبارية التى نقلها مكتب التحقيقات الفيدرالى إلى المحكمة التى ستنظر تلك القضية، وقد أفصحت الصحيفة على أن هذا «الجزء» غير المكتمل من المعلومات، يظهر إلى أى مدى بلغ تورط أشخاص منفردين مع الشركات فى مدينة «ويلز»البريطانية، حيث ذكر فيها أن إحدى الشركات التى شحنت معدات إلى «مدريد» بإسبانيا، يبدو أنها سجلت باستخدام بيانات لمدير ومساهم باسم مزيف هو(بيتر سورين).

والوثائق الأمريكية ترجح اعتقاد أن الاسم المزيف المذكور يعود إلى شخص حقيقى هو(سيفول سوجان)، يعمل كخبير فى المعلومات ورجل أعمال يقف خلف هذه المجموعة من الشركات البريطانية، فيما كان قد غادر مدينة «ويلز» منذ ٣ سنوات مع عائلته لينضم إلى تنظيم «داعش» فى سوريا. ونشر الأمريكيون لاحقا أنهم قتلوه فى معارك مدينة «الرقة» السورية، فى هجوم أمريكى لطائرة بدون طيار. لكن عملاء (FBI) فى أمريكا وشرطة مكافحة الإرهاب البريطانية، اكتشفوا بعدها أن بعض الشركات المذكورة متورطة فى نشاطات أكثر خطورة، مثل عمليات «القرصنة الإلكترونية» و»تطوير الأسلحة» وكان ذلك بعد ذهاب (سيفول سوجان) إلى سوريا، حيث أصبح إحد الشخصيات البارزة فى صفوف تنظيم «داعش».

فى مسار آخر لتلك القضية، أفادت المعلومات الأمريكية أن إحدى الشركات التى تتخذ «كارديف» البريطانية مقرا لها، وهى الشركة المعروفة باسم (إيباكستل إلكترونيك)، استخدمت لإرسال مبلغ (٧٧٠٠ دولار) فى عام ٢٠١٥م إلى أحد مؤيدى داعش فى مدينة «ميريلاند» الأمريكية، وهذا الشخص يدعى(محمد الشناوي) يبلغ من العمر (٣٢ عامًا) ويحمل الجنسية الأمريكية اعترف أمام المحكمة بأنه تسلم مبلغا قدر بـ(٩٠٠٠ دولار) من أجل تمويل هجمات إرهابية فى الولايات المتحدة، مع استعمال تمويه من أجل تجنب الرقابة، حيث قام الشناوى بالتظاهر بأنه يقوم بشراء «آلات طباعة» من شركة (إيباكستل) عبر موقع (إيباي) للتسوق، وذلك كغطاء للحصول على المبالغ عبر خدمة الدفع (بايبال)، وبحسب الوثائق التى تم تجميعها فإن الشناوى هو جزء من شبكة دولية تمتد من بنجلادش إلى مكاتب شركة (إيباكستل) فى «كارديف»، وأدين (محمد الشناوي) بالإرهاب بداية أغسطس ٢٠١٧م. كما أضاف أنه فى يوليو ٢٠١٥م تأسست شركة تدعى العمل بمجال التكنولوجيا المتقدمة باسم (ATG)، مدير الشركة وأحد المساهمين مسجل باسم (بيتر سورين)، وهو الشخص الذى ظهر اسمه فى انتخابات البلدية بمدينة «كارديف» البريطانية عام ٢٠١٥م، حيث عاش سوجان قبل مغادرته إلى سوريا.

تمكن عملاءالـ(FBI) من الحصول على محادثات الـ”سكايب” التى دارت ما بين (سيفول سوجان) ومدير شركة (إيباكستل إلكترونيك)، والتى كشفت أن سوجان كان هو الرأس المدبر فى شركة التكنولوجيا المتقدمة (ATG)، وأمام سلطات الأمن الإسبانية ذكر (حق سوجان) شقيق (سيفول) الذى يعيش فى جنوب إسبانيا صحبة زوجته وأبنائه، أنه لم يعلم من استلم المعدات المذكورة فى مدريد ولا استخداماتها المزمعة، وأكد أنه وثق بأخيه دوما ولم يكن ليسأله عن شيئ فيما يخص نشاطه فى مجال الأعمال. وادعى أنه عرف مثل هذه المعلومات عن أخيه لأول مرة عندما أصبح فى سوريا، حين أعلن البنتاجون عن مقتل (سيفول سوجان) بهجوم لطيارة بدون طيار فى ديسمبر ٢٠١٥م. (حق سوجان) أكد أنه لا هو ولا زوجته تم استجوابهما من قبل هذا التاريخ ولا بعده أمام أى من إدارات الأمن الإسبانية، لكنهما أبديا فى أوراق التحقيقات الأمريكية الحديثة استعدادهما للتعاون بالصورة المطلوبة منهما، ووصف (حق سوجان) فى تلك الأوراق الموجودة أمام المحكمة الأمريكية، تنظيم «داعش» بأنه كيان يحمل ويروج لـ»عقيدة ملتوية».

الوثائق التى فى عهدة المحكمة الفيدرالية الأمريكية فى «بالتيمور» الآن، تبرز بوضوح أن مقر(إيباكستل إلكترونيك) فى مدينة «كارديف» البريطانية، كان يستخدم أيضا لشراء المعدات من بريطانيا وأمريكا، ويرجح وفق دلائل عديدة قدمها مكتب التحقيقات الفيدرالية أنها كانت تتم بغرض مساعدة مسلحى «داعش» فى سوريا، ومذكور أيضا فى ذات الوثائق أن (سيفول سوجان) من أصل بنجلاديشي، جاء إلى المملكة المتحدة للدراسة فى عام ٢٠٠٣م، ولحقت به زوجته (آكتر) بعد سنتين. عاشت الأسرة بداية فى مدينة «بونتى بريد»، لكنها استأجرت فيما بعد منزلا فى مدينة «كارديف»عاصمة «ويلز»، بالقرب من «محطة الأعمال» الشهيرة فى منطقة «ألكساندرا جيت». موظفو الشركة ذكروا أن (سيفول سوجان) كان «رجلا محبوبا»، لكنه أطلق لحيته ثم أخذ بارتداء الثوب الإسلامي، قبل بضعة أشهر من مغادرته بريطانيا فى أغسطس٢٠١٤م. حيث غادر الزوجان إلى بنجلاديش لبضعة من الوقت، قبل ذهابهما من هناك مباشرة إلى (تركيا) مع ابنهما ومنها إلى سوريا.

القوات الأمريكية الخاصة الموجودة فى شمال سوريا، كانت قد وصلتها معلومات استخبارية عن شخصية قيادية بارزة فى تنظيم «داعش»، متخصص فى مجال التقنيات التكنولوجية المطورة، تمكنت تلك القوة الأمريكية من تأكيد موقعه بمعلومات استخبارية محلية، وعلى إثر ذلك قامت بقتل (سيفول سوجان)عبر تنفيذ هجوم بطائرة بدون طيار فى سوريا. وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أعلنت حينها فى ٣٠ ديسمبر ٢٠١٥م فى بيان خاص، عن نجاح غارة جوية أمريكية فى قتل أحد أبرز قراصنة تنظيم «داعش» على الإنترنت بالقرب من مدينة «الرقة» السورية. وفى نفس يوم تنفيذ العملية الجوية كانت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية فى جنوب «ويلز»، تلقى القبض على صديق (سيفول سوجان)، الذى كان يشغل حينها منصب مدير شركة (إيباكستل إلكترونيك) يدعى (عبد الصمد) ويبلغ من العمر (٢٦ عامًا)، واحتفظت به الشرطة البريطانية رهن التحقيق لمدة سنتين كاملتين، ثم أطلقت سراحه بعد ذلك من دون توجيه أى تهمة له فى مارس ٢٠١٧م.

البروفيسور «أنطونى جليز» مدير (مركز الدراسات الأمنية والاستخباراتية) فى جامعة «باكينجهام» البريطانية، كتب معلقا: «إن هذه القضية مثيرة للقلق البالغ، فالمثير للاهتمام أن (سيفول سوجان) فى النهاية مواطن بريطاني، درس فى الجامعة البريطانية ثم تحول إلى خبير فى الأنظمة المعلوماتية، قبل أن يلتحق بتنظيم «داعش». فعلى الرغم من أن هذا الشخص فارق الحياة، إلا أنه يجسد الهدف النموذجى الذى يسعى التنظيم لاستقطابه، وهو النوع الذى يحتاج إليه ليتطور، ويحافظ على بقائه بعد تدمير وجوده المنظم فى معاقله فى الشرق الأوسط».

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة