الغربية: مصطفى الشرقاوى
برغم أن «منال هاشم» القائم بأعمال العمودية فى قرية «ميت حبيش القبلية» بمركز طنطا بمحافظة الغربية؛ إلا أن الأهالى يعتبرونها «هى العمدة» بعد وفاة زوجها لهذا فالعمدة «منال» لا نجد حرجاً من أن نقول أنا العمدة، وأهالى القرية هم من رشحونى للعمودية، وكنت أقف بجوار زوجى العمدة الراحل لأكثر من ٢٥ عامًا وكان يستشيرنى فى كل شيء.
«منال» تصر على حل جميع المشاكل والخلافات داخل منزل «العمدة»، وتعتبر منزلها هو «الجامع لكل الأهالى»، وتشيد بأهالى القرية لأنهم لا ينسون أنى معلمة أولادهم قبل أن أكون عمدتهم وينصاع الجميع لكل ما أصدره من قرارات.
هل يمكن للمرأة تحمل مهام العمدة؟
أعتقد أن المرأة أحق بالعمودية فى الفترة الحالية؛ لأنها استطاعت أن تحتل الصدارة فى الكثير من مناحى الحياة، وفى الكثير من الوزارات وجميع الأعمال، ويتوجب ألا يكون هناك سقف معين فى شغل المناصب للمرأة.. فالمرأة بطبيعتها تسأل عن أدق التفاصيل، وهو أمر مطلوب فى منصب مثل هذا، فلا يمكن أن تحل الأمور والمشاكل دون معرفة أدق التفاصيل.
وما ظروف ترشحك للعمودية؟
أعمل وكيلاً للمعهد الأزهرى بقرية «ميت حبيش القبلية»، وعمرى ٥٢ عامًا، فى البداية لم أكن أفكر فى الترشح للعمودية، وكنت أفضل أن يترشح ابنى «إسماعيل» بدلاً منى؛ لكن التغيرات التى لحقت بقانون العمد والمشايخ حالت دون ذلك، وطلبت من أهل البلد أن يرشحوا أحدًا منهم، وفوجئت بأن وفدًا من الأهالى فى القرية يطلبون منى الترشح لمنصب العمدة.. والحقيقة أنها كانت مفاجأة لى، وحينها قررت ألا أخذل أهل قريتى، واستشرت ابنتى ونجلى فى ذلك، ووجدت منهما تشجيعًا كبيرًا، وقررت أن أبدأ فى التقدم للترشح.
وما الانطباعات التى انتشرت عقب ترشحك؟
حينما ذهبت فى البداية لاستخراج «الفيش» استغرب الموظفون، وأكدوا أنها المرة الأولى لهم فى استخراج «فيش» ترشح لسيدة فى محافظة الغربية، وأيضا حينما تقدمت إلى مديرية أمن الغربية بطلب الترشح استقبلنى بعض قيادات المديرية بمنتهى الحفاوة وأكدوا لى دعمهم فى قرارى.
وما خبراتك التى ترين أنها مناسبة لمنصب العمدة؟
كنت أقف إلى جوار زوجى خلال فترة شغله العمودية لأكثر من ٢٥ عامًا، وكان يستشيرنى فى كل الأمور، ويطلب رأيى فى بعض الأحيان، ولهذا كنت أعرف مشاكل قريتى، ومشاكل كل أسرة على حدة، وعرفت مشكلة كل منزل فى القرية وكل عائلة وكل اسرة، كما أننى كنت معلمة لآلاف الطلبة؛ ولهذا شعرت بأن رسالتى ستكون أسهل لأنهم جميعا أخوتى أو أبنائى.
كيف أدرت القرية فى عقب وفاة زوجك؟
الحقيقة أن أبناء عم زوجى هم أول من ساعدونى، بالإضافة إلى الأهالى أصروا على حل المشاكل والخلافات داخل منزل العمدة الراحل خلال السنة الأولى لوفاة زوجى، وأصروا أيضا ان يظل المنزل هو المكان الجامع لكل الأهالى، وظلت مضيفة منزلنا مفتوحة فى كل وقت لتحل فيها النزاعات، وكان الاهالى يرتضون بحكمى فى كل النزاعات، ولم يعترض أحد على أى قرار اتخذته خلال السنوات الماضية.. فبعد وفاة زوجى العمدة إبراهيم الملوانى عمدة القرية ظل منزلنا مفتوحًا للجميع.. وكان الأهالى يعتبروننى «أنا العمدة» ولم يشعر الأهالى بأن العمدة الأصلى توفي، وهو ما خلق ثقة كبيرة بينى وبينهم، وتظل نظراتهم لى تؤكد احترامهم لى وعدم تفكيرهم أنى امرأة.
وهل هناك تعارض بين عملك فى المعهد الأزهرى والعمودية؟
بالعكس، ألتقى الأسر فى المساء بمنزلى وأحل مشاكلهم، وفى الصباح أنا مع أبنائهم فى المعهد الأزهرى.. وأرى فى عيونهم نظرة الشكر على حل مشاكل أسرهم والعشرات من الأجيال التى تخرجت من المعهد الذى أعمل فيه لديهم أسر، وبالطبع فى المجالس لا ينسون أنى معلمتهم قبل أن اكون عمدتهم.. وأرى انصياعا لكل ما أصدره من حكم، لأنهم يعملون أننى لا أظلم أحدا أو أجامل أحدا على حساب أحد، فلم أجد حتى يومنا معترضا من الأهالى على قول أقوله، فالقرار فى أى مشكلة هو قرار الجلسة، والتى تضم كبار القرية لما يملكونه من حكمة.