الثلاثاء 21 مايو 2024

رسالة من صديق عاشق للإسكندرية

12-9-2017 | 15:56

بقلم : إقبال بركة

منذ عامين دعوت الصديق الفلسطينى صبحى قهاويش وزوجته الكاتبة الصحفية والروائية نوال حلاوة لقضاء عيد الأضحى فى شقتى بالمعمورة, هو مهندس معمارى يعيش فى مونتريال بكندا، وخريج قسم العمارة بكلية الهندسة القاهرية, ثم حصل على دبلوم التخطيط الإقليمي من بولندا، وله خبرات مهنية طويلة في التخطيط العمراني وإدارة المشاريع والتنسيق مع مكاتب الخبرة العالمية, قرأ المهندس صبحى ما كتبته فى الأعداد الماضية عن المعمورة والإسكندرية فتداعت إلى ذاكرته أحداث زيارته منذ عامين، وأرسل لى رسالة رأيت أن أشرك قرائى فيها بعد اختصار يناسب المساحة:

إليكى سيدتي إقبال ما وجدته في مذكراتي عن الإسكندرية وما شاهدته من تشوهات عمرانية لعروس البحر المتوسط سواء كانت قرارات سياسية خاطئة أو فساد مالي أو جهل فني, والتي حولت عروس البحر المتوسط إلى عجوز شمطاء أكل الدهر عليها وشرب، وهذا أبسط تعبير وجدته حتى الآن عنها:

بدعوة من القلب للكاتبة والصحفية إقبال بركة لقضاء فترة العيد الأضحى فى المعمورة والمعروفة بأجمل المصايف.. وما أن وصلنا المكان الجميل والمنعش حتى قررنا التنزه على الشاطئ، وتمشينا حوالى نصف ساعة نشم الهواء العليل كونه قادما من البحر المتوسط  حتى وصلنا المنطقة الخاصة بفندق".."، وجلسنا نستريح  بالكافيتريا المحيطة بحمام السباحة والمحاطة بأشجار تشبه أشجار النخيل الممشوقة القوام والمعروفة للزينة, وهى  نفسها التى نعرفها ونشاهدها فى شوارع فلوريدا التى نقضي فيها شتاءنا هناك بعيدا عن صقيع مونتريال, وبعد   ساعة تقريبا قررنا العودة إلى الشقة, وعند الوصول شاهدنا الازدحام من المصطافين فى المجمع التجاري المحلى المجاور للبناية وأغلبهم من الشباب يتجمهرون فى مجموعات صغيرة بينما تنبعث موسيقى صاخبة من المقاهى,  أسفل العمارة سألنا البواب متى ينتهى هذا الإزعاج فقال سيبقى حتى الصبح، وللأسف كانت أصوات الموتوسيكلات أكثر إزعاجا فلم نستطع النوم حتى السادسة صباحا, حيث شاهدت من شباك الغرفة المطل على المركز التجاري وبجوار سور العمارة مجموعة من الشباب الصغار يحملون أرجيلة صغيرة الحجم يتناوبون عليها ويتسامرن, وقلت فى نفسي كيف يمكن أن يزدهر المستقبل فى ظل هذا الجيل المستهتر للقيم  والأخلاق والسلوك المشين.. ذهبت أنا ونوال للمشي على الشاطئ، وعدنا لنجد ابننا طارق والحمد لله استطاع الحصول على حجز بفندق "..." بالمنتزة.. ذهبنا بالتاكسي للفطور بمطعم فول وطعمية على الرصيف المطل على  الكورنيش الذى أصبح شبه أوتوستراد للمرور العابر، والملوث بالدخان الخارج من عوادم  السيارات, ولفت نظري أكوام الزبالة على أطراف الشوارع وكثرة اصطفاف السيارات على جانبى الطريق الضيق الذي لا يتجاوز  الاثنا عشر مترا لدرجة أن الأرصفة اختفت.. كيف يمكن السماح لهذه المبانى ذات الخمسة عشر طابقا دون أي توفير لمواقف السيارات.. تذكرت ما كتبه الدكتور خالد ذهنى الزميل فى مجموعة الحكايات العربية فى مونتريال  وابن الإسكندرية على صفحته الإلكترونية حول القرار غير المحسوب من قبل محافظ الإسكندرية الأسبق بزيادة  الارتفاع من ثلاثة طوابق إلى خمسة عشر طابقا أو يزيد ولم أتصور في حينها حجم السلبيات  والمشاكل الضخمة التى نتجت جراء القرار السياسي غير المدروس فنيا.

لكن أستطيع القول باختصار شديد إن الأفضل للإسكندرية الآن الاهتمام بالنظافة العامة وتحسين المرافق والخدمات، وأهم قرار هو وقف المشروعات السكنية وإقامة مدينة جديدة على شاطئ البحر المتوسط بعيدة عن الإسكندرية وقريبة من الحدود الليبية شريطة أن تكون أجمل مدينة ليس في مصر بل في العالم، وبهذا يكون لنا مدينتان جميلتان بدلا من مدينة واحدة قبيحة.