كتب: هاني سليمان
بعد وفاة بعض الأطفال بحضّانات مستشفى الساحل التعليمي -التابعة لوزارة الصحة- خلال الأيام القليلة الماضية بسبب انتشار ميكروب غامض بالحضانات، تراوح عدد الأطفال اللذين توفّوا نتيجة إصابتهم بالميكروب من 8 إلى 10 أطفال نتيجة إصابتهم بميكروبي «كليبسيلا»، و«سيدومونس».
وتكشف «الهلال اليوم»، في السطور القليلة التالية، عن أخطر أنواع الميكروبات التي تهاجم مستشفيات وزارة الصحة في مصر، حيث إن هذه الميكروبات تنتشر في المستشفيات نتيجة عدم التعقيم الجيد، وعدم الاهتمام بوسائل مكافحة العدوى، فضلًا عن العشوائية في استخدام المضادات الحيوية بدون ترتيب في الجرعات.
هذا بالإضافة إلى إفراط أطباء الأطفال في استخدام المضادات الحيوية ذات التكلفة المرتفعة والحديثة، وهذا ما سيؤدّي في النهاية إلى خطر الوفاة، خاصةً أن هناك إحصائية رسمية لمنظمة الصحة العالمية تفيد بأن هناك 10 ملايين مواطن معرّضين للوفاة حول العالم عام 2050 بسبب عدم وجود مضادات حيوية مناسبة لهم.
إصابة سيدة بالقصر العيني وعزلها في غرفةٍ منفصلة:
“أشرف. م” هو أحد المواطنين الذي قال إن والدته دخلت إلى الجراحة في مستشفى قصر العيني، خلال الشهور القلية الماضية، من أجل تغيير مفصل، وقد تعرّض الجرح للعدوى نتيجة دخولها العمليات لأكثر من مرة، واضطرت إدارة المستشفى لنقلها وعزلها في غرفةٍ منفصلة، حيث تم تعميقم غرفتها لأكثر من مرة، والأماكن التي وُجدت فيها بما فيها غرفة العمليات.
وفاة 4% بين الأشخاص كمضاعفات لميكروبات المستشفيات:
ومن جانبه، كشف الدكتور علي عبد الله، مدير المركز المصري للدراسات الدوائية ومكافحة الإدمان، عن وجود أمراض تصيب المقيمين في المستشفيات، وتتسبّب في وفاة 1% من المرضى، وتؤدّي إلى الوفاة لـ 4% كمضاعفات لأشخاص آخرين، من ضمنها المارسا.
هذا بالإضافة إلى الميكروبات المقاومة لعقار فانكو ميسين، فضلًا عن الميكروبات المقاومة لعقار الميرونيم، وهذه أشهر 3 أمراض يصيبوا المرضى بالمستشفيات، حيث يطلق عليهم «أمراض المستشفيات».
وكان من الممكن ألّا يحدث ذلك إذا كان هناك تعقيبات كاملة بالمستشفيات، وإذا استخدمت المضادات الحيوية استخدامًا صحيحًا، بمعنى أن يكون هناك متخصص لكتابة الدواء، وجرعات مضبوطة تناسب المريض، وأن يلتزم المريض بمدة العلاج، ولا بد أن يهتم المواطنون بالتطعيمات مثل مصل الإنفلونزا في شهر سبتمبر من كل عام، ومصل الالتهاب الرئوي، فهناك 100 طفل يموتون كل عام في أمريكا بسبب الإنفلونزا.
أما في مصر، ومن المفترض أن يكون في المنازل اهتمام بغسل الأيدي لمنع انتقال المرضى من شخصٍ إلى آخر، واستخدام المضادات الحيوية حتى آخر قرص، كما أنه لا بد من تعقيم المستشفيات بشكلٍ حديث، وتعقيم التمريض في أثناء تقديم الخدمة في المستشفيات من أجل منع العدوى، والتخلص من النفايات الطبية بشكلٍ سليم.
أسرف الاطباء في المضادات الحيوية مرتفعة السعر:
أما الدكتور ياسر خاطر، عضو مجلس أمناء الحق في الدواء، فأوضح أن المضادات الحيوية تستخدم وفق قواعد السن، والوزن، والحالة المرضية، ونوع الميكروب المسبب للمرض، إلّا أن ما يحدث خلال الآونة الأخيرة، وعدم اتباع القواعد المعروفة في استخدام المضادات الحيوية أدّى إلى ظهور أجيال جديدة من البكتريا لديها مناعة من المضادات الحيوية، الأمر الذي يهدّد صحة المرضى ويزيد من تكلفه علاجهم.
كما أن هناك أيضًا فترة لاستعمال المضادات الحيوية التي يجب ألّا تقل عن ٥ أيام متواصلة لضمان القضاء نهائيًا على الميكروب، وعدم السماح له بالتحوّر وخلق جيل أكثر مقاومه للمضاد، مشيرًا إلى أن سوء استخدام المضادات يبدأ من الأطباء أنفسهم، حيث يعتمد أغلبهم على المضادات الحيوية في وصفاتهم الطبية دون داعٍ أو مبرر، كما أنهم يعتمدون على المضادات الحيوية مرتفعة السعر التي تمثّل أجيال متقدمة من المضادات، ومن ثمّ كثرة استعمالها في غير أماكنها، مما يسبّب مقاومة بكتيرية على المدى البعيد.
استعمال المضادات البشرية في الثروة الحيوانية:
وأضاف خاطر أن هناك وصفات طبية دوائية تخرج من غير المتخصصين في الصيدليات، بالإضافة إلى استعمال المضادات البشرية في الثروة الحيوانية، حيث يستخدم السيفوتاكسيم في تربية الدواجن والتتراسيكلين بأنواعه والإمبيسلين كذلك، وهذه المضادات تتراكم في أنسجه الحيوانات والطيور، وعندما يأكلها الإنسان، تتولّد عنده مقاومة بكتيرية ضد هذه المضادات، ونحتاج حاليًا إلى عمل بروتوكولات علاجية تتبع بدقةٍ وعناية، ويعاقب المخالف لضمان عدم تحوّر البكتريا مرة أخرى، كما أن تربية الثروة الحيوانية لها أدويتها غير البشرية التي يجب استعمالها، والبعد نهائيًا عن المضادات البشرية.
تركيبة البرد في الصيدليات من دخلاء على مهنة الصيدلة:
أما الدكتور كريم كرم (صيدلي)، فأوضح أن الأصل في استخدام المضادات الحيوية هو استخدام مضاد حيوي specific أفضل من استخدام مضاد حيويbroad spectru بمما يعني أن نستخدم مضاد حيوي مناسب لدرجة العدوى، وهذا بالتأكيد مناسب لنتيجة التحاليل والمزرعة.
كما أنه لا بد من استخدام أدوية خافضة للحرارة إذا كان يعاني الطفل من ارتفاع في درجات حرارة جسمه حتى ظهور نتيجة المزرعة لتحديد المضاد الحيوي المناسب له، ولكن هناك بعض المستشفيات تتهاون في الأمر، وتعطي بعض المضادات الحيوية مثل «تاينام وفانكموميسين وسيبرو»، وهذه المضادات -بعد فترة- تعمل مقاومة للبكتيريا، ولا تؤثر فيه، وهذا يشكّل خطرًا كبيرًا، لأن الطفل إذا ذهب بعد ذلك لإجراء عملية، فلا بد أن يأخذ مضادًا حيويًا، وبالتالي، سيكون هناك تأثير على حياته، ولا بد أن يكون هناك توحيد للبروتوكول بين الأطباء المعالجين للأطفال حتى نحمي حياة الأطفال صغار السن، حيث إن أشهر أنواع المضادات الحيوية التي تعطى للإنسان هو مضد «الأوجمانتين».
وأصبح “أوجمانتين” يُظهر معدل مقاومة عالٍ جدًا بسبب فوضى استخدامه بشكلٍ مفرط، كما أن الدراسات الطبية أثبتت أنه خلال سنوات قليلة بمعدل مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية لن يكون هناك مضاد حيوي فعّال إلّا قليل جدًا، وهذه منظومة كاملة لا بد أن تعالج، بدايةً من طبيب الأطفال الذي يتهاون ويعطي مضادًا حيويًا واسع المجال، أو حتى دون الحاجة من أجل أن تطمئن الأم على ابنها، وتشعر أن الطبيب أدّى واجبه بالعلاج.
كما أن بعض الصيادلة -للأسف- يستخدمون تركيبة البرد السحرية التي بها مضاد حيوي، وهذه مفاهيم كثيرة خاطئة تربّينا عليها، وللأسف، أصبح مُسلَّمٌ بها في مصر، فضلًا عن وجود عدد كبير من الدخلاء على مهنة الصيدلة اللذين يقومون بوظيفة الطبيب إذا جاء لهم مريض في الصيدلية،، فيكتبون له الروشتة ويعطونه العلاج، وهذه كارثة من أجل أن يوفر المريض ثمن الكشف الطبي، ولكن في النهاية، سيؤثر ذلك على صحتهم.
وعن ميكروب المارسا، فأوضح كرم أنه ينتشر في العنايات المركزة في المستشفيات، وهذا الميكروب هو واحد من أنواع البكتيريا الخطيرة التي تصيب الإنسان، خاصةً في المناطق الحارة، وإذا تم اكتشاف إصابة أحد بهذا المرض، فإنه ينقل فورًا للعناية المركزة، ويتم عزله عن الآخرين.
كما يجب اتخاذ إجراءات وقائية للأطباء والممرضين الذين يقومون بالإشراف على ذلك المرض لتجنّب انتقال المرض إليهم عن طريق العدوى، وإذا تم التأكّد وإصابته بتلك البكتيريا، فيجب أن يباشر فورًا بالعلاج اللازم.
وقد بلغت نسبة الإصابة العالمية بالمرض من 1 – 2%، وهي النسبة الطبيعية، ولكن تجاوزت تلك النسبة في بعض المناطق الحارة لتصل إلى 50%، ويعد ذلك الفيروس وبائيًا من الدرجة الأولى، خاصةً بين المرضى، وكبار السن، والمواليد الجدد الذين يعانون من نقصٍ في المناعة، حيث تقل لديهم القدرة الدفاعية في الجسم على مواجهة المرض كمرضى السكر، ومرضى القلب، وغيرهم .
وأشار إلى أن هذه البكتيريا تصيب الإنسان جرّاء العدوى وعدم الاهتمام بالنظافة، خاصةً في المستشفيات، حيث يتم انتقال المرض من شخصٍ لآخر عن طريق الملامسة، وتبدأ الأعراض الأولية في الظهور على شكل تقرّحات جلدية تبدأ في الاحمرار.
كما أن هذه البكتيريا تجد غرف العمليات بيئة مناسبة وملائمة للانتقال، وخاصةً إذا كانت تلك الغرف لا تمتاز بالنظافة والتعقيم الكامل، ولا تستجيب تلك البكتريا للمضادات الحيوية العادية، وإنما تعالج بأنواع معينة من المضادات الحيوية باهظة الثمن .