تقرير: مروة سنبل
جدل فى الكواليس الأمريكية بشأن تصنيف «الإخوان» كمنظمة «إرهابية»، فمن المنتظر أن تعقد جلسة عمل مشتركة خلال الأيام المقبلة، بين مسئولين من وزارة العدل الأمريكية ووكالة الاستخبارات «سى آى آيه» لمراجعة قائمة المنظمات والأحزاب والهيئات التى ستوضع فى القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية.
ووفقا لوسائل إعلام أمريكية، فإن بعض مستشارى «ترامب» يرون أن الإخوان فصيل متطرف، لذا يؤكدون أن القرار فرصة لاتخاذ موقف واضح ضد التنظيم، وأن هذا القرار سيصبح واقعا خلال الأيام المقبلة بل وربما الساعات المقبلة.
على الجانب الآخر لا تزال الجماعة الإرهابية، تحاول إخراج نفسها من القائمة السوداء، حيث وضعت خطة للعمل داخل الولايات المتحدة وخارجها – وهو ما كشفته وفندته «المصور» تفصيليا على مدار الأسبوعين الماضيين- والتى تشمل العمل على عدة محاور قانونية وإعلامية وحقوقية والتعاون مع منظمات دولية ودول أوربية وحلفائها بهدف مواجهة وتعطيل صدور القرار ولتجميل وجه الجماعة، ونفى تهم العنف والإرهاب عنها.
« الحوار هو الحل «.. شعار تروج له قيادات الجماعة بقوة داخل الأوساط الأمريكية، مطالبة بضرورة إجراء حوار والاستماع لرؤى الإخوان حول تهم العنف والإرهاب.
وعلمت «المصور» أن الجماعة تسعى لفتح قنوات حوار واتصال مع الإدارة الأمريكية الحالية قبل إصدارها قرار ا بتصنيف الإخوان « إرهابية «.
عبد الموجود الدرديرى القيادى الإخوانى، الذى تربطه علاقات واسعة داخل الأوساط السياسية والأكاديمية الأمريكية كونه محاضرا ببعض الجامعات يقود هذا المسعى بجدية، مع الأخذ فى الاعتبار هنا أن العديد من الجامعات الأمريكية تضم أكاديميين ينتمون لجماعة الإخوان، حيث اخترقت الإخوان التعليم الأكاديمى فى أمريكا منذ السبعينيات.
واتخذت قيادات الجماعة أيضا خطوات فعلية للتواصل مع مؤسسات أمريكية وسياسيين من بينهم أعضاء بالحزب الديمقراطى، وتعول الإخوان كثيرا على حلفائها من الدول الأروبية والعربية فى مقدمتهم قطر وتركيا لإدانة هذه الخطوة وتوضيح خطورة تصنيفهم بالإرهابيين.
يأتى ذلك بالتوازى مع هجوم الجماعة وأنصارها ضد «ترامب» إعلاميا، بالإضافة إلى مشاركة عناصر تابعة لها فى حملات للتظاهر يقوم بها معارضون أمريكيون للرئيس الأمريكى، وقد تصدر القيادى الإخوانى عبد الموجود الدرديرى فى فبراير الجارى إحدى المظاهرات الأمريكية التى تم تنظيمها لما يسمى المناهضة لعنصرية الحكومة الأمريكية ومنعها للمسلمين!، وقام الدرديرى – المعروف كونه خطيبا مفوها، فالرجل يجيد الإنجليزية بطلاقة، ويجيد الحديث إلى أعداد غفيرة من الجماهير بكل طلاقة وهدوء–بإلقاء كلمة عن خطورة ما سيتعرض له المسلمون فى أمريكا من قرارات الرئيس الأمريكى.
من جانبه، عقب خالد الزعفرانى المتخصص فى الحركات الإسلامية، على هذه التحركات بقوله: التنظيم يراوغ فى رسالته للإدارة الأمريكية لعدم اعتبار ترامب الإخوان منظمة إرهابية، وخوف الجماعة يأتى بسبب أن حظرهم فى الولايات المتحدة الأمريكية سيجعلهم مطاردين.
وأضاف: سيكون لتصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» تداعيات قانونية قادرة على تقليص نفوذها، إذ سيؤدى ذلك إلى تجميد التمويلات المرتبطة بالجماعة فورا، بالإضافة إلى إمكانية توجيه تهم جنائية إلى الأشخاص المنتمين لها، وقد يواجه الأشخاص غير الحاملين للجنسية الأمريكية خطر الترحيل من البلاد حتى إذا كانوا يحملون تأشيرة إقامة قانونية، وقد يمنع المهاجرون المنتمون للتنظيم من دخول الولايات المتحدة.
وأوضح «الزعفراني» أن انتقاد منظمة «هيومان رايتس ووتش» لمحاولة الإدارة الأمريكية تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية أمر طبيعى ومتوقع، مؤكدا أن المنظمة أكبر داعم للإخوان، وأنها تسير على نهج إدارة أوباما السابقة فى التعاطف مع الإخوان والحرص على تقديم الدعم لهم بشتى الطرق.
وتابع: هناك حالة من القلق داخل الإخوان من صدور هذا القرار الذى بلا شك سيضعف كثيرا التنظيم الدولى كونه يعتمد بشكل رئيسى على حضوره ونشاطه فى الدول الغربية والولايات المتحدة وتركيا، ويعتبر مشروع القرار من أشد القرارات على الجماعة الذى سيكون له ما بعده لأن الجماعة فى هذه الحالة ستعانى فى الداخل العربى، وستعانى كذلك فى الداخل الغربى والأمريكى الذى كان يدعم الجماعة وقت تدهور أوضاعها فى البلاد العربية، لتصبح أزمة الجماعة مركبة ومعقدة.
من جانبه قال سامح عيد المتخصص فى الجماعات الإسلامية: العلاقات بين أمريكا والإخوان علاقة وطيدة ولم تنقطع، خاصة أن قيادات إخوانية التقت أعضاء الكونجرس فى وقت سابق، كما أن هناك علاقة مادية تمويلية بين أمريكا والإخوان، والجميع يعلم أن أمريكا تعاملت مع الإخوان كملف مخابراتي، وهناك تحالفات سرية وغامضة عقدتها الولايات المتحدة على امتداد عدة عقود لرعاية وتشجيع التيارات الإسلامية الراديكالية، ورغم أنه قد سادت السياسات الأمريكية حالة من التخبط والارتباك عقب أحداث١١ سبتمبر لكنها لم تغلق أبدا أبواب التقارب مع تلك الحركات الجهادية الإسلامية.
«عيد» شدد - فى سياق حديثه- على أنه ستكون هناك عدة نقاط هامة أمام الإدارة الأمريكية حال صدور هذا القرار، منها كيفية التصرف مع أفرع الجماعة التى تنتمى لها فكريا وتنظيميا وتتواجد فى الحكم فى عدة بلدان عربية، مثل المغرب وتونس، وكيف سيكون قبول هذا القرار من دول حليفة تستقبل الإخوان وتتعاون معهم، مثل تركيا وقطر؟.. وتأثيرات ذلك على أفراد ومؤسسات تنشط فى أمريكا وأوربا بصورة قانونية وتحت أعين الحكومات، ومع الوضع فى الاعتبار كذلك تجربة بريطانيا فى حظر الإخوان والتى تراجعت عنها.
وأشار «عيد» إلى أنه رغم وجود توجه من الإدارة الأمريكية لاتخاذ قرار تصنيف الإخوان بالإرهابية، لا تزال هناك أصوات داخل الأجهزة الأمنية والاستخبارات الأمريكية ترى أنه لم يحن الوقت لطى صفحة الإخوان، وترى استمرار الإستراتيجية القديمة باحتوائها بكل تشعباتها الإقليمية وامتداداتها الدولية، لتوظيفها فى العلاقات المتقلبة مع أنظمة وشعوب العالم العربى والإسلامي.