الجمعة 24 مايو 2024

أزمة الحكومة مع ١٥ مليون كلب ضال فى مصر

16-2-2017 | 10:21

تقرير:رحاب فوزى - سما الشافعى

أثار مشهد قتل الكلاب الضالة باللحوم المسمومة داخل حرم جامعة القاهرة، غضب طلاب وناشطين مُهتمين برعاية الحيوان، ولم يكن د. جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة أقل من غضب الطلاب والناشئين وأصحاب القلوب الرحيمة، تعرض د.نصار لحالة نفسية سيئة واكتئاب شديد فور رؤيته لمشهد الكلاب المسمومة ، خاصة أنه كان قد طلب من محافظة الجيزة مساعدته فى التخلص من الكلاب الضالة .. فحدث ما حدث .. تمت إزالة السموم التى قتلت الكلاب الضالة فى حرم جامعة القاهرة بتعليمات د.جابر نصار، الرجل «دمعته قريبة» ولا يستطيع أن يرى هذا المشهد، ناهيك عن أن يتسبب فيه .. ! ، من جانبها وقالت الإعلامية منى خليل رئيس مجلس إدارة جمعية الرفق بالحيوان فى مصر، ندافع عن حقوق الحيوان منذ ١٥ عاما، ولم يتم الالتفات إلى أى دعوة له من قبل المسئولين، مضيفة: هذه الأعوام قضيناها فى محاولات لإقناع المسئولين بخطورة التعامل مع الحيوانات الضالة، على الأخص، بشكل يبتعد عن كل القيم والمبادئ الإنسانية.. وما زال الأمر كما هو عليه.

مشيرة إلى وجود قوانين تقر بالتخلص من الحيوان الضال بالسم، وكأنه لا يوجد سبيل آخر لرعاية هذه الحيوانات خاصة الكلاب والقطط التى توجد فى الشوارع المصرية باختلاف المناطق، وهى أيضا الحيوانات التى لا تجد طعاما أو أى نوع من الرعاية، بعضها نشأ فى الشوارع، والبعض كان ملكا لأشخاص وتم التخلص منه أو الاستغناء عنه، وبعضها ضاع من أصحابه وفى النهاية مصيرهم فى الشوارع ليطلق عليهم لقب ضال.

وعن الحل للتخلص من أخطار الحيوانات الضالة، قالت «خليل» هناك أكثر من طريقة أهمها، تحديد أماكن لإيواء هذه الحيوانات مثل جمعية الرفق بالحيوان التى تأوى عددا كبيرا منهم، وخاصة الحيوانات المريضة التى أصبح وجودها فى الشارع خطرا على حياتها، وأيضا على حياة الناس التى تعيش أو تمر من نفس المكان، لأن الأمراض منتشرة بين الحيوانات الضالة مثل الجرب والسعار والبروسيلا وغيرها، وكلها يمكن علاجها بالرعاية الطبية السليمة، وأيضا هناك التطعيم ضد السعار أو الأمراض الأخرى، وهو أمر لن تعجز عنه الجهات المسئولة لو تم اتخاذ القرار المناسب.

لافتة إلى أنه يوجد حيوانات أخرى تستحق العناية الطبية والحماية من الأمراض وهى موجودة بالشوارع بلا معين، ومنها «الحمير والقطط» التى يستغنى عنها أصحابها أو تضيع منهم، وفى كل الحالات تتخلص الجهات المسئولة من هذه الحيوانات بالسم وأحيانا بالقتل أو الضرب حتى الموت، ولا تتدخل لمنع إيذاء المواطنين لهذه الأرواح التى لا ذنب لها فى وضعها بالشوارع بلا مأوى.

وحول وجود تواصل مع الجمعية من قبل الجهات المسئولة لتطعيم الكلاب الضالة، أوضحت «خليل» حدث ذلك منذ عامين، ووقعت جمعية الرحمة بالحيوان اتفاق مع الهيئة العامة للطب البيطرى بهدف تطوع متدربين من الأطباء لتطعيم كلاب الشوارع الضالة، وبالتالى نأمن شر أى مرض يصيبها يتسبب فى إيذاء المارة، وبالفعل خلال ٤ أشهر تم تطعيم الكلاب الموجودة فى منطقة «عباس العقاد» بمدينة نصر، ثم كان القرار المفاجئ من نفس الهيئة بقتل الكلاب الموجودة بنفس المنطقة بالسم بالطريقة المعتادة وضاع المجهود الذى بذلناه فى شهور.

فى هذا السياق كانت قد أعلنت الهيئة العامة للخدمات البيطرية منذ عام ٢٠١٤ تخليها عن مبدأ قتل الكلاب الضالة واستخدامها أسلوبًا جديدًا يعتمد على التعقيم بدلًا من القتل حتى لايحد زيادة فى اعداد الكلاب وهو اجراء يمنع توالد الكلاب.

وبرغم ذلك وحصر جميع الكلاب الضالة فى مصر التى تتراوح من ١١ إلى ١٥ مليون كلب تقريبًا، تم إعدام ٢٧٧١ كلبًا ضالًا بسم الاستركتين وطلق الخرطوش، وفى إطار الحملة التى تستهدف إعدام ٢٠ ألف كلب ضال سنويًا، وطالبت الجمعية بالتخلص من الكلاب بطرق أكثر رفقًا وعدم تعذيبها.

يقول الدكتور، عمر فودة، عضو الجمعية المصرية لمعونة ومساعدة الحيوانات، إن هناك حفلات ضرب مبرح يقوم بها بعض الشباب كإثبات رجولة وعدم خوف من الكلاب، والكارثة الأكبر أن هناك من يضع للحيوانات سمًا فى الأكل حتى تموت بحجة أنها قد تكون مسعورة، وتقوم بعقر سكان وأهالى الشارع.. ويتابع، أنه من خلال عمله فى عدة جمعيات تهدف لجمع الكلاب الضالة من الشوارع لحمايتها من التعذيب، لكن لن يتغير الأمر أبدًا إلا إذا قررت الحكومة المصرية أن تقوم بحملة قومية لتوعية الناس على أن تعذيب الحيوانات جريمة.

لأنها مشاهد مؤذية نفسيا عندما يتم تجمع الأطفال حول كلب شارع بعد أن يوثقوه بالحبال، فيحاول أحدهم إضرام النار فى ذيله.

ويقول شريف عبد الرحمن، الناشط فى مجال حقوق الحيوان ومتطوع فى عدة جمعيات مهمتها حماية كلاب الشوارع، إنه يعطف على كلاب الشوارع والمريض منهم يقرر علاجهم وتربيتها فوق سطح منزله.

وعلى الجانب الآخر تقول أسماء، ربة منزل: «تعرض ابنى للعقر من كلب ضال بالشارع فى وضح النهار وفى مكان سكني، فنصحنى كل من شاهدوا الواقعة بالذهاب للمستشفى المركزى مدينة ٦ أكتوبر للحصول على مصل داء الكلب.

وهناك وجدت الكثيرين من أهالى أكتوبر وأجوارها، الذين جاءوا لنفس السبب, عندما سألت أخصائية التمريض بالمستشفى عن عدد الحالات الواردة لغرفة التطعيم، أخبرتنى بأن المترددين على غرفة المصل كثيرون، ويصل عددهم إلى ما بين ١٥ إلى ٢٠ حالة يوميا، وكل الحالات تدون فى دفاتر خاصة بمستشفى أكتوبر المركزى.

وقال مواطن آخر: «أنا من قاطنى مدينة نصر شارع عبد الحميد عوض، المنطقة السادسة، وهناك كمية كبيرة جدًا من الكلاب الضالة فى الشوارع، لدرجة وجود صعوبة المشى خاصة للأطفال والسيدات، وزوجتى اتصلت بالحى والطب البيطرى أكثر من مرة بدون جدوى.

قال دكتور، شريف، أستاذ علم النفس، إن «الرفق» قيمة إنسانية وأخلاقية لم يتعوَد عليها الناس فى مجتمعنا المصرى، على الرغم من وجوده بطبيعة الحال فى معظم الناس، التى تظهر بين الأشخاص وبعضهم، الرحمة تدخل فى تركيبة البشر البيولوجية، لكن الناس تعودوا على ما رسخته البيئة من حولهم من تصرفات أسوأ، أسهمت فى خلق غلظة القلب والعنف، لدى الشعوب العربية وليس المصرية فقط.

ويضيف خبير علم النفس، حلول لتلك المشاكل فى نفوس الآخرين، وهو الاقتداء بأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك يجب تسليط الضوء على سلوكيات الرفق والرحمة بالحيوان، حتى يقتدى بها الآخرون خاصة فى صغرهم حتى ينشأوا عليها، والقدوة بالأحاديث النبوية والقصص، التى تضمنتها الأديان، وتطبيقها عمليًا وليس حفظها كنصوص فقط.

ويتابع: «شعبنا بطبيعته متدين»، فإذا وجد نماذج حية وقدوة سار خلفها، من خلال وضع برامج موجهة يقوم بها متخصصون فى التربية وعلم النفس والاجتماع، تحاول أن تعلم الأطفال والتلاميذ القيم وترسيخها فى نفوسهم وتطبيقها عمليًا.